بيان
بيان
أواسط تشرين الثاني / 2005 اجتمعت اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق لبحث القضايا المطروحة على جدول أعمالها ، وناقشت التطورات التي تمر بها سورية والمنطقة ، وما يتهدد وطننا من أخطار على خلفية العلاقة المضطربة بين سورية والعالم ، التي وضعت السلطة البلاد فيها إثر جريمة اغتيال الحريري وتقرير ميليس والقرار الدولي رقم 1636 الصادر عن مجلس الأمن بإجماع أعضائه ، ويطالب سورية بالتعاون الكامل وغير المشروط مع لجنة التحقيق الدولية
أولاً : تم التوقف عند خطاب الرئيس السوري على مدرج جامعة دمشق يوم الخميس 10 / 11 / 2005 ، ذلك الخطاب الذي شكل صدمة ، لأنه جاء بعيداً عن توقعات السوريين والعرب والرأي العام العالمي ، وانعطافة حادة في الموقف السوري الرسمي وعلاقته مع المجتمع الدولي ، مع ما تحمله هذه الانعطافة من مخاطر ، نرى أنه من حق الشعب السوري أن يتوقف عندها ، ويقول كلمته فيها باعتباره من سيتحمل بالنتيجة تبعاتها المريرة ، وهو أولاً وآخراً صاحب الشأن والقرار
ودون الدخول في تفاصيل ذلك الخطاب المثير للجدل، إلا أننا نتوقف عند المفاصل الأساسية فيه :
1- التأكيد على أن التعاون السوري لتنفيذ قرارات مجلس الأمن سيكون مشروطاً
" بالمصلحة الوطنية " ، ودمج هذه المصلحة مع أشخاص في السلطة يمكن أن يطالهم التحقيق ، وجعل مثول بعضهم أمام لجنة التحقيق في أمكنة معينة قضية كرامة وطنية
2- الموقف الهجومي المستغرب من لبنان وقياداته السياسية بلغة غير مألوفة ، تدفع الأمور إلى حالة قصوى من التوتر بين البلدين ، قاطعاً الطريق على إمكانية إقامة علاقات صحيحة وسليمة مع الدولة والشعب في لبنان ، كما يطالب بذلك جميع السوريين واللبنانيين خاصة وأن الوجود السوري فيه أصبح شيئاً من الماضي ، لابد من طي صفحته وفتح عهد جديد من العلاقة السوية بين الأشقاء
3- التوجه إلى الداخل وباتجاه المعارضة بخطاب يعتمد لغة التهديد والوعيد التي تتناقض مع نواياه المعلنة لمرحلة المواجهة التي دعا إليها متجاهلاً استحقاقات المرحلة داخلياً .
إن اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق تنظر بقلق شديد إلى الانعطاف في الخطاب الرسمي السوري ، وترى أن نذر المواجهة التي يستحضرها مع المجتمع الدولي باتت قاب قوسين أو أدنى . ويهمها أن تذكر بما جاء في بيانها المؤرخ في 30 / 10 /2005 في معالجتها لموضوع تقرير ميليس ، وتؤكد على ما يلي :
-إن مصلحة سورية وطناً وشعباً فوق كل اعتبار وفوق الأشخاص أياً كانت مواقعهم ومسؤولياتهم . ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تدمج المصلحة الوطنية لسورية بمصلحة بعض الأفراد وربط مصيرها بمصيرهم .
-ليس من مصلحة الشعب السوري دفع البلاد إلى مواجهة مع المجتمع الدولي . وتقتضي الحكمة والمصلحة الوطنية ، في هذه المرحلة الحرجة ، تنفيذ القرار الدولي رقم 1636 والالتزام بقرارات الشرعية الدولية . لأن العمل على عزل سورية عن محيطها العربي وعن العالم ليس سياسة صائبة ، ويضر بالمصالح الوطنية العليا للشعب السوري
-التعاون مع لجنة التحقيق الدولية لتسهيل الوصول إلى الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري . فالكرامة الوطنية ليست مرتبطة باستدعاء شاهد أو مشتبه به للمثول أمام التحقيق والقضاء الدوليين .
-رفض الحصار والعقوبات التي يمكن أن تفرض على الشعب السوري نتيجة لتطورات الأحداث المتسارعة حول سورية ، لأنه ليس من العدل أن يتحمل الشعب وزر سياسات لم تكن له يد في صناعتها.
ثانياً : مساء الأربعاء 9 / 11 / 2005 ، تعرضت ثلاثة فنادق في عمان لجريمة إرهابية بشعة . تمثلت في أعمال تفجير راح ضحيتها عدد كبير من القتلى والجرحى من المدنيين الأردنيين الأبرياء وبينهم الفنان السوري الكبير مصطفى العقاد
إننا ندين العمليات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة الأردنية، ونعتبرها عملاً إرهابياً مقززاً ، بنفس القدر الذي ندين فيه كل عمل إرهابي يطال المدنيين في أي مكان من العالم ، تحت أي دعوى جاء ومن أي جهة صدر . ونعتبر أن أعمالاً كهذه تضر بمصلحة العرب والمسلمين ، وليس لها أي مبرر أخلاقي أو ديني أو سياسي ، ولا يمكن لأي قضية ، يتذرع بها إرهابيو اليوم ، أن تغطي خطورتها وبشاعتها
ثالثاً : لاحظ المجتمعون أنه في الوقت الذي أصدر فيه النظام قراراً بإطلاق سراح مئة وتسعين سجيناً سياسياً أغلبهم من قدماء المعتقلين ، وكنا نأمل أن تكون هذه الخطوة كاملة بإغلاق ملف الاعتقال السياسي ، وإطلاق سراح جميع من تبقى قيد الاعتقال والسجن بسبب رأي أو موقف سياسي ، ومنهم معتقلو ربيع دمشق . فإننا نستنكر أن يقدم النظام على القيام باعتقالات جديدة لنشطاء سياسيين . وفي الوقت الذي يجيش فيه الشعب السوري لمواجهة – غير منصفة وغير لازمة – مع المجتمع الدولي ، يعود إلى حالة الاعتقال السياسي باعتبارها واحدة من ثوابته التي لا يريد لها تبديلاً . كما يستمر في منع الشعب وقواه السياسية والاجتماعية من ممارسة حقها في الاجتماع والتظاهر والتعبير عن رؤاها في معالجة الأوضاع الخطيرة التي تمر بها البلاد . فقام مساء الأحد 13 / 11 / 2005 بمحاصرة المكان الذي اجتمعت فيه لجنتنا " اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق " وفض الاجتماع بالقوة ، ومنعنا من ممارسة حقنا وواجبنا في متابعة القضايا العامة ، والمساهمة في إيجاد مخرج من الأزمة الوطنية الشاملة التي تعاني منها البلاد . وكانت الأجهزة الأمنية قد فعلت الشيء نفسه الأسبوع الماضي في مدينتي حماه وطرطوس ، حين منعت لجان الدعم لإعلان دمشق من عقد اجتماعاتها وممارسة نشاطها .
إننا ندعو أبناء شعبنا لمزيد من التماسك والوحدة ، والالتفاف حول النهج الوطني الديمقراطي لإعلان دمشق والانخراط به لإجراء التغيير المطلوب ووضع سورية على سكة السلامة عبر أكبر إجماع شعبي وطني ممكن ، ورفض سياسات التخويف والتخوين والقمع التي يستمر النظام في اعتمادها نحو الداخل ، في وقت تحيق به الأخطار ببلادنا من جميع الجهات .
أواسط تشرين الثاني 2005 اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق