وقفة مع خطاب القسم الثاني
وقفة مع خطاب القسم الثاني
د.خالد الأحمد *
بصعوبة أكملت قراءة خطاب الرئيس بشار ، وقد ذكرني بدراسة الكتب الجامعية لمادة لانحبها ، نقرأها كي ننجح فيها ، لذلك نلزم أنفسنا بقرائتها وفهمها والامتحان فيها .
وحاولت أن أجد كلمة ( إيــران ) مدحاً أو ذمـاً فلم أعثر عليها ، وشككت في عينيي ـ المحمرتين من الحساسية ولله الحمد ـ فوضعت خاصة البحث الحاسوبية ، وطلبت من الحاسوب أن يبحث عن لفظ ( إيران أو الإيراني أو الإيرانية أو الإيرانيون ) في خطاب القسم الثاني ، وفي كل مرة يقول لي الحاسوب ( لم يتم العثور على عنصر البحث ) ، أي لم أجـد مايدل على النظام الإيراني في خطاب القسم الثاني ... وعجبت ... كيف لايمدح الرئيس بشار النظام الإيراني ،الذي وضع فيـه البيض السوري كلـه ، النظام الإيراني الذي يراه في الحرس الثوري حول دمشق ، وحول القصر الجمهوري ، ويراه في ( الملالي ) يملأون مساجد سوريا ، ويراه في آلاف الفرس والفارسيات يملأون دمشق وحلب وغيرها ، النظام الإيراني الذي ظن بشار أنه سيحميه من حبل المحكمة الدولية ، وكيف ينسى ذكر هذا المصطلح الذي يملأ سوريا ، سوريا الأرض ، والاقتصاد ، والثقافة ، والعقيدة ، وحتى الجيش ... أينما توجهت اليوم تجد الإيرانيين في سوريا ، تجدهم في أماكن تواجد الشيعة القدماء ، والشيعة الجدد ، وتجدهم حيث لايوجد شيعة البتة ، تجدهم في المؤسسات الثقافية والاقتصادية والعسكرية .... والحديث عنهم يملأ المجالس والشوارع وكل مكان ...إلا تفكير بشار الأسد فإنه خال من هذا المصطلح ، فما سـر ذلك ...
وحسب ماعودنا النظام الأسدي عند الأسد الكبير والأسد الصغير ، الذي رسخ مفهوم ( غمز على اليسار واذهب يمين )، تماماً كما كان بشار يصرخ بالمقاومة والممانعة ، خلال السنوات القليلة الماضية ، ويحرض حزب الله على محاربة الصهاينة ، ويرســل المبعوثين يتذللون لأ ولمرت من أجل استئناف المفاوضات بدون قيد ولاشرط ، صرنا نفهم مايقوله النظام الأسدي ، فالمقولة الإيرانيـة تملأ سوريا ، وتجدها في كل مكان ، وعلى كل لسان ، خطر ماحق ينذر بتحويل سـوريا إلى جحيم ، ويذكرنا بإسماعيل الصفوي الذي جعل الشيعة في إيران ثلاثة أرباع السكان والسنة ربع فقط ، بعد أن كان أهل السنة ثلاثة أرباع والشيعة ربع فقط . فهل يريد بشار أن لايلتفت أحد من المواطنين داخل سوريا أو خارجها ، أو أن لايلتفت أحد من العرب خارج سوريا إلى الخطـر الماحق الذي يهدد العرب كافة ، في سوريا ، وفي المنطقة العربية عامة ، والشرق الأوسط خاصة ، حيث يعمل بشار وأحمدي نجاد وحسن نصرالله على إقامة الشرق الأوسط الجديد ، ورسم الهلال الشيعي ، الذي يحيط بالعرب في الجزيرة العربية من شمالهم ، وشرقهم ، ويحصرهم من الشرق والشمال ، بينما تحصرهم الصهيونية من الغرب ، ويقذفونهم إلى وسط الصحراء العربية ، كما يحلو ليهود وأعوانهم ومنفذي مخططاتهم ...
وهل هناك اليوم أمـر أكثر أهمية من أمر ( نشـر التشيع ) المدعوم من قبل النظام الأسدي !!!؟ وهل هناك من خطر أكبر من هذا الخطر !!! فلماذا لم يفطن له بشار !!؟
الواقع الذي أفهمه أن ( نشر التشيع في سوريا ) خطر ماحق للعرب في سوريا وخارجها ، ولكنه ليس خطراً على بشار ، لأن بشار لاتهمه سوريا ، ولايهمه العرب ، ولا أقول هذا عاطفة ، بل قولاً مدعوماً بالبراهين ، فقد وقف الأسد الكبير مع الفرس الإيرانيين ضد الشعب السوري ، عندما منع تصدير النفط العراقي عبر سوريا ، خلال الحرب العراقية الإيرانية ، أو قل الحرب العربية الفارسية ، وحرم الشعب السوري من دخل قدره (650) مليون دولار سنوياً ، كعائدات تدخل الخزينة السورية من خط النفط العراقي ... ثم وقف مع الفرس ضد العرب عندما ساعد الفرس ضد العرب العراقيين ، وسمح للطائرات الفارسية أن تهبط في قواعد سورية في البادية السورية ، كي تتزود بالوقود والصواريخ ، وتعود فتقصف العراق ، ثم تهبط في إيران . ثم وقف مع الصهيونية الأمريكية الإمبريالية ضد العرب العراقيين في معركة عاصفة الصحراء ، وأرسل قواته وأزلامه يقاتلون جنباً إلى جنب مع قوات المـارينـز ضد الجيش العراقي ( البعثي العربي ) ، ومن البدهي لكل ذي بصيرة أن النظام الأسدي زمن الأسد الكبير والأسد الصغير لاتهمه مصلحة العرب ، بل يهمه تفتيت العرب ، وتمزيقهم ، كما يفعل في لبنان ، والعراق ، منذ بضع سنوات ...
فمتى يصحو حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا ، متى يستيقظ الرفاق البعثيون !!؟ متى تتحرك دماء العروبة في عروقهم ، ويتخلون عن هذا النظام الحاقد على العرب والمسلمين ، مهما تظاهر بالممانعة ، والمقاومة ، ومهما صرخ بالشعارات الفارغة التي عودنا عليها منذ بضعة عقود ...
ومتى يصحو العرب إلى هذا الخطر الداهم لهم من الشمال ، من بلاد الشام ، من عاصمة الأمويين ، قلب العروبة ، التي يريد النظام الأسدي تحويلها إلى مركز صفوي ، يلتف على العرب في جزيرتهم ...
متى يصحو العرب في سوريا ، وفي خارج سوريا ، كما صحا اللبنانيون ، ويطردون هذا النظام الأسدي من دمشق ، قلب العروبة النابض ....كما طرده اللبنانيون من بلادهم ، وحرروها من ذلك الخطر الجاثم على صدورهم بضعة عقود ، بعد أن نهب البلاد وقتل العباد ....
* كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية