تعدد الآلهة عند البعث السوري
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
في مظاهرات التأييد والمناسبات يخرج البعثيون وهم يهتفون باللهجة السوريه(حيٌيدو حييدو والبعث بعد الله منعبدو ) .وتنصب الخيم وتعبر الأناشيد عن القائد الخالد , والخلود هو لله فقط وليس لأحد من البشر (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) .
والكلام يرن في أذني ,هنا على صدوركم باقون كالجدار
شيء يحيرني كثيرا ولا أجد جوابا له في الماضي السحيق وقبل الإسلام وعبدة الأصنام والأوثان كانوا يقولون نحن نعبد الأصنام لتقربنا إلى الله زلفى .
وعبدة الكواكب والنجوم يقولون :
لعظمة الله وصغرنا أمامه نعبد النجوم والكواكب لكي تكون الواسطة بيننا وبين الله .
عبدة الشيطان يقولون نحن نعبد الشيطان لكي يكف أذاه عنا ولا يبعدنا عن الله.
ولكن البعثيون وعبادتهم هذه كيف لنا أن نفهمها ,بعد الله يعبدون البعث والقائد المخلد هو بمثابة الإلاه عندهم , والله أصبح له شركاء كثر في العبادة ,الأب القائد والأبن القائد والأم القائدة وهكذا والبعث القائد.
فهل تبقى من هذه العبادة شيء لله ؟
من تلك العقيدة نبتت ثلة الحكم في سوريه , وسلسلته التي ربما تستمر لزمن طويل جدا.
وانتهت سلسلتين وجاءت الثالثة ووعدت بالإصلاح .
فالإصلاح هنا لايمكن قيامه بأي شكل مالم تلغى الآلهة كلها ويبقى وهو الباقي دائما هو الله وحده وجل جلاله .
فكل من يخرج عن نطاق تعدد الآلهة تلك مصيره لايحسد عايه في أقبية الثعابين والتي تنشر سمومها ببطئ لكي يتعذب المتمرد أكثر وأكثر , والقائمين على تلك الأقبية تخصصوا وحصلوا على أعلى شهادات التخصص في طريقة التعذيب لكل شخص يتم معاملته بما يناسبه من وسائل وطرق شتى .
حتى أصبحوا بروفيسرات في ذلك النخصص وقبلة الأمن في الدول المتقدمة للتعليم والتخصص في هذا المجال .
فعجبا يقولون عنا أننا متخلفون , ونذهب لبلاد الغرب للحصول على الشهادات العلمية في المجالات كافة إلا في طرق ووسائل التعذيب وابتكاراتها لم يستطيعوا معرفتها ويحتاجون لنا للحصول على هذا العلم الحضاري من عندنا .
حتى عالم الجينات والهندسة الوراثية وعلم الأحياء واستنساخ الحيوانات والذرة وغزو الفضاء لم يعجزهم وعجزوا عن ابتكار وسائل التعذيب ,صحيح إنهم حمقى .
ولكن يمكن أن أعرف السبب في عدم معرفتهم بذلك :
لأنهم عندهم إلاه واحد أو ليس عندهم إلاه في عقيدتهم .
وتخصصهم في ذلك ليس له علاقة ليطبقوه على شعوبهم وإنما لتطبيقه على شعوبنا فقط .
ولذلك استعان الأمريكان بالمخابرات السورية للتحقيق مع بعض المعتقلين .
ولتستمر الآلهة عندهم بالحياة لابد من وضع المعايير والتي على أساسها يبنى الإتهام للشخص المتمرد على آلهتهم ليسالوه هذا السؤال هل أنت تصلي وإن أجاب نعم فهو ضدهم ولا يؤمن بعقيدة تعدد الآلهة ولذلك يكون مصيره تحت الأرض .
وإن كان ملحدا أو شيوعيا وله اتجاه واحد , كذلك يكون مساوي في التهم مع الآخر .
ودخلت شياطين الآلهة كل بيت وكل زاوية وشارع في البلاد وامتدت إلى دول العالم كلها , لتجد السوري أينما حل وارتحل يخاف من تلك الشياطين ويفضل الصمت .
ولكن الشياطين تلك تعرف كوامن النفس وما يتحدث به الشخص لنفسه , فيقول لي مدرس في الثانوية :
إنهم يعرفون كل شيء عندهم أجهزة تحسس عن بعد ويعلمون داخل النفس وحتى في القبر 2002.
فرؤساء الفروع الأمنية والأقسام الأمنية المتعددة والتي كل واحدة تعمل بمفردها , والناتج عن تعدد المعبودات وكل قسم له تحديد مختلف عن الآخر في تحديد عقيدة الأشخاص فإن كانت وجهة نظر الفرع العسكري سليمة تجاه المتهم قد يخالفه في ذلك وجهات نظر عقائدية أخرى في فرع آخر , فالخلاف هنا يعمق المأساة أكثر من رحمتها .
وكل عمل شيطاني يسلكه الشخص في الوطن يكون بعيدا عن المحاسبة .
ولكن أن تعبد إلاها واحدا فهي المصيبة بذاتها.
ف99.999% من الشعب السوري والموقعة رسميا عليهم أن يكونوا عقيدتهم تلك .
صور وتماثيل وأصنام والحزب بشعارات الوحدة والحرية والإشتراكية .
فالوحدة هي التفرقه
والعبودية هي الحرية
والاشتراكية هي عبادة جميع الآلهة دفعة واحده
والأمن لكل مولود له قرين منهم
والسجون لكل متمرد عن عبادة تعدد الآلهة
والجيش وطائراته وجنوده وعتاده ودمائه فداء للآلهة ولهم المعبود الأكبر زلفى لهم في الرفيق الضرورة والقائد الملهم والإلاه الذي لامثيل له .
المال والثروة والحكم والقوة للسلطان والكرسي هي الفصل , ولكي يبقى لهذه الآلهة عبيد لها لابد من ترك جزء يسير من مكونات العيش للدوام على العبادة تلك .
ويهرول الوطن إلى الوراء , والأمم الأخرى إلى الأمام ولكن يقولون لاتخافوا فالأرض كروية ونحن نمشي إلى الوراء , وسوف نلتق مع بعضنا في النهاية .
أو هم بتقدهم هذا يكتشفون كوكبا أفضل من الأرض ويرحلون إليه ونصبح نحن ملوك الأرض كلها ولا حاجة لنا بعدها لشيء لأن الارض أصبحت كل خيراتها بأيدينا , فأينما ذهبت ترى رزقك أمامك .
ولكن مازال بعض الناس ممن لم يؤمنوا بهذه العقيدة ويبحثون عن الحل والإصلاح والتغيير ,
فمنهم من نادى بنسيان الماضي والبديء من جديد هروبا من الجرائم التي ارتكبت. ومنهم من يطالب بالإصلاح التدريجي وغيره وتوجد قناعاة وسبل شتى مطروحة في واقعنا .فهل من ذلك إلى سبيل ؟
ولو رجعنا لحركة وتطور المجتمع البشري وتعدد الآلهة في حياتهم والذي كان يؤدي للظلم والتقهقر .
تاتي حركة الإصلاح عن طريق أشخاص أو أنبياء أو احتلال .
وبناءا عليه لايمكن الإستغناء عن تعدد الآلهة تلك إلا ب:
1-اسقاط تلك العقيدة بواسطة عدو خارجي يحطم تلك المعتقدات.
2-ثورة شعبية تنطلق من الوطن وتحطم تلك الأصنام كما حصل في رومانيا مثلا
3-أن يهتلك الحكم بسبب خلافات الغيرة والحسد بين أركانه ومكوناته
4-أن يقوم الحاكم بإحداث التغيير وبدون تدرج أو أن يتنازل عن الكرسي وهو من النادر حصوله .
من هنا علينا أن نضع تلك الأسس بعين الإعتبار حتى نستطيع أن نكون عبيدا لله فقط لمن يؤمن به . ومعبود واحد فقط عند الكل لكي لانكون ملوك الأرض لوحدنا .