ومضات محرّضة

عبد الله القحطاني 

عبد الله القحطاني 

ومضات محرّضة: الأسرة الحاكمة ، المراهِنة على القوّة وحدها ، في سورية.. على أيّة قوّة تراهِن !؟

(قوّة السلاح .. قوّة الشرعية الدستورية .. القوّة الشعبية .. قوّة الدعم الخارجي..) !

هي ذي، فيما نعلم، القوى التي تثـبّت حكماً ما، وتعزّز أركانه ـ زمناً طويلا أو قصيراً ـ ! وهناك ، بالطبع ، قوى أخرى أدبية معنوية ، لا صلة لها بحكم أسرة أسد ، ولا تعرف عنها شيئاً ، ولا تهتمّ بها أصلاً .. منها القوى الخلقية ، والحضارية ، والثقافية !

·       قوّة السلاح :

1)     قوّة المليشيات الطائفية المسلحة: وهذه هي القوّة الأساسية ، التي تعوّل عليها الأسرة، في تثبيت حكمها .. وتأبيده !

2)    قوّة الجيش : وهذه قوّة للدولة والوطن والشعب ، وإن أرادت الأسرة الأسدية جعلَها قوّة خاصّة لها ، عَبر الشعارات الزائفة ، التي سَـيّست من خلالها الجيش ، وجعلته جيشا عقائدياً ، خاصاً بحماية النظام الحاكم الفاسد ..وعبرَ الخلخلة الممستمرّة للجيش، بالتسريحات المتوالية ، ووضع الموالين في المفاصل الحسّاسة ، في الفرق والألوية والكتائب العسكرية ، من جيش سورية العريق ! فالجيش ما يزال جيشاً للبلاد ، بما فيه من أكثرية غير موالية لأسرة أسد !

·       قوّة المخابرات : وهذه موظّفة لخدمة آل أسد ، حصراً ، وتثبيت حكمهم في سورية وتأبيده ..! بَيدَ أنها تَضمّ عناصر كثيرة غير موالية للأسرة الفاسدة ؛ فهي موزّعة الولاءات ، بين الوطنية والمصلحية والعائلية ..! وهذا التوزّع لا يَظهر، بصورة عملية ، إلاّ في الوقت المناسب !

·       قوّة الشرعية الدستورية : هذه لا سياق لها هنا ..! لأن أسرة أسد ، خارج إطار كل شرعية عرفتها المجتمعات والدول ، المتحضّرة والمتخلّفة ، على حدّ سواء !

·       القوّة الشعبية : وهذه تعتمد ، أساساً ، على الكثرة العَددية للسكان . وأسرة أسد تعلم أن المحافظات السورية الثلاث عشرة ، منها تسع محافظات ليس لها فيها إلاّ الموظفون المرتبطون بها ، من رجال أمن ورجال إدارة ! وهم قلّة وضيوف ، لا قيمة لهم ولا وزن ، على المستوى الشعبي ! وإنّما يستمدّون قيمتهم من النظام ، الذي يمارسون مهمّاتهم باسمه ! فإذا جدّ الجدّ ـ الشعبي ـ عاد كلّ منهم إلى مسقط رأسه ، حتى بمجرّد أن يرى نُذراً بسيطة لهذا الجدّ الشعبي ! أمّا المحافظات الأربع الأخرى ، فللأسرة في اثنتين منها ، وزن شعبي ، قد يعدل العـُشر ، وفي اثنتين أخريين وزن شعبي ، قد يعدل النصف ، يزيد قليلاً ، أو يَنقص قليلاً ـ هذا إذا سايرْنا افتراض أسرة أسد ، بأن أبناء الطائفة العلوية كلهم ، محسوبون لها ! ليس فيهم مَن يعارضها، وليس فيهم من يتمنّى لها الذهاب إلى قعر الجحيم ـ !

   ( ولابدّ من التأكيد ، بوضوح وقوّة ، هنا ، على أن هذه السطور، في هذه الومضة المحرّضة ، هي كغيرها من السطور في الومضات الأخرى .. إنّما كتِبت لتحريض العقول المؤهّلة للتفكير.. لتلافي ما يمكن تلافيه من أخطار، على الدولة والوطن ، وعلى الشعب ، بسائر طوائفه واتّجاهاته ...! وليست هذه السطور، أو غيرها ، ممّا كتِب ويكتَب في أيّة ومضة محرّضة .. ليست لتحريض النفوس ، وشحنِها بالمشاعر السلبية ! فهذا ممّا تفعله ممارسات الصِبية المجرمين العابثين ، الذين يمسكون بأزمّة القرارات في البلاد ، ويمسكون ، معها ، برقاب العباد ، ومصالحهم ، ومصائر أجيالهم ! أمّا تحريض النفوس على فعل الخير ، واستثارة مروءات الرجال ، لتسمو بأصحابها ، عن مَهاوي السقوط ، والفساد ، والظلم ، وانتهاك حرمات الناس وكراماتهم .. أمّا هذا النوع من التحريض النبيل ، فقد عجزت مئات الألوف من الصفحات ، عن أن تجد له أثراً ، أو صَدى ، عند آل أسد النبلاء .. ومَن يَضرب بسيفهم ، ويَجلد بسوطهم ، ويَسرق ، وينهب ، ويرتشي.. بسطوتهم وصولتهم ! فهو ـ أيْ : تحريض المروءات ـ ، لم يَعد يوجّه إلى آل أسد .. بل إلى بعض مَن هم في مواقع مؤثّرة ، داخل الطائفة التي يَحكم باسمها آل أسد ، ويتحكّمون بالبلاد والعباد ! ونحسب هذا ممّا لم يعد يخفى ، على أيّ مواطن سوري حصيف ، متابع لِما تدعو إليه المعارضة السورية الجادّة .. ومتابع ، في الوقت ذاته ، لِما يفعله آل أسد ، وعصابة المافيا الملتفّة حولهم ، المثـبّـتة لحكمهم الأسود المقيت !).    

·       قوّة الدعم الخارجي : الدعم الإسرائيلي أولاً ! ومنه ـ وعلى أساسه ـ يأتي الدعم الأمريكي .. لأن سياسة أمريكا ـ في كل ما يؤثّرعلى أمن إسرائيل ـ هي سياسة إسرائيلية ، بالدرجة الأولى ! لاسيّما في الدول المسمّاة دول الطوق ، المحيطة بإسرائيل ! ولا يفتأ قادة إسرائيل ، الساسة منهم والعسكر والأمنيّون ، يصرّحون ، بين الفينة والأخرى ، بأن وجود النظام السوري الحالي ، ضرورة حيَوية لأمن إسرائيل !

  وقد جاء الدعم الفارسي ، من سنوات قليلة ، ليصبّ في الخانة ذاتها ..! ومن يَسمع تصريحات قادة الفرس ـ المضادّة للمشاريع الصهيونية الأمريكية في المنطقة ! ـ يَعجب لما يَرى ويَسمع ، من اتفاق عجيب ، بين الأطراف المتناقضة ، على دعم نظام حكم واحد، يشكّل قاسماً مشتركاً لهم جميعاً ! فهل هذا من عجائب المصادفات ، أم من عجائب المكر والخبث والباطنية !؟

 وفي كل الأحوال ، يخطئ آل أسد ، ومن ينصحهم في رسم سياساتهم ، إذا ظنّوا أن الدعم الخارجي يثـبّت حكمهم ، إذا أوصلوا شعبهم إلى درجة الغليان ، ولم يعد لديه شيء يخسره ! وقد أوشك على الوصول إلى هذه النقطة .. بل لعله وصلها فعلاً ! فما نحسب شعباً في العالم ، يَصبر اليوم ،على ما صبر عليه شعب سورية ، من ضيم وقهر وإذلال!

وتبقى الأمور بيد الله ، يصرّفها كيف يشاء .. وكل آتٍ قريب !