يوم التضامن مع الأسير الفلسطيني
محمد فاروق الإمام
[email protected]
صادف يوم الأربعاء الماضي (27) كانون
الثاني الجاري، يوم التضامن مع الأسرى الفلسطينيين، الذي تزامن مع مرور (65)
عاماً على تحرير معسكر (أوشيفتس) النازي، أكبر معسكرات الموت التي أنشأها نظام هتلر
النازي والذي يُعتبر نقطة سوداء في تاريخ البشرية.
وهذا يعني أنه في الوقت الذي يحتفل فيه
الكيان الصهيوني بتحرير المعسكر، وتتعاطف معه دول عديدة في العالم، وتشاركه
الاحتفالات الأمم المتحدة، فإن الآلاف من الأسرى الفلسطينيين والعرب لا يزالون
يقبعون في سجون ومعسكرات هذا الكيان الذي يدعي أنه واحة للحرية والعدالة في
المنطقة، هذه السجون والمعتقلات التي هي قريبة من حيث الشكل والمضمون والمعاملة
القاسية بتلك التي كانت قائمة في معسكر (أوشفيتس) وغيره من معسكرات النازية.
إذن فإن اختيار هذا اليوم لم يكن صدفة
ولم يأتِ عفوياً، وإنما جاء للفت أنظار العالم لما يجري داخل سجون ومعتقلات
الاحتلال الصهيوني من انتهاكات فظيعة وجرائم ضد الإنسانية، ومطالبتهم بالتعامل
بمكيال واحد، والضغط باتجاه إلزام الكيان الصهيوني لاحترام الاتفاقيات الدولية في
تعامله مع الأسرى في سجونه ومعتقلاته، على طريق تحريرهم وعودتهم لبيوتهم وأسرهم.
ففي الـ (27) من كانون الثاني عام
1945م دخلت القوات الروسية معسكر (أوشفيتس) الواقع جنوب مدينة (كراكاو) البولندية،
وحررته من يد الألمان منهيةً بذلك فصلاً من أحلك فصول الحكم النازي.
ووفقاً لكافة المعلومات التاريخية فإن
نظام (هتلر) قد أعدم بداخل المعسكر آلاف الأسرى بشكل مباشر، فيما الكيان الصهيوني
أعدم الآلاف من الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجونه ومعتقلاته بشكل مباشر أوغير
مباشر، بعيداً عن عيون وسائل الإعلام ، ومارس جرائمه المروعة بحق أسرانا خلف
القضبان كمنهج وسلوك منذ عام 1948م.
ولا يزال الكيان الصهيوني حتى اليوم
يُمارس الإعدام الجماعي البطيء وغير المباشر بحق الآلاف من الأسرى المعتقلين في
سجونه ومعتقلاته، وقد مضى على بعض الأسرى داخل هذه السجون والمعتقلات عشرات السنين،
وذلك وفق منظومة مبرمجة تهدف إلى قتل الأسير معنويا ونفسياً، وتوريثه أمراض خطيرة
ومزمنة لما بعد التحرر، إن قدر له ذلك، وتحويله إلى عالة على أهله ومجتمعه، وهذا
الإعدام أخطر ألف مرة من الإعدام المباشر ولمرة واحدة كما كان يحصل في معسكرات
(النازية).
ومن المعروف أن الكيان الصهيوني لم
يُُسن في قوانينه عقوبة (الإعدام) بحق الأسرى، ولكن من يعتقد بأنه لا يمارس إعدام
الأسرى فهو مخطئ، لكنه يفضل أن يكون ذلك دون قانون صريح يجيز ذلك، تجبناً
للانتقادات الدولية، وبما يتيح له مواصلة تسويق نفسه على أنه دولة العدالة
والديمقراطية.
وإننا في هذه المناسبة ندعو المجتمع
الدولي ومؤسساته المختلفة بما فيها الأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان الرسمية
والمدنية في العالم للالتفات لما يجري بداخل سجون ومعسكرات الاعتقال الصهيونية على
اختلاف أسمائها وتعدد أماكنها الجغرافية، والتخلي عن ألامبالاة تجاه ما يجري بداخل
تلك السجون والمعتقلات، والتواطؤ مع مقترفي الجرائم بحق الأسرى، وصم الآذان أمام
صرخات ضحاياها من الفلسطينيين والعرب، والتحرك باتجاه وقف الانتهاكات والجرائم
الإنسانية بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب المحتجزين فيها.
وأخيراً نصرخ بملء أفواهنا: متى نحتفل
يا عرب بتدمير سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني ونحرر آلاف الأسرى الفلسطينيين
والعرب من سجون ومعتقلات الموت الصهيونية ؟