يا أوباما ..لقد ضللت الطريق
د. منير محمد الغضبان *
حددت أهدافك عندما جئت لتعالج أكبر أزمتين تعاني منها بلدك الولايات المتحدة :
الأزمة الداخلية الاقتصادية وهي الأزمة الأسوأ في تاريخ أمريكا منذ سبعين عاما ونيف
الأزمة الخارجية : وهي الأسوأ في تاريخ أمريكا من كثرة الأعداء الذين يكرهونها ، أو يناصبونها العداء ، أو يمشون في ركابها وأنفهم راغم ,
وأهم هؤلاء الأعداء : العالم الإسلامي الذي يرى في الولايات المتحدة الخصم اللدود له في اخطر أربع قضايا على المرجل .
القضية الفلسطينية ، والقضية العراقية ، والقضية الأفغانية ، وقضية الحرية .
وأعلنت عن رغبتك في تحويل هذا العداء إلى صداقة ومشاركة في بناء عالم حر لقيم مشتركة بيننا وبينك .
لكن ماذا نرى من مصداقية هذه الأقوال بعد مرور قرابة عام ونصف على خطابك الذي وجهته لأمة الإسلام من أكبر عواصمها استامبول والقاهرة .؟
القضية الفلسطينية : كان أملنا حين حددت موقفك ضد الإستيطان , وأنه لا مفاوضات دون إيقافه . كان أملنا أن يكون بداية التغيير في ردع إسرائيل عن غيها . وإذا بنا نراه نهاية التغيير . وعندما زارك نتنياهو أعلنت تراجعك إلى الموقف خلف إسرائيل .وأنه ليس شرطا أن تقف المفاوضات من أجل إيقاف الإستيطان ولحفظ ماء الوجه اعلن نتنياهو معك عن إيقاف الإستيطان المؤقت ،مع مضيه في بناء مئات المستوطنات التي اتخذ القرار فيها قبل لقائكما العتيد .
نحن يقظين أيها الرئيس ، ونرقب كل خطوة لك ، حرصا منا على امل التغيير إلى الأحسن ، ومع ذلك فلا نبحث وراء السطور وما خلفها إنما نبحث في السطور الفاقعة الحمراء ، والتي تعلن فيها حمايتك لأمن إسرائيل ، وجاهزيتك لتنفيذ تبعات
أمريكا تجاهها ، ولو أدانها شعوب العالم بالإعتداء . ولاحق رؤساءها قضاء هذه الأمم للقبض عليهم بصفتهم مجرمي حرب ، وأقر مجلس حقوق الإنسان أنهم مجرمون قتله .
،وحال مندوبك دون وصول هذا القرار لمجلس الأمن ومناقشته .
وأخيرا ها أنت تقدم هديتك للنظام في مصر في وضع جدار فولاذي ، بينه الشقيقتين مصر وقلسطين على حدود غزة ، وأرسلت خبراءك والمواد الللازمة لتنفيذه ، لتحكم القبضة على غزة ، وتشارك في إبادة مليون ونصف بحيث لا يصلهم القوت ولا شرايين الحياة تحت ذريعة تهريب السلاح .
ما نعتقد أنك اختلفت ذرة واحدة عن سلفك بوش إن لم نقل زدت عليه .
اما العراق .. فماذا فعلت غير الذي فعله سلفك الذي وقع مع النظام الحاكم في العراق وثيقة الخروج منها بعد عامين ، بحيث تكونا قد أحكمتما تدمير العراق بإشعال نار الحرب الطائفية فيه ، ووقفتم متفرجين على احتلال بعض آباره النفطية ، من جارته إيران . ومهمة حماية العراق من الاعتداء حتى الآن هي مسؤوليتك ،بعد أن دمرتم البنية التحتية الكاملة لقوام الدولة العراق ، واستنزفتم ثرواته .
وأما القضية الأفغانية فقد فقت سلفك في إشعال الحرب في باكستان بين جيشه وشعبه وتحت ذريعة حرب الإرهاب كلما فتحنا القنوات الفضائية نواجه بآثارك الجديدة ، من الآمنين العزل المقتولين من النساء والشيوخ والأطفال في الدول الإسلامية التي تحتلونها ، والتي تعلنون عن إرسال عشرات الألوف من الجنود والعساكر لدعم احتلالها .
وأخبرا : سندك للأنظمة الدكتاتورية في العالم الإسلامي بما كان يستحي منه سلفك السابق .
أيها السيد الرئيس :
إن كان حزبك قد غلبك وكان اللوبي الصهيوني أكبر منك ، فاعذرنا أن تهتز ثقتنا كثيرا فيك وفي قدرتك على التغيير إن لم يظهر لنا شيء مغاير لما نراه ، فالجواب عندنا ما نراه لا ما نسمعه .
ومع هذا كله لا يزال عندنا بصيص أمل في أن تحول قولك السابق إلى عمل يتطابق معه ، فقد مللنا الكلام المعسول والدجل . إننا أيها السيد الرئيس واعون ويقظون وإنا لمنتظرون .
* باحث إسلامي سوري