هل صوت عباس لحماس

خليل محمود الصمادي

خليل محمود الصمادي

 [email protected] 

   جاء في لسان العرب في مادة " صوت" : الصوت : الجرس معروف وصات يصوت نادى . ويقال : صوَّت يصوت تصويتا، فهو مصوتٌ ، وذلك إذا صوَّت بإنسان فدعاه ومنه صاح وفي الحديث " كان العباس رجلا صيِّتا " أي شديد الصوت . لم يتطرق ابن منظور للمعنى السياسي للكلمة فلأنه لم يعرف الانتخبابات الديمقراطية كما يريدها الغرب، ولكن المعاجم الحديثة كالمنجد وغيرها  تضيف أن التصويت إعطاء الصوت في الانتخابات، و صوَّت أيده بإعطائه صوته في الانتخابات وأشاروا أن هذا اللفظ محدث حمل معنى جديدا في العصر الحديث.

 إذا صوت لها معنيان : قديم نادى وصاح ، وحديث اعطاه صوتا في الانتخابات. 

    تناقلت وكالات الأنباء أن تسعة عشر موظفا من العاملين في رئاسة المقاطعة صوتوا لحماس من عددهم البالغ  تسع وتسعين بما فيهم رئيس السلطة محمود عباس!!

وتندر البعض قائلا " ربما كان الرئيس عباس أحد المصوتين لصالح حماس!!

قد يكون عباس صوت  بالمعنى الحديث وقد هنا للتشكيك لا للتحقيق ولكن أغلب الظن أن صوت السيد محمود عباس الذي وضع في الصندوق كان لمرشحي حركته، بالرغم من أنه صوت لقائمة الإصلاح والتغير التي تمثلها حماس بالمعنى القديم.

ولكن كيف صوت عباس لحماس؟

يقول المراقبون أن السيد عباس وعد فوفى ولم يكن وعده كالوعود التي اعتاد المواطن العربي سماعها من مسؤوليه قبل الحملات الانتخابية والتي تتضمن الحياد والنزاهة والشفافية وتكون النتيجة عكس ما وعد به تماما

لقد شك كثير من المحليلين والمتابعين للانتخابات الفلسطينية أن يكون في موعدها وأن تكون شفافة ونزيهة يرضى عنا جميع الأطراف بما فيها فتح وحماس وغيرهم وحتى المراقبون الدوليون لم يتوقعوا أن تجري الانتخابات بهذه النزاهة والشفافية لقد فاقت جميع الانتخابات العربية بل الأمريكية والأوروبية.

لقد صوت الرئيس عباس لحماس عندما صاح ونادى بأعلى صوته متحديا الصعاب أنه ضد الفساد والمفسدين وأنه مع انتخابات نزيهة تمثل تطلعات الشعب الفلسطيني وأكثر من مرة سمعناه يصيح وينادي : أصر على وعده وبالرغم من الضغوطات الهائلة التي مورست عليه محليا وعالميا من أجل تأجيل الإنتخابات أو تزويرها أو إلغائها بطريق مباشر أو غير مباشر ، لقد هددوا بعدم التعمل مع الحكومة الجديدة إذا كانت حماس طرفا فيها ، وهددوا بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني إذا فازت حماس وكأن الديمقراطية التي يتبجحون بها لها مقاسات معيينة ومن أهم مقاساتها عدم التعرض لليهود وعدم السماح للحركات الإسلامية من ممارسة حقها في الانتخاب والتصويت!!

لقد صوت عباس لشعبه في اختياره الديمقراطي ووضع شعبه أمام تحد كبير فلم يعد سرا ماهددت به إسرائيل وتوعدها وكذا لم تعد سرا التهديدات الأوروبية والأمريكية بقطع المساعدات فقد عرفها القاصي والداني ولم يساموا على وطنهم لقد احترم عباس قرار شعبه ولم يلجأ إلى التزوير والمماطلة وإرضاء أمريكا والغرب وكل من له ولاء لإسرائيل .

لقد صوت عباس لحماس بالرغم من أن ورقته التي أدلى بها في الصندوق لم تكن لأحد من مرشحي حماس ، لأن صوته كبقية الأصوات مجرد أصغر عدد من أعداد الآحاد لن تقف النتيجة عليه ، ولكن تصويته لحماس كان كم خلال صدقه ووفاءه والتزامه الحياد والنزاهة في العملية الانتخابية برمتها، ولا شك لو أن أي مسؤول عربي أو إسلامي يعطي الحياد للعملية الانتخابية لكانت النتائج كما كانت في الانتخابات الجزائرية في أواخر عهد الشاذلي بن جديد وفي الدورة الأولى والثانية من الانتخابات المصرية الأخيرة.

 لقد شكك كثير من المحليلين بهذه النتائج التي فازت فيها حماس بالأغلبية وأوعزوا فوزها إلى أن الناس هناك اختاروا حماس نكاية بفساد السلطة والسؤال الذي يطرح نفسه هل كانت الانتخابات فقط بين قائمتي حماس وفتح طبعا لا كانت هناك أكثر من عشر قوائم، وبعضهم حلل أن حماس تلعب على الوتر الديني، وكأن الآخرين كانوا يلعبون على الوتر العلماني، إن المتتبع للحملات الدعائية لأكثر المرشحين يلاحظ تأثير الخطاب الديني وكذلك ففي مناطق عديدة من فلسطين أعطوا المسيحيون أصواتهم لحماس!! وقال بعضهم : إن حماس فازت لأنها رفعت شعار محاربة الفساد ونسوا أن برامج المرشحين كلها كانت تدعو إلى محاربة الفساد والمفسدين ، ونسوا أن الشعب الذي ينال حريته لا يختار إلا الصحيح والصحيح لا يكون إلا بالصبغة التي فطرها الله عليه