الاتجاه الصحيح في المُظاهرات العلوية

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

(بعد المداولات التي جرت بين أطراف المعارضة حول الطوائف والأديان ، وأهمية تجاوز الجراح وضرورة تفّهم الآخر، وبعد التوصل الى الكثير من التفاهمات بضرورة بناء سورية بسواعد جميع أبناءها ونبذ المتسلطين من الأسرة الحاكمة وأعوانها ، تمهيداً لبناء سلطة مدنية تحترم جميع حقوق الطوائف والطيف السياسي وحقوق الإنسان عبر طاولة حوار يجتمع عليها كل الكتل الوطنية السورية لصياغتها ، هاهي المظاهرات بدأت تعم مناطق إخواننا العلويين منددةً بالأسرة الحاكمة ، ومطالبةً في الوقت نفسه بالإنفتاح بعدما عرفوا الحقيقة وكشفوا زيغ السلطة وأكاذيبها وألاعيبها من أنهم مُستهدفون ، لعزلهم عن أبناء شعبهم ولاصطفافهم وراءهم).

هذه المظاهرات تأتي تعبيراً عن أجواء المصالحات مابين قوى المعارضة وتفاهماتها، وتأتي في ظل تفهم العُقلاء في الطائفة العلوية بأن الحال لايدوم ولابدّ من ترتيبات جديدة ، تضمن للعلويين وضعاً مُحترما في ظلّ الدولة السورية الجديدة القادمة لامحالة ، والتي لاحت بوادر انبلاجها في سورية ، فصارت ترى بأنه لابد من التقارب مع أطياف الشعب السوري وألوانه ، ونبذ حكم بشار الطاغوت، وأنه لامصلحة لها بأن تُحشر في زاوية هذه الأسرة المتسلطة التي أساءت لها كثيراً ، وارتكبت بإسمها الفظائع الشنيعة ، وآن لها أن توضّح للناس بأنها بريئة من هذا النظام ، فوجدت السبيل الى ذلك في خطوة كما وصفها المحللون تصاعدية ، بدأت برفع صور رفعت الأسد كونه من الطائفة ، تمهيداً لكسر الطوق ، والإلتحام مع الجماهير

وطالب المتظاهرون في المظاهرة بعودة رفعت الأسد من المنفى لتسلمه زمام الأمور ، وهذا يعني بداية تخلّي هذه الطائفة عن بشار الأسد لصالح رفعت عمّه ؛ الذي استطاع أن يكُّون علاقات جديدة مع بعض المعارضات ، وأفكار جديدة تجعل منه ومن حزبه أكثر قبولاً للتمثيل العلوي في أوساط المعارضة ، المُطمئن لهم للخروج من المأزق الذي وضعها فيه نظام الدكتاتور حافظ الأسد وابنه بشار 

وكما جاء في تقرير المرصد السوري نقلاً عن السياسة الكويتية أنّ المتظاهرين رفعوا( صور رفعت الاسد وشعارات تطالب بعودته من المنفى وتسلمه لزمام السلطة قبل ان يقود الرئيس الاسد البلد الى التهلكة ويفقد العلويون سيطرتهم على الحكم.) وهذا يعني بداية الإنقسام العلوي على شخص المراهق سياسياً بشار ، واقتناعهم بأن ملف خلاصهم من الورطة التي وضعتهم فيها هذه الأسرة ، لايكون إلا على يد من عاركته الأيام أكثر ، وصار أكثر خبرة ووعياً في إدارة هذه الملفات للخلاص، واقتناعاً بمشاركة الجميع حقناً للدماء عبر الجهد لطي صفحة الماضي عبر الحوار البنّاء والتفاهمات مع القوى الفاعلة في الأرض السورية، وارتضائه بأن يكون لاعباً في ادارة دفة السياسة في سورياً وليس مستبداً كما كانت العقلية السائدة في أواخر القرن الماضي

وهذا التطور الجديد ، والذي سيتبعه تطور آخر وأعمق ، وخاصة بعد اعتقال بعض المتظاهرين ، وقمع الأخرين بكل الأساليب الوحشية ، والذي سيّولد نقمة عارمة ، قد تؤدي برصاصة طائشة في رأس بشار أو نظامه من أحد الغيورين على مصلحة البلد ،أو انقلاب أبيض ، أو مالم يُحسب عُقباه لصالح الشعب السوري، وهذا التطور لم يكن لولا شعور العلويين بالأجواء التصالحية الجديدة التي تجري في الساحة الداخلية والخارجية للمعارضة وبما فيهم قيادات من الطائفة العلوية، والذي فاجأ بشار ونظامه ، الذي كان يتوهم بأن العلويين  سنده الحقيقي ولنظامه ، وأنه يستطيع استغفالهم الى الأبد، وتفاعلاً مع هذا التوجه الذي كان تحت الرماد وبدأ يتفجر في هذه الطائفة الكريمة، تقع على المعارضة مسؤليات جسام لاستغلاله لصالح الوطن الكبير الذي يتسع جميع أبنائه ، عبر عقد اللقاءات المستمرة والمكثفة مع باقي أقطاب هذه الطائفة وغيرها، للإتفاق على مرحلة مابعد سقوط اسرة بشار، والأسس التي يمكن وضعها ، للإنتقال السلمي والسلس للسلطة ، لصالح القوى الوطنية التي تضم كافة أبناء شعبنا السوري، دون اراقة دم سوري أيّا كان لونه أو معتقده أو طائفته، ولتفتح صفحةً جديدة في سماء سورية اسمها المحبة والتسامح والبناء والنظر الى الأمام والى المسقبل وفقط دون سواه.