أمريكا لماذا تناصب العداء لمحكمة العدل الدولية ؟!
أمريكا
لماذا تناصب العداء لمحكمة
العدل الدولية ؟!
بقلم : عبد الله خليل شبيب
لاشك أن المحكمة الجنائية الدولية إنجاز إنساني عظيم .. مع علمنا أن أحكامها خفيفة جداً بالنسبة لجنايات المحكومين من مجرمي الإبادة الجماعية والجرائم الدولية والإنسانية المنكرة .
ولأنها ـ على أي حال ـ من معالم العدل ، لذا كان موقف المجرمين منها سلبياً ؛ فقد ناصبها الحكام الغربيون المتزمتون في واشنطن ؛ وكذلك الصهاينة الجناة في فلسطين .. ناصبوها العداء ؛ وتحاول أمريكا " النظام العدواني الدموي الإرهابي المتطرف " تحاشي أحكامها والضغط ـ بسيف الرشوات غالباً ـ على الدول الأخرى كيلا توقع وتصدق على نظامها .. ولتستثني جنودها من الخضوع لأحكام تلك المحكمة ..، مما يدل على شعورهم " اليهود والأمريكان " أنهم جناة .. وعلى إصرارهم على الاستمرار في جرائمهم ضد الشعوب والأفراد !
لقد اقترحنا ـ أكثر من مرة ـ أن يتم تسويد قوائم بأسماء " الجلادين واللصوص " الرسميين ؛ الذين يسومون الشعوب سوء العذاب ـ وخصوصاً باسم النظم وحمايتها ـ كما يحصل في كثير من بلدان العالم الثالث .. والمتواطئين عليه ممن يدعمون وينشئون ويسلحون تلك النظم الجائرة ... والذين يستغلون مواقعهم ومناصبهم لنهب ثروات الشعوب وتبديدها .. وحيث أن تلك الشعوب مغلوبة على أمرها ولا تستطيع غالباً ـ أن ترد الظلم والإهانة ، إلا بردود فعل عنيفة قد تضر أكثر مما تنفع ـ كما حصل ويحصل أحياناً ـ .. كما أن المعذبين قلما يستطيعون تحديد هويات الجناة الذين غالباً ما يتخفون خلف أقنعة وأسماء وكنى مستعارة ، لمعرفتهم بجرائمهم وخوفهم من يوم العقاب الدنيوي ..
ولذا كان لابد من تضافر جهود دولية وشعبية داخلية وخارجية ، بما في ذلك الهاربون إلى المنافي من القمع .. لجمع معلومات عن " المجرمين وجلاوزة التعذيب ". ولاشك أن رؤساءهم معروفون ، كوزراء الداخلية ورؤساء المخابرات ورؤساء الدول ، وهؤلاء بالذات يجب التحقيق معهم بدقة ، ولو اتبعت معهم نفس أساليبهم مع ضحاياهم ، ليعترفوا بجرائمهم ، ويدلوا على " أدوات صيدهم " من الوحوش أشباه البشر الذين كانوا يستخدمونهم لتعذيب الناس وإرهابهم ، مقابل لقيمات يلقونها إليهم ! أو أحقاد ومطامع وتضليلات يحركونهم بها كما تحرك الأدوات الصماء !
ولاشك أن كثيراً من أولئك الجناة معروفون ، وبعضهم يتباهى بما فعله ويفعله ، أو يبرره ؛ كما قال " رفعت الأسد " حين سئل عن جرائمه " إنه كان موظفاً ينفذ الأوامر" .
كما أن المجني عليهم قد يملكون بعض المعلومات المفيدة في هذا الصدد .. وقد صدر ـ مؤخراً ـ بيان عن " حركة كفاية " بمصر حول الأحداث البشعة الأخيرة والتصرفات " الرسمية " الشنيعة ، التي واكبت " الاستفتاء المهزلة " على المادة 76 من الدستور المصري ..، وهددت الحركة باللجوء للمحكمة الجنائية الدولية في حال " لفلفة الجرائم وتطنيش الشكاوى والبلاغات المرفوعة "..
وتضمن بيان " كفاية " عدداً من أسماء قيادات مباحث أمن الدولة .. منهم العميد " أحمد العزازي " ـ مسؤول النقابات المهنية في مباحث أمن الدولة ـ فرع القاهرة ؛ والعميد " حسام سلامة " ـ مسؤول قسم الفكر والصحافة والإعلام ـ فرع القاهرة ـ لمسؤولية " كوادره " عما حصل أمام نقابة الصحفيين من تجاوزات وانتهاكات .
وكذلك اللواء " إسماعيل الشاعر" مدير مباحث العاصمة " جزار بجدارة ".. واللواء " نبيل العزبي " مدير أمن القاهرة ..، والذي يدير مباشرة عمليات القمع والبلطجة وهتك أعراض المصريات صحافيات وغير صحافيات أمام مبنى نقابة الصحفيين في يوم الاستفتاء الأسود وغيره !
ولاشك أن " اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية " على رأس قائمة المطلوبين !
ومن الجديد والمهم أن بيان كفاية ، أكد أنها ستلاحق المتهمين قضائياً في مصر وخارجها .. لدى المحكمة الجنائية الدولية ؛ وفي منظمات حقوق الإنسان في كافة أرجاء العالم ؛ ولن تتوقف عن " مواجهة وفضح النظام المتجاوز".. بكل ما تستطيع من الأساليب السلمية ؛ حتى ينال كل مجرم جزاءه العادل !
وهذا تطور خطير ومهم أن تتجرأ جماهير الشعب المصري بالتوجه إلى معقل التعذيب والإرهاب والإجرام " مقر مباحث أمن الدولة في لاظوغلي " وتتظاهر أمامه منددة بما أسمتهم " باشوات التعذيب " !.. هذا يدل على أنه بلغ السيل الزبا ، وأن وقت القصاص قد دنا ، فهل بدا العد العكسي لذلك ؟!
ومن ناحية أخرى في معقل آخر من معاقل إهدار حقوق الإنسان ـ سابقاً ولاحقاً وحالياً ـ في المغرب عقدت عدد من المنظمات غير الحكومية " محاكمة رمزية " لعهود الشطط السابقة في تدمير الإنسان وحقوقه " بين سنتي 1960 و 1990 "، وقدمت هيئة محامين برئاسة نقيبهم " محمد اقديم " بيان اتهام بأسماء عشرة مسؤولين كبار بعضهم متوفى مثل المجرمين " محمد أوفقير، وأحمد الدليمي ".. ومن الأحياء " إدريس البصري ".. إضافة إلى بعض المجرمين الذين لا يزالون يشغلون مناصب عليا وعسكرية " دلالة على إصرار النظام على أسلوبه القمعي التعذيبي ـ كما لا يزال يحصل مع بعض المعتقلين الإسلاميين ـ وإصراره كذلك على حماية المجرمين ".. وشهد في المحاكمة بعض الضحايا وأقرباء الضحايا المغدورين والمخفيين ..، واعتبر الناشطون لحقوق الإنسان أن لا يمكن تحقيق مصالحة وطنية حقيقية بدون معاقبة مرتكبي التجاوزات .. ونتساءل : وماذا عن الذين أنقذهم الموت من عقاب الدنيا ؟ ! وأفلتوا منه فقد أنقذهم منه عزرائيل ! .. لاشك انهم سيلقون في الآخرة ما لا يتصور من العذاب .. ولكنه عذاب لا يراه ـ وقد لا يؤمن به خلفاؤهم ـ جناة الحاضر، وحتى بعض الضحايا الذين يريدون الانتقام وإشفاء غليلهم ..
ولعل من العدل أن يعاد على ورثتهم فتصادر أموالهم .. بدون إنكار عليهم أو رفض لجناياتهم ! .. على مرأى من العالم والفضائيات ومسمع .. ليكونوا عبرة للآخرين :
ومحال أن يصبح الدم ماء ويفر الجاني بغير عقاب !
ونحن نستغرب لماذا لم يرفع أحد حتى الآن قضايا ـ لدى المحكمة الجنائية الدولية ـ ضد بعض السفاحين الذين طغت شهرة جرائمهم الآفاق وأزكمت روائحها الأنوف ـ وما أكثرهم ـ كرفعت الأسد مثلاً وصدام وعلي الكيماوي وكثير غيرهم ...، وكذلك اللصوص الذين يسطون على أموال الشعوب مثل " موبوتو" و " الجلبي " وأمثالهما .. وككثير ممن لا زالوا في مواقع السلطة والقرار يرتعون بأموال الشعوب وأقواتها ؟!