العلاقات البحرينية الإسرائيلية

بعد لقاء جمع وزيري خارجية

البحرين وإسرائيل في نيويورك

شخصيات بحرينية: التطبيع مع إسرائيل غير وارد بسبب المعارضة الشعبية والحزبية

المنامة - خدمة قدس برس

أعرب كتاب وسياسيون بحرينيون عن قلقهم إزاء إمكانية تنامي العلاقات البحرينية ـ الإسرائيلية بعد اللقاء الذي جمع وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة مع نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني على هامش انعقاد الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بداية الشهر الجاري.

وعلى الرغم من شبه الإجماع الذي أبداه كتاب وسياسيون بحرينيون، استطلعت "قدس برس" آراءهم بشأن واقع ومستقبل العلاقات البحرينية ـ الإسرائيلية، من أن الإقدام على خطوة التطبيع العلني المباشر بين المنامة وتل أبيب لا يزال بعيد المنال في المرحلة الراهنة على الأقل، فإن ما يخشاه البعض أن تتحول القاعدة البحرية الأمريكية الموجودة في البحرين إلى حلقة وصل خفية بين تل أبيب والمنامة في الطريق نحو التطبيع.

معارضة شعبية وحزبية

واستبعد الدكتور علي محمد فخرو وزير التربية البحريني السابق في تصريحات خاصة لـ "قدس برس" أن تقدم القيادة البحرينية على اتخاذ خطوة الإعلان الرسمي بإقامة علاقات تطبيعية مع إسرائيل، وأشار إلى أن الاتصال اليتيم الذي جرى في نيويورك بين وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة ونظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني جاء على خلفية أن البحرين دولة عضو في اللجنة العربية المكلفة بالترويج لمبادرة السلام العربية، وهي لجنة تضم 13 دولة عربية، هي: لبنان، السعودية، السودان، الجزائر، تونس، البحرين، الأردن، سوريا، فلسطين، قطر، مصر، المغرب واليمن، فضلاً عن الأمين العام للجامعة العربية.

وقال إن الوقت لا يزال مبكرا بالنسبة للبحرين لاتخاذ مثل هذه الخطوة، "لأن القيادة غير مهيـأة لاتخاذها في الوقت الراهن بسبب المقاومة الشعبية والحزبية التي ستكون قوية ضدها"، وفق تعبيره.

وأوضح فخرو أن اللقاء الذي جرى في نيويورك بين وزيري خارجية البحرين وإسرائيل كان بسبب ضغوط أمريكية كبيرة، لكنه أكد أن الإدارة الأمريكية التي تحتفظ بعلاقات قوية مع القيادة البحرينية ومع كل دول المنطقة العربية "تدرك أيضا حدودها وتعرف أن طلبها من البحرين، وهي دولة عربية قصية وصغيرة، بأن تطبع علاقاتها مع إسرائيل غير مجدٍ في المرحلة الراهنة"، كما قال.

ولم يستبعد أن تكون القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين مخترقة إسرائيليا، وقال: "لا أحد يستطيع الفصل بين السياستين الأمريكية والإسرائيلية، فكل منهما يستعمل الآخر لسياساته الخاصة، وكل قاعدة أمريكية من الممكن أن تستعملها إسرائيل في أي لحظة، سواء في البحرين أو الكويت أو الإمارات أو عمان"، حسب قوله.

ومعروف أن البحرين، الحليف المقرب من الولايات المتحدة في منطقة الخليج، والتي رفعها الرئيس جورج بوش في تشرين أول (أكتوبر) 2001 إلى مستوى "حليف كبير من خارج الحلف الأطلسي", تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، الذي يعمل فيه نحو خمسة آلاف أمريكي أغلبهم من العسكريين.

وأوضح فخرو أن "المناخ السياسي البحريني لا يدعو إلى اللهث وراء توطيد العلاقات مع أمريكا التي يعرف الجميع أن جسرها يمر حتما عبر إسرائيل، لأنه لا يوجد دافع سياسي داخلي لذلك، على خلاف ما هو الأمر بالنسبة لقطر مثلا، التي أدى فيها الصراع بين الأب وابنه على السلطة إلى توطيد العلاقات مع أمريكا عبر إسرائيل لحفظ الاستقرار في البلاد"، حسب تعبيره.

لا فكرة لإقامة علاقات

من جهته نفى أنور عبد الرحمن رئيس تحرير صحيفة "أخبار الخليج" اليومية في تصريحات خاصة لـ "قدس برس" وجود أي علاقة بين البحرين وإسرائيل من أي نوع كان، وقال: "ليست هناك أي علاقة بين البحرين وإسرائيل، حيث أنه لا المجتمع البحريني ولا القاعدة الفكرية التي تقوم عليها الدولة يمكن أن تفكر حتى مجرد التفكير في إقامة علاقات مع إسرائيل".

وميز عبد الرحمن بين طريقتين في التفكير قال إنهما تساعدان على فهم الموقف البحريني من العلاقة مع إسرائيل، وقال: "نحن لا نفكر بعقلية ما قبل 1967، وإنما نفكر بعقلية عصرنا، إذ لا يمكن لمن يقول لك صباح الخير أن لا ترد عليه، ولا يمكن للبحرين أو أي دولة عربية تجد فرصة لخدمة القضية الفلسطينية ولا تقدمها، لكن هذا لا يدعو أبدا للحديث عن التطبيع، فهذه مبالغة كبيرة وتضخيم للأمور، ونحن كجريدة وطنية عربية قومية لا نفكر بعقلية ما قبل 67 بل بعقلية نتكلم فيها مع بعض ولكن ليس على حساب قضايا الأمة".

ونفى وجود أي علاقة بين القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين وبين الحديث عن وجود علاقات بحرينية ـ إسرائيلية، وقال: "وجود البحرية الأمريكية كقطع خدمات، قائم من قبل الحرب العالمية الثانية، ومعروف أن لبريطانيا وأمريكا حضور في بحر الخليج، أما الربط بين هذه القاعدة والعلاقات مع إسرائيل فتلك مبالغة قاسية جدا"، كما قال.

وأشار عبد الرحمن إلى تميز المجتمع البحريني ووعيه الكبير بطرق وأساليب التفكير الغربية، وقال: "البحرين حجمها صغير، ولكن طاقاتها الفكرية متقدمة، ونحن ننتمي إلى مدارس فكرية مختلفة ومنفتحون على الفكر الغربي، ونتكلم اللغة الإنجليزية، ونفهم الفكر الغربي ونمط تفكيره، ولكننا لا نخشى أبدا على عروبة البحرين من أي طارئ على الإطلاق، فالبحرين عربية وهي بعيدة جدا عن أن تدور في فلك الاعتراف بإسرائيل".

لكن سميرة رجب الكاتبة والإعلامية وعضو مجلس النواب البحريني، لم تنف وجود علاقة بين البحرية الأمريكية في البحرين وإسرائيل، لكنها استبعدت أن تتحول هذه العلاقة إلى علاقة مباشرة بين البحرين وإسرائيل، وأرجعت ذلك إلى المعارضة السياسية والشعبية لمثل هذه العلاقة، وقالت: "لا أعتقد أن هناك علاقة بين البحرين وإسرائيل من أي نوع، ولا أظن أن القيادة البحرينية يمكنها أن تجازف بمثل هذه الخطوة، ولا أعلم إطلاقا أن هناك أي علاقات مهما كان نوعها بين البحرين وإسرائيل، فالموقف من إسرائيل عدائي جدا في البحرين وليس سهلا تمرير أي نوع من العلاقات معها".

وأشارت سميرة رجب إلى أن البحرية الأمريكية ليست بريئة من الوجود الإسرائيلي لكنها أكدت أن ذلك يظل غير علني، وقالت: "الوعي السياسي عندنا في البحرين متقدم جدا، ومع أنني لا أبرئ القاعدة الأمريكية في البحرين من الاختراق الإسرائيلي، إلا أن ذلك يظل في طي السرّ والكتمان ولا نسمع عنه أي شيء إلا ما يتسرب من الخارج، ومع ذلك أؤكد أن البحرين تملك من الشجاعة للإعلان عن رفضها للتطبيع"، كما قالت.