نظام القتل والإرهاب الأسدي ( 5/6)
نظام القتل والإرهاب الأسدي ( 5/6)
خالد الأحمد *
كي لاتخدعنا الأحداث الجاريـة في لبنان ، لابد من التذكير بالتاريخ ، لأن العاقل من اتعظ بالماضي ، والهدف من دراسة التاريخ أخـذ العبـرة والعظـة للحاضـر ، وفتح الإسلام ( اليوم ) ماهي إلا ( شـعار ) من شعارات النظام الأسدي التي تعودنا عليها ، يهدف منها إلى عكـس مايقول تماماً ، أي يهدف إلى ذبـح الفلسطينيين واللبنانيين خاصة،والعرب عامة، ويريد أن يثبت للعالم أن لبنان لايستقر بدون القوات السورية التي تفرض الإرهاب على الشعب اللبناني والفلسطيني ، ويريد أن يبرهن للإدارة الأمريكية أن التنسيق معه ضروري من أجل محاربة الإرهاب ، كي تعود المخابرالت الأمريكية إلى التنسيق والتعاون معه ؛ بعد أنقطعت صلتها به منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري :
نظـام القتل والإرهاب :
يقوم النظام السوري منذ عـدة عقود على القتل والبطش والإرهاب ، وقد قتل من الشعب السوري ، واللبناني ، والفلسطيني ، مايقرب من مائة ألف مواطن ، نصفهم أو يزيد من النساء والأطفال والشيوخ ...
وقـد استخدم النظام الأسدي أسلحة الجيش الثقيلة كالدبابات والمدفعية والصواريخ في تـدمير مدينة حماة عام (1982) ، وهو من أول الدول الإرهابيـة المتمرسـة في الإرهاب والبطش والتقتيـل ... كما قتل من الفلسطينيين أضعاف ماقتله الصهاينة ، وبـدأ مسلسل القتل في اللبنانـيين قبل أن يتكاتف الشعب اللبناني ويصحو ويطرده من أراضي لبنـان ...
نموذج من إرهاب النظام الأسـدي :
وهذه واحدة فقط من مجازر النظام السوري في حماة (1982) ، حيث ارتكب النظام عشرات المجازر خلال عشرين يوماً ، كان مجموع ضحاياها قرابة أربعين أو خمسين ألف مواطن ، هذه المجزرة تسمى ( مجزرة حي جنوب الملعب ) :
(بعد أن دخلت عناصر سرايا الدفاع إلى الحي نادوا على الناس بمكبرات الصوت ليجتمعوا في سـاحة الحي ، ولما تكامل اجتماع الناس من رجال ونسـاء وأطفـال فتحت سـرايا الدفاع أسلحتها الرشاشة على المواطنين العزل فقتلوا منهم ماشاء الله أن يقتل ، ثم توجه الجنود إلى البيوت فقتلوا من لم يخرج منها ونهبوا وسلبوا ما وجدوه ، وكانوا يخرجون الأسرة أمام بيتها فيقتلون الأب أولاً ثم الأم ثم بقية الأولاد ، ثم يدخلون البيت للنهب والسلب ، وقد أحصت مصادر الإخوان المسلمين أسـماء (98) شهيداً من الرجال فقط ، منهم أسرة ( القجية ) ، وهم مجموعة من سائقي الشاحنات الكويتية ،كما قتلوا المواطن شحود شيحاوي بعد أن أظهر لهم بطاقته الحزبية وهو متفرغ للعمل الحزبي ومعه مسدس وسيارة من الحزب وأظهر لهم ذلك كله ولكنه لم يشفع له عندهم لأن الأوامر عندهم بقتل الحمويين أياً كانوا ، بعثيين وغير بعثيين ، وكان ضباط السرايا يقولون للمواطن إذا قـدم لهم بطاقتـه البعثية يقولون له : كل الحمويين إخوان مسلمون ، يجب أن يقتلوا . كما قتلوا ضابطاً برتبة رائد ( أحمد عبد الحميد عزيز ) وهو حموي كان إجازة عند أهله في هذا الحي ، خرج عليهم بلباسه العسكري ، ظناً منه أن يشفع لـه لباسـه العسكري ، ولكن جندياً من السرايا بدلاً من تقديم التحية العسكرية لـه ، جـذبـه من كتفيـه ( موضع الرتب ) وشحطه على الأرض ، ثم رشـه بالرصاص ،فقتلوه ثم أجبروا والده وهورئيس اتحاد نقبات العمال ( بعثي كبير ) أن يقول قتله الإخوان . كما أن المواطن فائز عاجوقة نجا من الموت ، وكان ممن رشـوا في السـاحة ، وبعد ذهاب الجنود ، تمكن من الوصول إلى مستشفى حماة الوطني ، وهو قريب على هذا الحي ، فنقل إلى المستشفى الوطني ، وهناك رآه أحد عناصر سرايا الدفاع فبقر بطنه بالسكين وتركه ينزف حتى مات يرحمه الله .
وانتصرت سرايا الدفاع بأسلحتها المتطورة ، ودباباتها الحديثة ، وصواريخها المرعبة على الشعب الأعزل ، الشعب الذي اشترى لها هذه الأسلحة كي تحرر الجولان ، ومن بعده فلسطين ، ثم كليكية ولواء اسكندرون وساقية الذهب وعربستان ـ كما حفظونا ونحن أطفال في المدرسـة ـ انتصرت سرايا الدفاع التي لم نسمع أنها قتلت صهيونياً واحداً ؛ ولكننا متأكدين أنها قتلت عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء من خيرة أبناء الشعب السوري ، قتلتهم في تدمر (1980) وفي جسر الشـغور (1981) وفي حلب وفي حمـاة (1982) وفي مجزرة تدمر المستمرة على مدى بضعة أعوام في سجن تدمر .
واليــوم :
جـاء في موقع معارض للنظام السوري ( سوريا الحرة ) أن مصادر لبنانية كشفت أن فرع لبنان في الاستخبارات العسكرية السورية الذي يرأسـه العميد رستم غزالي يعكف الآن على تدريـب عناصر جهادية ( سورية ، وأردنية ، ويـمنية ، وسعودية ) ممن يرغبون الالتحاق في تنظيم ( القاعدة ) للجهاد في العراق ...بهدف إرسالهم إلى لبنان للقيام بعمليات ضد ( اليونيفيل ) وضد الجيش اللبناني ، أو بهدف إحداث مواجهات مسلحة بين السنة والشيعة في لبنان ، على غرار مايفعلونه في العراق ...
وقالت وكالة ( انتلجنس أون لاين ) المتخصصة في قضايا الاستخبارات في نشرتها الفرنسية أن النظام في دمشق يقيـم منذ سنوات علاقات حميمة بجماعات متطرفـة لبنانية وفلسطينية مقربـة جداً من تنظيم ( القاعدة ) وخصوصاً ( عصبة الاسلام ) التي يقودها الفلسطيني ( أبو محجن ) ومن مهامها إرسال مجاهدين إلى العراق ....
وهذا فسـر لنا مانشرته صحيفة السياسية الكويتيـة وهو أن تصدر فرنسا تصريحاً تهدد فيه سوريا باستخدام القوة العسكرية ضد سوريا إذا ماهوجمت قواتها في لبنان من قبل إرهابييـن ... واتضح أن هذه المعلومات مستقاة من مصادر استخبارية فرنسية ...
وقد ذكر المحامي علي صدر الدين البيانوني في ( بانوراما العربية ) أمس الثلاثاء أن النظام السوري أوجد مجموعات مقاتلة من ضمنها التي دخلت إلى العـراق ، واتهم البيانوني النظام السوري بتحريك تلك الجماعات أينمـا شـاء والتحكم فيـها ... وقال البيانوني : الاحتمال الأكبر أنها جماعات مختـرقـة ، يحركها النظام السوري لتحقيق أهـدافـه ...
ومن المعروف اليوم لدى المهتمين أن الدمـار والقتل في السـاحة العراقية ، صار حرباً أهلية ، طائفيـة بين الشيعة والسنة ، وهذه الحرب القذرة أشعلت وقودها قوات الحرس الثوري الإيراني التي دخلت ومازالت تدخل العراق من حدوده مع إيـران ، وهذا هو هدف زيـارة المالكي الآن إلى طهران ، إيقـاف دخول الحرس الثوري الإيراني إلى العراق ... بالتعاون مع المخابرات العسكرية للنظام الأسدي ، ومازلنا نقرأ التصريحات العراقية التي تؤكد ضلوع النظام السوري في تفجيرات ( المرقدين ) وأمثالها ...
ومثل ذلك دخول هذه المجموعات التي يعـدها النـظام السـوري ، ويدخلها في العراق لتسهم في إشعال نـار الحـرب الطائفيـة في العـراق الجـريـح ... والنظام السوري شريك أو قل جندي عند النظام الإيراني ، الذي يرغب تماماً في إشعال نـار الفتنـة في العراق لتدمير الشعب العراقي والقضاء عليه ، وإهلاك العرب فيه سواء كانوا سـنة أو شـيعة ...
أجهـزة أمـن المطـار في بيـروت :
وتؤكد معلومات ( انتلجنس أون لاين ) الفرنسية أن جهاز أمن مطار بيروت ، والأمن العام ، وقوة الأمن الداخلي ، والجمارك والاستخبارات وجمع المعلومات مازالت على ماهي عليه منذ العهـد السوري في لبنان ، دون أن يتمكن فؤاد السنيورة وقوى (14) آذار الداعمـة لـه من تغييـر مسؤول واحد في هذه الأجهـزة التي تؤكد المعلومات أنها مخترقـة بشكل فاضح وأحياناً علني من الاستخبارات السورية ذات العناصر اللبنانية ومن حزب الله وحركة أمـل وأحزاب أخرى تابعـة لقيادة اللواء آصف شوكت مدير الاستخبارات العسكرية في دمشق ... وأعربت الجهات الأمنية اللبنانية عن قناعتها بأن لوائـح المسافرين في مختلف الطائرات ( المانيفست ) من وإلى مطار بيروت تصل إلى حزب الله ونبيـه بـري ورستم غزالي قبل إقلاعها وهبوطها ..
وقد ساهمت هذه العناصر المؤيدة لسوريا ، والمتمركزة في مكاتب عملها في مطار بيروت ساهمت في :
تهريب الأموال من وإلى لبنان ـ تهريب المعدات العسكرية ـ تهريب العناصر المتطرفة المقاتلة والقادمة بجوازات سفر مزورة ـ استقبال طائرات شحن محملة بالصواريخ إلى حزب الله ...
وهذا هـو سـر تـردد فرنسـا في إرسـال جنودها إلى لبنـان ،للمشاركة في قوات ( اليونفيل ) ، ثم حـذرت سوريا بأن حـرباً فرنسية سورية ستقع إذا تعرض الجنود الفرنسيون لعمليات إرهابية على أرض لبنـان ، قناعـة من فرنسـا أن النظام السوري عـريق في الإرهـاب والجريمـة ، ولايمكن أن يتخلى عن ذلك الإجـرام ...
* كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية