سوريا تحكمها منذ عقود عصابة
حركة العدالة لرئيس الوزراء التركي ...
حولتها إلى سجن كبير
حركة العدالة والبناء في سوريا
السيد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، أكتب إليك هذه الرسالة وكلنا فخر بالنجاحات الباهرة لتركيا الشقيقة على كافة الأصعدة، آملين أن تكون تركيا واحة لنشر قيم الديمقراطية وحقوق الانسان في الشرق الأوسط. أكتب إليكم هذه الرسالة وعشرات الآلاف من السوريين وعائلاتهم منفيون عن بلدهم سوريا بشكل قسري لأكثر من ثلاثة عقود، يعيشون حياة الغربة والتشرد بسبب الحكم الشمولي الاستبدادي في سوريا المجاورة لكم،
أكتب إليكم وسوريا كلها تعيش في سجن كبير تستأثر بحكمها عصابة مستبدة ظالمة، أكتب إليكم والمقابر الجماعية ممتلئة بجثث الأبرياء من ضحايا النظام السوري، أكتب إليكم وعشرات الآلاف من العائلات لا تزال بانتظار معرفة مصير ذويها، أكتب إليكم والجسد السوري مثقل بجروحه، حيث لم يترك هذا النظام عائلة إلا ونكبها.
وهنا أود أن أضع بين أيديكم بعض الحقائق لعلها تكون مفيدة في تعاملكم مع النظام السوري خدمة للشعبين السوري والتركي ووفاءاً لحق الجيرة وأملاً في أجيال المستقبل:
1- إن سوريا تعيش حالة طوارئ منذ عام 1963 ويستأثر بها حزب البعث الذي نصب نفسه قائداً للدولة والمجتمع في سابقة لم ترقى إليها أكثر البلاد طغياناً واستبداداً وقهراً. وبالتالي فإن الدستور معلق، والقضاء معطل، حيث يُعتقل آلاف الأشخاص ويرمون في السجون لعقود دون محاكمات، وإن نصبت محاكمات فهي محاكمات صورية لا علاقة لها باحترام حقوق الانسان وكرامته، وأبسط شروط القضاء الإنساني.
2- إن النظام السوري الذي استفاد من دول الخليج العربي، هو ذات النظام الذي مكن لوجود إيران في المنطقة العربية بشكل عام وعلى الساحتين السورية واللبنانية بشكل خاص. وأصبحت دمشق نقطة التقاء النفوذ الإيراني بأتباعه في المنطقة العربية ونقطة عبور لهم. وأضحى التغلغل الإيراني في مؤسسات اتخاذ القرار في سوريا دليل على المدى الاستراتيجي الذي يربط النظام السوري بالنظام الإيراني، ودليل على أن هذه العلاقة هي الثابت في السياسة السورية مقابل علاقات متحولة غير ثابتة مع بقية الدول ومنها تركيا. ويسعى النظام إلى إيهام زائريه بأنه جاهز لفك هذا الارتباط مقابل الثمن المجزي.
3- منذ عقود والنظام السوري يرفض التصالح مع المعارضة السورية والقبول بها كحقيقة واقعة على الأرض. فقد قام بسجن عدد كبير من قادة إعلان دمشق رغم مطالبتهم السلمية بحقوقهم كمواطنين. إن مشكلة النظام السوري ليست مع المعارضة السورية فقط، وإنما مع الشعب السوري بكافة شرائحه.
4- إن هذا النظام الذي اعتاش على العداء للأتراك زمناً طويلاً هو نفس النظام الذي يريد الآن أن يعتاش على صداقتهم وعلاقتهم بما يخدم مصالحه الضيقة واستمراره وليس بما يخدم الشعب السوري. فإن كنتم تريدونها بوابة للتعاون والانفتاح فلتكن مع الشعب السوري، فأنتم حزب ديمقراطي يحترم حقوق الانسان، و لا أفهم كيف يمكن لحزب ديمقراطي أن يقبل بالتحالف مع نظام ديكتاتوري شمولي، مما سيولد حساسيات مفرطة لدى الشعب السوري إزاء تحالفكم مع نظام معاد له، كحال العداء الذي تولد لدى الشعب العراقي إزاء الشعوب العربية والمجاورة بدعمها للنظام العراقي السابق.
5- ليس بالاقتصاد وحده تحيا الشعوب، ونحن كسوريين نريد الانفتاح التركي أن يمتد إلى سوريا من خلال تعميم تجربة نشر الحرية وحقوق الإنسان والإعلام والديمقراطية، فالانفتاح الاقتصادي والتجاري والتبادل المالي بين الدول ومنها سوريا وتركيا لا يمكن أن يكون مثمراً في ظل غياب الحرية السياسية والانفتاح السياسي، ولا يمكن أن يكون كذلك في ظل هيمنة النظام وأدوات فساده على الاقتصاد السوري، وطرد لخيرة رجال الأعمال النزيهين من بلادهم واستفراد أساطين الفساد والاستبداد بالاقتصاد السوري وبغطاء تركي للأسف.
في الختام، أتمنى عليك ألا تعلق آمالا عريضة على هذا النظام المعادي لشعبه، وأتمنى عليك ثانيا أن تعتمد الحوار والتعاون المشروط بخطوات عملية واضحة. وأدعوك إلى الثقة بالشعب السوري، لأن الشعوب هي الباقية والصامدة، أما الأنظمة والحكام فيرحلون.
نحن نسعى إلى بناء سوريا لتكون في مقدمة دول العالم في احترام كرامة وحقوق مواطنيها. سوريا التي تكسب احترام العالم بصدقها مع نفسها ومع الآخرين وتطلق بما توفره لمواطنيها من حرية وعدالة طاقات شعبها الخلاقة ليتبوأ المكانة التي تليق به بين شعوب الأرض.
وتفضلو بقبول فائق الاحترام.
أنس العبدة
رئيس حركة العدالة والبناء في سوريا