سقوط القيم في محاكمة انجرز بفرنسا
سقوط القيم في محاكمة انجرز بفرنسا
المهندس طارق حمدي
بدأت محكمة فرنسية في يوم 28/7 باصدار الأحكام ضد المتهمين في أكبر قضية لإغتصاب الأطفال، وتحاكم المحكمة 39 رجلا و 26 إمرأة بتهمة الاعتداء على 45 طفلا واستغلالهم للدعارة في أحد أحياء منطقة انجرز التي تبعد 165 ميلا عن باريس. وفي مقال بصحيفة الغارديان البريطانية 4/3/2005 قال أحد المحاميين : " إنها قضية فيها كل الفظائع. فبعض الضحايا أطفال لم يتمكنوا من المشي بعد ، وبعض المتهمين اغتصبوا أبناءهم وباعوهم لأشخاص ليمارسوا الجنس معهم في مقابل الطعام أو السجائر". وذكرت نفس المقالة أن فتاةً تبلغ من العمر 4 أعوام أغتصبت 45 مرة.
وهذه ليست حادثة هامشية فريدة، ولكنها ظاهرة خطيرة في الغرب، فقد كانت هناك قضية مماثلة السنة الماضية في أوتريو في فرنسا، كما أن الصحف تطالعنا باستمرار بمثل هذه الفظائع (راجع تقرير الحياة 8/7/2005 أمهات بلا عواطف). فإن جرائم الأطفال وحيازة صور الاعتداءت قد انتشرت في العالم الغربي فقد ذكرت الغارديان في 5/3/2005 أن مكتب التحقيق الاتحادي الـ FBI الأميركية قد حصلت على تفاصيل مائتين وخمسين ألف شخص يشتبه بأنهم يراودون مواقع على الإنترنت تعرض صور جرائم الأطفال، كذلك ما ذكرته شركة BT للاتصالات، وهي من أكبر شركات خدمة الإنترنت في بريطانيا، "بأنها تمنع يومياً ستين الف محاولة للدخول على مثل هذه المواقع".
وعلى الرغم من أن الحكومات الغربية تقوم بحملات ضد مرتكبي الجرائم وتعاقبهم عليها، كما أنشأت مؤسسات لحماية الأطفال واحتضانهم بعد نزعهم من ذويهم إذا اشتبهوا في حالات اعتداء. ولكن رغم ذلك فان هذه الجرائم في ازدياد فظيع، ففي بريطانيا ذكرت وزارة الداخلية أن عدد الجرائم الجنسية ضد الأطفال قد ازداد من 549 في 2001 الى 2234 عام 2003.
وهكذا نجد أن الغرب يتعامل مع الجريمة بعد حدوثها، بدل أن يقوم بمعالجة الأسباب المؤدية الى هذه الظاهرة. وأسّ المشكلة حقاً هي في المفاهيم التي يعتنقها الغرب، حيث أن الحضارة الغربية تقوم على أساس فصل الدين عن الحياة وإنكار أي تأثير للدين فيها، وجعلت غاية الإنسان في الحياة هي الحصول على أكبر قسط من المتع الجسدية، فهو يسعى لإشباع شهواته الجنسية وغيرها بكل وسيلة ممكنة، ولا رادع له سوى القانون، فلا رادع ديني ولا أخلاقي ولا إنساني، ولذلك فإن تمكن هؤلاء من تجاوز القانون من غير لفت النظر إليهم فإن أغلبهم لا يتورع عن ذلك، وهذا ما يفسر أن أغلب الاعتداءات تكون في داخل العائلة نفسها.
فالعلاقة بين الرجل والمرأة تتركز على الناحية الجنسية، وقد أصبح جسد المرأة سلعة تباع وتشترى وتؤجر بغية تحقيق الأرباح المادية، كما هو حال الأثاث وكافة السلع الأخرى. وقد أدى هذا إلى جرائم كثيرة حيث أن اغتصاب النساء أصبح جزءا من الحياة الاجتماعية في الغرب، فمكتب التحقيق الاتحادي FBI ذكر في تقريره السنوي لعام 2003 عن الجرائم أن 93000 إمرأة يغتصبن سنويا في أميركا. كما تزايدت ظاهرة العلاقات الجنسية الشاذة حيث بات لهم مجتمعاتهم الخاصة. وهكذا ينحط الواقع الاجتماعي في العالم الغربي وصولاً إلى اغتصاب الأطفال وخصوصاً الأبناء.
وفي بلاد المسلمين ادخلت حكومات المسلمين الحضارة الغربية وفصلت الإسلام عن الحياة وخف أثر القيم الأخلاقية على سلوك الناس حيث قام الإعلام بالتركيز على الجنس وإثارة الشهوات بشكلٍ خطير في ظل عدم توفر إمكانية الإشباع بشكلٍ شرعي، ما بدأ يدفع بظهور الكثير من الفواحش في مجتمعاتنا. ولذلك فالحل الوحيد لهذه الظاهرة هو التخلص من الحضارة الغربية وقيمها وهيمنتها على العالم.