وداعاً حسن نصر الله
وداعاً حسن نصر الله
حسن نصر الله يطلق النار على حسن نصر الله !!!
باسل ديوب *
..... وأهلي كلما بنوا قلعة
هدموها
لكي ينصبوا فوقها
خيمة للحنين إلى أول النخلِ
أهلي يخونون أهلي
في حروب الدفاع عن الملح....
محمود درويش
لا تزال صور جمال عبد الناصر بالأبيض والأسود على جدران كثير البيوت السورية بعد مرور حوالي نصف قرن على وضعها ودونما تجديد ، لتشهد على حقبة انزرعت في وجدانهم ، ولا نعلم إن كانت ملايين الصور التي علقها السوريون والعرب عموماً للسيد حسن نصر الله قائد المقاومة الإسلامية في لبنان ستبقى طويلاً معلقة على جدرانهم، فموقف الحزب من غزو العراق و صيرورة الأحداث فيها جعلت الحزن والأسى يتفاعل في نفوسهم، وإذا قدر للحزب أن يسير على نهج قد يرسيه السيد حسن نصر الله بعد خطابه في مجلس عزاء حسيني في الضاحية الجنوبية لبيروت مؤخراً ، فإن ذلك يشكل إعلاناً صريحاً عن موالاة المشروع الأمريكي في العراق، ودعوة للسير في مشروع الاحتلال، في تناقض غريب ينسف كل الحضور الهائل للمقاومة وتاريخها وشرفها عربياً ومبرر قيامها في لبنان.
كان مخيباً جداً لا مفاجئاً فحسب مضمون خطاب السيد حسن نصر الله في مجلس العزاء الذي أقيم على أرواح ضحايا كارثة جسر الأئمة في بغداد، وفيه خرج نصر الله على صورته التي تكرست لدى الجمهور العربي كرمز نموذج للمقاوم (الجذري) لمشاريع العدو ووحدة الصف، وكأنه بهذا الخطاب يتوب عن ماضيه، وعن ضبابية موقفه مما يجري في العراق متخذاً وبغض النظر عن الأسباب من حكام واشنطن هدفاً لأفكاره ونهجه الجديد هذا، فبعد يوم من لقائه على "العربية" الذي أبدى فيه ولأول مرة مرونة هائلة في موضوع السلاح المقاوم واستعداداً لتسليمه بضمانات غير أمريكية بعد تحرير شبعا، أخرج السيد كل المكنون – المدفون، الطائفي الأقلوي في خطابه بمجلس عزاء (طائفي) على ضحايا الاحتلال الذين قتلوا مرتين الأولى بالكارثة، والثانية بالمتاجرة الرخيصة بدمائهم من قبل العملاء الذين جاءوا على دبابات المحتل، لا نصدق أن كلام العملاء في العراق المحتل يجد صداه عند "سيد" المقاومة ومذل العملاء في الجنوب اللبناني المحتل!!! وهل أنطوان لحد الذي حاربه السيد وطرده شر طردة بمختلف عن الجعفري أو الطالباني أو عن الجلبي مؤسس البيت الشيعي!!!
نعلن استغرابنا قبل استنكارنا لتصريحات السيد لأنه قبل أن يمس حقوقاً ندّعيها لنا بالمقاومة ووحدة الصف، قد مس نفسه بخيانة نفسه وتاريخه، هذا اللهم إلا إذا كانت مقاومته لغير وجه الله (لوجه الطائفة مثلاً وموقعها) كما يتهمون المقاومة البعثية والعشائرية والعروبية والإسلامية في العراق.
يتحدث "السيد" بناء على معلومات هلا أفصح لنا عن مصدرها؟؟ الثقة فيه كبيرة ولاشك، والكلام ليس من عندياته وليس من بنات أفكاره نعم هو صادق، الكلام من عند سيستاني وجعفري وقبانجي والعامري والشعلان وطغمة الطائفيين القتلة العملاء وعبدو الحكيم وارث شقيقه الحكيم المقتول الذي سماه عراقيون كثر بشهيد الكنادر، أجّلكم الله، ولولا "الحرس الثوري" الإيراني الذي سارع على مرأى من الخامنئي لحمايته لكادت أن تقتله أحذية العراقيين اللاجئين إلى إيران المنهالة عليه، قبل أن يقتل فيما بعد على باب الصحن الحيدري، لماذا لأنه قالها أفتى بالتعاون مع الكفار الأمريكان لإطاحة "الكافر صدام"!! أين في قم إيران عاصمة اللاهوت المحارب أمريكا للشيطان الأكبر المفسد في الأرض.
معروف أن "السيد" نصر الله هو على رأس جماعة دينية لها موقف فقهي من كل مناحي الحياة حتى من الأغنية نعم من الأغنية لا من الفيديو كليب فقط!!.
واحتاج الأمر سنوات وسيلان نهر الدم الفلسطيني مجدداً في الانتفاضة الثانية حتى سمعنا أغنية ((أناديكم)) لأحمد قعبور كأغنية كود للمقاومة الفلسطينية فحسب على شاشة تلفزيونهم المنار، فهل لمن يتشدد في الأغنية، أن يتساهل في أمر مرجع كبير يفتي باحتلال بلاده من قبل من سموه طويلاً "الشيطان الأكبر" فيسكت عن فتواه الخطيرة، أي إسلام هذا؟! وعندما يقتل يسميه السيد نصر الله بالشهيد الكبير محمد باقر الحكيم!! مسيرة القيادات الطائفية في تعاونها مع عدو العرب والمسلمين و"الشيطان الأكبر" كما أثخنوا فيه طوال سنين غير معقولة على الإطلاق، لقد خرج "حزب الله" من عباءة "حزب الدعوة" الذي لا يزال السيد محمد حسين فضل الله مرجعاً له يحذر من أمريكا كلما دق الكوز بالجرة، بينما يواليها "حزب الدعوة" مقلده ومريده وينصرها على المسلمين!!
وهو الذي نجا من محاولة قتل أمريكية له في بئر العبد في الثمانينيات سقط فيها عشرات المصلين تجعلنا أكثر ميلاً للاعتقاد بأن من قتل شهيد الكنادر هو من جاء به على ظهر الدبابة، ألا تذكرون مسؤولي العمالة وتصريحهم عن إلقاء القبض على ثلاثة سعوديين وهابيين أدخلوا السيارة المفخخة وفجروها ثم وكعادة الأعلام الحر والشفاف الأمر يكو- عربي لم يعد يتحدث عنهم ولا جرت محاكمتهم طبعاً لأنه لا يوجد وهابيين فخخوا ولا هم يحزنون، إنه الاستقطاب الطائفي فحسب وتنفيذ المخطط التقسيمي للعراق.
ما سمعناه هالنا بقوة نتمنى أن يخلد "السيد" لنفسه وليتفكر فيما قاله وما قاله ينسف وجوده ونضاله وجهاده التاريخي في لبنان.
1 - لقد حاربت المقاومة اللبنانية محتلاً وعملاء له نصبهم حكاماً على الأرض التي احتلها، في ظل صمت مريب من مرجعية طائفية لم تسم الاحتلال احتلالاً بل نصرت من اللبنانيين من يسميه تحريراً، واليوم يطالب أنصار لهم لبنانيون بإعادة الاعتبار لهم كلاجئين إلى "إسرائيل" لا كعملاء فارين، ما يقاومه بشدة "حزب الله" ويفند كل الأعذار والحجج المقدمة لذلك، مبدئية أليس كذلك؟ حسناً وحفظ لكرامة الوطن ودماء الشهداء؟؟ جيد ولكن هل يختلف أعضاء "الجيش الجنوبي"عن "ميليشيا بدر" و"البيشمركة" الذين شكلت منهم أجهزة شرطة وجيش تتولى قمع العراقيين والقيام بالمجازر الطائفية التحريضية وضحاياها عراقيين من كل الفئات، وتشكل درع وقاية للجيش الأمريكي من ضربات المقاومة العراقية الباسلة، وتداهم المنازل وتعتقل وتعذب وتنكل بالأبرياء، هل قبل حزب الله والمقاومة الوطنية اللبنانية تنصيب المقتول بشير الجميل رئيساً مرفوعاً على برج دبابة إسرائيلية ؟ ألم يتم الإتيان به (بصناديق اقتراع مجلس نيابي منتخب!!) هل قبلنا به كوطنيين وقوميين وإسلاميين وشيوعيين ألم يقتله حزب مقاوم؟؟
2 - يتهم "السيد" ((تكفيريين)) على العموم بتدبير مجازر للأطفال والنساء في المشافي والجوامع والحسينيات وهنا نحيل "السيد" إلى ما يجعله متخوفاً من نتائج تحقيق ميليس ويدعوه للتريث قبل صدور نتائج التحقيق، هذه الأكاذيب هل فيها حكم محكمة واحد هل فيها تحقيق نزيه واحد لا يقل لنا "السيد" نصر الله أن حازم الشعلان وهادي العمري وباق رصولاغ هم حياديون لا نطلب منه اعتبارهم خونة فالتضامن الشيعي عنده على قاعدة الولاء لطهران هو جوهر إسلامه وحرصه على الأمة، نطلب منه أن يعتبرهم خصم للمقاومة ولا يجوز تصديقهم وحدهم، ثم ألم يقرأ السيد بيان مكتب الخالصي حول "الانتحاري السني" المزعوم الذي فجر مرقد الإمام الرضا مكذباً الحادثة جملة وتفصيلاً ومؤكداً أن قذائف مصدرها موقع أمريكي قريب سقطت وأن شخصاً ألقى قنبلة يدوية وسلم نفسه للشرطة العميلة واختفت آثاره بعدها، هل الشيخ الخالصي الذي ُقتل مريدوه ومقلدوه في الصحن ينام على دمهم... ويتواطأ مع القتلة (الُّسنة) وقد كرر تحميل الاحتلال وحكومته العميلة مسوؤلية فاجعة الجسر، ثم لماذا الخلط بين "التكفيريين" و"الصداميين" ولماذا التسمية "صداميين" لا بعثيين كما هي حقيقتهم، أمن أجل بقاء الذاكرة المرة حية حسناً هي ذاكرة مرة لكن جاء ما هو أمر وأدهى، هل معلومات السيد يستقيها من العامري بطل تعذيب الأسرى العراقيين في إيران أم من الجلبي اللص الشهير، أم من عمار الحكيم الذي وصف شباب شعبه الذي هبوا للدفاع عن مزارعهم وأراضيهم من تطاول الكويت وقضمها لتلك الأرض بقوة الاحتلال فوصفهم بالرعاع الذين لا يعبرون عن موقف حكومة جعفري (أشيقر)، هل من يتوجهون للشعب العراقي بأسماء وهمية وأخرى حركية وغيرها مخابراتية هم مصدر ثقة عند حسن نصر الله؟؟؟!!!، ما هكذا يكون المقاومون الأنقياء.
3 - لا نعرف لماذا يساوي بين المقاومة "الصدامية" والاحتلال الأمريكي و"كلاهما سيء" كما يقول، أليس في كلامه شبهة قبول "الشيطان الأمريكي الأكبر" الذي يلاحق نصر الله في لبنان للإجهاز عليه، وعلى كل بندقية تخفف من اختلال الكفة مع "إسرائيل"!!، هل المقاومة كأمريكا؟ لعمري إنه هنا يتقمص عقل عمرو بن العاص!! وينسف كل منهج وعقلانية أدهشنا بها سابقاً. ثم ألا يحق "للصداميين" أن يقاتلوا الاحتلال، ومنذ متى كان يدخل نصر الله إلى صدور الناس ليعرف ما في قلوبهم؟؟ كيف يصر على أنهم يريدون سلطة فقط مسقطاً من الحساب كل شرف ووطنية وحمية دينية ومصلحة مشروعة ورفضاً للأجنبي الذي كان يسميه مراجع السيد الإيرانيين "الشيطان الأكبر"، كلنا نعرف أن العراق لن يعود كما كان قبل الاحتلال ومعمودية الدم المقاوم ستعيد تشكيله من جديد مستفيدة من أخطاء الماضي هذا ما يصرح به "البعثيون الصداميون" مستنكرين في نفس الوقت المساواة بين صدام الذي قاوم الغزو وبين من جاء مع الغزو ليقاتل شعبه معلومات السيد تقول له ما ذا يفعل "التكفيريون والصداميون".
لكنهم لا يقولون له أن مظاهرات بعقوبة وديالى والبودياب بالآلاف، رفعت صور الصدر الشهيد ومقتدى وصدام، هل قالوا له (نعم ولا) هل قالوا له ماذا يهتف العراقيون في الناصرية؟!! ((وهاهم أهل مدينة الناصرية يرددون: يا صدام رد لينه = = = = = من اللطم ملينه)). يعني ارجع لنا يا صدام مللنا اللطم في المسيرات!!!
نعم أشقاء السيد في "حزب الدعوة" ومجلس الحكيم المسيطر عليهما من قبل إيران، وبواسطة إيرانيين و"مناضلين" شيعة من كل قوميات الأرض، يخافون من البعث وطرد الاحتلال يخافون من نهايتهم القادمة، وهم كعملاء لحد تماماً برروا العمالة بخوف طائفي (مسيحي ماروني) من المسلمين ومن الفلسطيني وبضغط الآخر العربي القومي (الفلسطيني) هل لما يجري للفلسطينيين في العراق الآن شبه بما جرى لهم على يد الانعزالية الطائفية في لبنان؟!، لكن فليعلم السيد نصر الله أن للدم الشريف المقاوم ضريبته وأخلاقه الرفيعة، وكما كظم الحزب عند التحرير سيكظم المقاومون (ومنهم الصداميين) عند التحرير لن ينتقموا من أحد لكنهم غير محكومين بتوازنات طائفية كما كانت المقاومة في لبنان، وسيحاكمون العملاء وفق القانون العراقي، حيث لم يستطع مقاومو لبنان فرض هذا الشيء على عملاء الجنوب، وها هم يدفعون ثمن التكتيكات الإقليمية فرق حساب بين القوى، ولو أن تمردهم على الوصايات كلها سيراً في الخط المقاوم سيشعل الأرض تحت أقدام الغزاة وسيقلب كل الخطط، يحق لنا أن نسأل "السيد" لماذا أخرج مسيرة الأكفان العام الماضي؟؟!
استعراض طائفي في لبنان أم نصرة (لشيعة العراق) من تهديدات الغزاة ، وكأن الغزاة يمكن أن يفعلوا شيئاً أخطر وأفظع عند ذي العقل من الاحتلال!، ثم كان ضرب الصحن العلوي المطهر عند "السيد" فتم تفصيل أقمشة الأكفان المنتظرة عند المساس بالصحن العلوي أعلاماً لبنانية في سوق المتاجرة بالوطنية مع المعارضة الأخرى العميلة، موقع الطائفة في المنطقة هاجس "السيد" وهو خائف عليهم في العراق ومن الآخرين في لبنان؟ خوف مبرر لا شك نتقبله منه بالأخص على عملاء العراق فيوم القصاص قادم، لكن نحب أن نوضح "للسيد" أن اليساريين الشيوعيين غلبوا المصلحة القومية في خلافهم معكم وتجاوزوا دماء القادة الشيوعيين المقاومين التي أهرقتموها في سبيل الاستفراد بالساحة المقاومة، ولم يحقدوا عليكم لدرجة تمني الخلاص منكم على يد عدوهم الرأسمالي أو الصهيوني، وحفظ الشيوعيون شرف المقاومة ولم ينساقوا إلى تبني مواقف العدو وعملائه نكاية بكم بعد أفعالكم الدموية الرهيبة واللامسؤلة، لماذا لا تقتدون بهذا التغليب للمصلحة القومية العليا وتتجاوزون "أسطورة الشيطان صدام"؟!!؟؟ ألانكم أقرب للقومية العربية في لبنان منه في العراق لم التناقض؟!
4 - حول فاجعة جسر الأئمة لا تأخذنا نظرية المؤامرة فلا الأمريكان خططوا ولا "الصداميين" ولا "التكفيريين" نفذوا، ببساطة إنه اللامبالاة بالناس وحقائق الاحتلال وتدمير الدولة الوطنية ومؤسساتها، أرض حرب و(إرهاب) كيف يخرجون الملايين فيها للاستعراض الطائفي أو لممارسة الطقوس؟؟ كان الحري "بالسيد" ألا يقتصر في متابعته للخبر على "الفرات" و"العراقية" و"العالم" و"المنار" فكل ما جاؤوا به أكاذيب فاقعة، "تكفيريون سنّة يسممون الموكب بشراب وطعام مسموم"!!!! يا للتقدم العلمي بعد سويعات وبدرجة حرارة فوق الخمسين تفسد كل شيء يخرج العملاء ليقولوا حصل تسميم من "التكفيريين" هل شّرحوا جثثاً هل صدرت نتائج تحقيقات؟ هل قاموا بواجباتهم في الإنقاذ؟ كم تأخرت سيارات الإسعاف على الحواجز الأمريكية وما دور الحواجز الكونكريتية التي زرعوا بغداد بها في الفاجعة؟!، قبل أن يطالب "السيد" عدم استباق نتائج تحقيقات ميليس، ليدلنا على تحقيق واحد في كل ما يزعم نسبته "للتكفيريين" في العراق، عملاء أمريكا من أشقاء "السيد" لا يكلفون خاطرهم إصدار التقارير فإعلامهم حجة بذاته منزل كالقرآن.
الناس لا تزال في الطرقات (مشلوحة) وفي الماء تكابد الموج المتلاطم وتيار دجلة القوي، ولم يأبه لها أحد لا بل الجلبي اتخذ لنفسه مكان يصور فيه على أنه مكان الحادثة زاعماً أن لا تدافع ولا قتلى! وانتفاض قنبر يقول جريحين، في حين كان أهل الأعظمية وسائر المناطق القريبة من الفاجعة يبادرون في تعبير خلاق ورائع عن وحدة الشعب العراقي وتهافت أكاذيب الطائفية للمساعدة وإنقاذ الغرقى.
في حين تبرع الجعفري برواتبه للشهور الباقية من السنة، كيف سينفق ويأكل هذا "المجاهد الإسلامي البار"؟! نتساءل فقط من مطاعم "المنطقة الخضراء" التي لا يجرؤ على إقامة لقاء صحفي فيها في الهواء الطلق خوفاً من رصاص المقاومة التي تسللت إليها عشرات المرات وفي إحداها حرقت الطابق الذي فيه مكاتب "اجتثاث البعث"!.
لا خوف على العراق فله مقاومة تحرره، إنما الخوف هو على أشقاء "السيد" الذين ستتركهم أمريكا يوماً ما لمصيرهم البشع، لسنا في مقام الدفاع عن "تكفيريين"، لكن النفخ في قربة مثقوبة لا يستهوينا وهذا تضليل قبيح لحقيقة ما يجري في العراق من حركة تحرير شعبية تواجه عدواً رهيباً، يسيطر على الفضاء الإعلامي تماماً وحتى خصومه لا يؤيدونها لحسابات رخيصة.
ما من شي أسهل من استهداف المدنيين، ولكن المقاومة لا تقتل شعبها فهو الماء الذي يحتضنها كسمكة..
ما يحاك لـ"حزب الله" في لبنان هو عينه ما يحاك للمقاومة و"الصداميين" في العراق، كيف يصب "السيد" ماءه في طاحونة أعدائه في العراق ويحذر في نفس الوقت من الفتنة في لبنان!!. "هلال شيعي" و"مثلث سني" ستتداخل الأشكال الهندسية أكثر وأكثر وستتشظى نقاطاً أو قطعاً لا هوية لها، الأنكى أن "السيد" يعرف هذا وغيره ما يدعونا للتأكيد على أن كلامه الخطير هذا هو استجابة سريعة لشيء ما، يقايض به "السيد" ما يمكن أن يجري في لبنان بما يريدون أن يجري في العراق، من تمرير لدستور وتقسيم وإذكاء الحرب الأهلية الخفية القائمة الآن ومدها من مواجهة بين مقاومة وبين عملاء وهذه بحد ذاتها من أشكال الحرب الأهلية، إلى مواجهة أهلية حقيقية بين طوائف ومجموعات.
حتى الآن يبدو أن الأمريكيين خائبين، وما صور الصدرين مقتدى والشهيد الصدر المرفوعة إلى جوار صور صدام إلا إرهاصاً لما هو قادم سيفرض الشارع العراقي على "الصداميين" والصدريين اللقاء، وإلا فسيتم تجاوز من يتخلف على اللقاء الوطني من القيادات، في أي نقطة من الطريق لا يهم، المهم هو اللقاء، ودملة "المظلومية الشيعية" ووهم حكم العراق بشكل طائفي قد أشبعت نفخاً وتفجرت وخرج قيحها ُمزيداً غضب العراقيين من الشيعة تحديداً على هذه التجربة الفاشلة في الحكم، وما هبة الصدريين على "ميليشيا الحكيم – بدر" وحرق مكاتبهم وفرارهم منها تحت صيحات اللعن والتوعد بإعادتهم إلى إيران من حيث أتوا، إلا إنذاراً وإشارة على سرعة وعمق التفاعل داخل تلك المجموعة العراقية باتجاه حسم الخيار الوطني. والتحاق الفقراء المسحوقين بالمقاومة المسلحة التي يقودها حزب البعث سيكون بداية لمرحلة جديدة من عملية تحرير العراق، ستكون شديدة الدموية فالأمريكيون يستحضرون ذكرى وشبح فيتنام، ولكي لا نتوهم نصراً سريعاً فهذا الاستحضار نذير شؤم فالغزاة لن يقبلوا بالهين هزيمة جدية ستكون نتائجها درامية في كارثيتها على الإمبراطورية الأمريكية التي كشف إعصار كاترين هشاشة مثيرة لها من الداخل جعلت السيرلانكيين يتندرون على الأمريكيين وأخلاقهم المتدنية وسوء تصرف حكومتهم مع الكارثة.
"السيد" نصر الله لا يزال مشدوداً رغماً عنه إلى (وقعة الحرة) ومقتل الحسين بعد 1400 سنة، لكن هل ستتحول دماء محمد وعلي والحسين العرب الأقحاح التي تجري في عروقه وعروق أشقائه من الأسياد إلى ماء يصب في طاحونة الأمريكان، التي تستهدف القمح العربي القاسي (ضمناً السني كوعي أمة)؟؟؟؟
لم نعن الدموية كعرق فمثال ((المارونية)) السياسية لا زال أمامنا يحول دم الموارنة العربي إلى ماء يصب في طواحين من يلزم لحفظ الطائفة من وهم الشقيق المتربص!!
المقاومة مشتعلة في العراق وأيلولة المقاومة الإسلامية في لبنان لا تطمئن على الإطلاق فهل علينا الضياع بين مقاومة دينية غريزية لا وعي أمة لديها ولا مشروع وطني، وبين علمانيين ليس لديهم اليوم إرادة ولا قدرة ولا نفس للمقاومة؟؟
* حلب – سوريا