الرهائن الكوريون...ابعاد ودلالات الحدث

الرهائن الكوريون...ابعاد ودلالات الحدث

د. ياسر سعد

[email protected]

ورد ذكر كوريا الجنوبية في وسائل الاعلام العربية وبشكل متزامن في حدثين منفصلين, الاول حول اخبار المنتخب الكوري الجنوبي في تصفيات كأس اسيا والتي شارك فيها العديد من المنتخبات العربية وحازت على اهتمام وسائل اعلام الدول المعنية بشكل واضح. اما الحدث الثاني فكان عن خبر اختطاف حركة طالبان ل 23 رهينة من كوريا الجنوبية. وبين الخبرين يظهر التناقض الصارخ والذي تعيشه امة تحاصرها اخطار تهددها وجودا وتتهددها أمنا وسلامة واستقرارا. فمع زيادة احتمالات تفجر حرب جديدة قد تأكل الاخضر واليابس ومع تصاعد اشتعال الحريق العراقي مما يخشى من انتقاله الى مناطق اخرى من عالمنا العربي, الضعيف مناعة والخائر قوة, كنتيجة طبيعية لحكم انظمة سياسية قمعية موغلة في الفساد تتحكم في البلاد وتستعبد العباد من عقود عجاف. في هذه الاجواء والمفترض انها مثيرة للقلق الكبير ننتشي بالانتصارات الكروية الرائعة وتنتشر في بلادنا مهرجانات الغناء والرقص وتتعدد ليالي ألانس والطرب وتتوالد الفضائيات العابثة والماجنة وتتكاثر بطريقة عجيبة.

وإذا ابتعدنا عن الصورة العامة لإحوال الامة وتأملنا حادثة خطف الكوريين الجنوبين في افغانستان والتي جاءت بعد خطف رجلين المانيين وما تبعها ورافقها لتمكننا من رصد النقاط التالية:

-   المقاومة الافغانية تزداد بأسا وضرواة وقد انتقلت من حالة الدفاع الى وضعية الهجوم واصبحت تمتلك زمام المبادرة وتطرح على الساحة الافغانية مطالبها وبرامجها.

-   تأثر المقاومة الافغانية الواضح باساليب وطرق المقاومة العراقية من استخدام المتفجرات والالغام شديدة الانفجار الى اختطاف رعايا الدول والتي لها قوات على الارض والمطالبة بسحب قواتها مما يحرج حكوماتها امام الرأي العام المحلي.

-   التخبط الكبير للحكومة الافغانية من خلال تعاملها مع هذا الملف ومع غيره وترددها ونشرها لإخبار ومزاعم غير صحيحة فلقد اعلن مسؤول في وزارة الدفاع الافغانية ان قوات امنية حاصرت الموقع الذي يحتجز فيه مسلحون من اختطفوا في افغانستان ثم اتضح ان الخبر غير صحيح. مما يظهر عجز الحكومة والتي نصبها الامريكيون بإنتخابات مبرمجة وانها فشلت تماما في اداء دورها المطلوب امريكيا.

-   التحرك الكوري السريع وارسال وفد رسمي يضم ثمانية افراد، من بينهم نائب وزير الخارجية، ومستشار لرئيس الدولة، وعدد من الدبلوماسيين. قيمة المواطن ومكانته وظاهرة الحرص الرسمي عليه انتقلت من العالم الغربي الى كوريا وغيرها. الدول العربية بقيت عصية ومستعصية على هذه الظاهرة الصحية فنادرا ما نسمع بمواقف حكومية عربية تصب في السعي لتأمين الافراج عن مواطنيها او متابعة قضاياهم خارج بلادهم بل ان بعض الدول العربية رفضت استلام مواطنيها من معتقل غوانتناموا بعد ان ثبتت براءاتهم ضمن المعايير الامريكية القاسية والمجحفة. هذا اذا لم نذكر حالات كثيرة من الانتهاكات لحقوق المواطن وكرامته والتي تتم في معتقلات بلاده "الوطنية".

-   الكوريون الجنوبيون وبينهم عدد من النساء يتبعون لهيئات الخيرية المسيحية اي جمعيات تنصيرية, ولك ان تتخيل حجم الهجوم التنصيري على افغانستان إذا كانت كورية تشارك فيه بهذا الحجم والفاعلية. الهجوم التنصيري يأتي مع هجوم شرس ومتواصل على الهئيات والجمعيات الاسلامية الخيرية تحت مسميات الحرب على الارهاب لندرك ان الهدف الرئيس لتلك الحرب, الاسلام عقيدة ومكانة واتباعا.

افغانستان تشتعل والمقاومة تزداد صلابة حتى ان تقريرا عسكريا بريطانيا صدر حديثا اشار الى ان الجيش البريطاني منهك وان موارده وان كانت جيدة ألا انها لم تعد كافية جراء العمليات العسكرية في العراق وافغانستان. وليس من المستبعد ان ينتقل تأثير المقاومة الافغانية - كما حدث مع المقاومة العراقية في انتخابات الكونغرس الامريكي- الى عواصم الدول المشاركة في الوجود العسكري لتفرض نفسها على نتائج الانتخابات كما يتوقع للانتخابات الكندية في المستقبل القريب. مما يشير لبدء العد التنازلي لهزيمة الناتو بقيادته الامريكية خصوصا مع الاستياء الشعبي الكبير في افغانستان من عمليات القتل الكبيرة والتي تطال الكثير من الابرياء ومن الانتهاكات المتواترة لحقوق المعتقلين من المشتبه بهم, ومع فشل الوعود الامريكية الزائفة كما الحال في العراق في تحقيق رخاء موهوم او استقرار مزعوم للدول الواقعة تحت احتلالها العسكري.