الانتخابات الفلسطينية قادمة والمواطن الفلسطيني هو الذي يدفع الثمن
الانتخابات الفلسطينية قادمة
والمواطن الفلسطيني هو الذي يدفع الثمن
بقلم الكاتب أ / نور حسن محمد أبو عاصي
منذ سنوات طويلة والمواطن الفلسطيني يعيش ولا يزال شدائدا وآلاما لا يعلم شدتها وعمق جراحها إلا الله ، ويدفع الثمن من قوته وصحته ، وحياته وكرامته وحريته ، وفي كل يوم تتفاقم همومه ومشاكله ، وأحزانه وويلاته وعذاباته ، فهو تارة يئن ويصرخ ، وتارة يصمت بألم شديد ، معبرا عن كل ذلك بأساليب لقنها له التاريخ ، يفكر بكيفية التغيير ، وبآلية النجاة ، لعله يأتي اليوم الذي يرتاح فيه فكره ، ويهدأ روعه ، ويطمئن قلبه ، فيهنأ ويسعد في حياته مع ذاته ومع أسرته ومع بيئته والمحيط من حوله ، مع أرضه بسمائها بنورها وظلامها ، بشمسها وقمرها بجبالها وصحاريها ، بترابها وهوائها ، لعله يشعر بإنسانيته المنهوبة المفقودة مثلما يشعر بها كل إنسان في شعوب الأرض التي تعيش إنسانيتها ولو إلى حد ما ، فالمَشاهد الضاغطة من حوله كثيرة ، بحيث يمكن لكل مبصر أومستبصر أن يتحدث عنها أو يسمع بها ، و يشاهدها و يشعر بها، فقد وصلت إلى حد لا يطاق ولا يحتمل
إننا في أمس الحاجة إلى أصحاب قرار من المتقدمين الجدد للانتخابات القادمة من ذوي الشفافية والبصيرة ، والقدرة الفائقة على التشخيص والعلاج ، بعيدين عن الفردية والأنانية والنظرة الضيقة ، و بعيدين عن الذاتية والوصولية والانتهازية ، و عن الشعارات الموجعة التي انطمس بريقها الذهبي ، وتحولت إلى بريق نحاسي صديء ،
مئات الآلاف من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر ، ينهشهم الجوع ، ويؤرقهم الخوف من المجهول ، تأمل يا أخي ..... أنظر بدقة إلى كل شيء من حولك على أرض فلسطين ، تجده ينطق ويعبر ، انظر إلى الأرض ، إلى السماء ، إلى الشجر ، إلى الحجر ، إلى البشر ، إلى كل مدينة وقرية ، إلى كل حي وشارع ، إلى كل بيت ومدرسة ومصنع ، إلى كل مدرسة ومستشفى ، انظر إلى كل المواقع والأمكنة ، انظر بقراءة واستقراء تجد المعاناة متجلية بادية واضحة في كل مكان أنا لست متشائما ولا أحب المتشائمين ولا أنظر إلى الأمور من منظور ضيق أو جزئي ولست مزاجيا في رؤيتي كما لست سوداويا ولكنها الحقائق التي تصرخ لتعبر عن نفسها.
إن كل شيء في الوجود محكوم بقوانين الكون والحياة ، والعاقل ذو الفهم والتمييز هو الذي ينظر إلى الأمور نظرة حضارية وعلمية واعية ، لا نظرة نفعية أو جمودية
، فهل سنبقى نشكو الآلام ونلعن الظلام ؟ وهل سنبقى نتحدث بحديث العجزة الضعفاء ؟ وهل سنبقى نرثي آلامنا من غير حراك ؟ وهل سنبقى نزرع و نجني ونحصد عجزا من بعد عجز وفشلا من بعد فشل ؟
إن الانتخابات قادمة ، والصوت الواحد يؤثر على مستقبل أمة بأسرها وإن تتخلى عن واجبك أخي الفلسطيني فمَن لنا يا تُرى ؟ ومن الذي سيهتم بنا ؟ من يتألم بآلامنا ؟ من يشعر بمعاناتنا ؟ من يتحسس هموم الشارع ونبضه ؟ من ومن ومن ومن ؟ أسئلة كثيرة تدور في ذهن كل مواطن فلسطيني ولا مجيب إلا صوتك لأنه يشارك في تحديد مصير شعب بأكمله.
في كل بيت من بيوت فلسطين على امتداد ربوع الوطن مصيبة ما بين شهيد أو جريح أو أسير أو منكوب في أرضه أو مصدر عمله . أين مقومات الصمود التي يجب أن تتوفر لأبناء هذا الشعب المنكوب ؟ أين عوامل الديمومة والبقاء لاستمرارية حياة الفلسطينيين في أرزاقهم ومعيشتهم ؟ هل يجد الجريح علاجا و ثمن دواء ؟ وهل يجد تكريما واحتراما ؟ ثم هل أخذ كل سجين مستحقاته ؟ حدّث بذلك ولا حرج .
أخي الفلسطيني : الكلام كثير والحقائق مريرة ، وأنت الذي تدفع الثمن ، فحذاري حذاري من عدم القيام بواجبك الإنتخابي إن لكل شعب في العالم خاصية وميزات تميزه عن غيره من شعوب الأرض ، و إنني لا أعتعقد أن هناك في العالم أو في التاريخ شعبا مثل شعبنا الفلسطيني ذو قدرة فائقة على العطاء والتضحية ، والثبات والصبر ، وديمومة العذاب المؤلم ، بهذه الصفات أصبح الشعب الفلسطيني كالبحر لا يعيش به إلا كل حي ويلفظ من أحشائه كل ميت ، ولولا هذه المزايا لأفل نجمه ، وذاب وجوده ، وتلاشى أثره ، وذهب ريحه منذ زمن ، فلا مكان لنهج أو فكر أو أيدلوجية لا تأخذ بعين الاعتبار تلك الميزات والخصائص التي يتحلى بها شعبنا ، ومن يدعي غير ذلك فهو مخطئ واهم يفتقر إلى العقلانية والتفكير العلمي المدروس والمثبت بالحقائق والأرقام .
ما أكثر الرياح التي تهب على شعبنا منذ انبثاق فجر الصراع ، حيث يتطاير معها القش الخفيف ، وينكسر في عتوها السن الحفيف ويبقي الصخر الصلب والعود العفيف . ولا تحسب أخي الفلسطيني أن تلك الحقارات التي امتصت ولا زالت تمتص دماءنا ، وتاجرت ولا زالت تتاجر بعذاباتنا ، أنها في منآى عن سطوة الشعب وجبروت التاريخ ، مهما تخندقت بأبراجها العاجية ، ونأت عن أبصار وعيون أشعة شمس الحقيقة .