نظرة وتحليل على انتفاضة الشعوب في جغرافية ما تسمى ايران

عبد الوهاب الخانجي

نظرة وتحليل على انتفاضة الشعوب

في جغرافية ما تسمى ايران والظاهرة الجديدة

في البراتيك والتكتيك النضالي

عبد الوهاب الخانجي الأحوازي (أبو شهاب)

حينما كانت الشعوب تناضل, ليس كل الشعوب ولكن تلك الرازحة تحت طائلة الاستعمار أو الاستبداد , كان من الضروري ان تظهر و تحت القهر نخبة أشداء من الشعب واضعين أرواحهم على اكفهم فداءا لمبادئهم ولشعوبهم بعنوان قيادة لكي يخلقوا تنظيم استمر العمل عليه سنين طويلة .

وهكذا صار من الطبيعي تجمع الناس في تكتل واحد يقود الجماهير لتحقيق الأهداف والسير بهم نحو الانتصار وبالتالي إزالة الأنظمة الفاسدة الجائرة فكان من الضروري تقيد القاعدة بأوامر القيادة وتنفيذ ما تريده.

اليوم في إيران كجغرافية, تغيرت المعادلة وهذا بسبب وجود وظهور ظاهرة ثورية جديدة على ساحة النضال الذي جلب إعجاب العالم وأذهل العدو بحيث كان من الصعب التصور ان يتجرأ أو يحتج احدا على ممارسات هذا النظام الفاشي وأساليبه القذرة الغير إنسانية طيلة ثلاث عقود.

هذه الثورة أو الانتفاضة نمت و ترعرعت عناصرها من خلال سنين ثورة الشعوب وكسبت قوة من تجارب جيل الماضي التي مضى عليها زمن بحيث تعلم هذا الجيل الرافض للحكام و سياستهم القمعية والضغوط الرجعية وطرقهم الملتوية وغشهم لشعوب المنطقة تعلم كيف يتعامل مع هذا النظام والقضاء عليه مع عدم وجود أي حزب رسمي يقوده و يوجهه.

هذه الشعوب بعد ان أتيحت لها الفرصة ( تزوير الانتخابات ) استطاعت ان تغير كل المعادلات السابقة بحيث اختلفت تماما عن باقي الثورات والانتفاضات التي حدثت من قبل في العالم من حيث تكوين القيادة و الأسلوب في التنظيم و التخطيط والتنفيذ والارتباط بين المجموعات والتنسيق بينها و من أهم الخطوات التي قامت بها استعمال التكنولوجيا المخابراتية والإعلام وإيصال أخبار الانتفاضة في وقته ونقل الحوادث اليومية المرئية والمقروءة لكافة العالم مثل النقال و الانترنت بعدما راح النظام يمنع وسائل الإعلام و وكالات الأنباء الداخلية والخارجية وحجب أخبار الانتفاضة عن الشعوب و المجتمع الدولي وعدم انتشارها أكثر و أسرع حتى لا يعرف العالم عن جرائمه بحق الشعوب في جغرافية ما تمسى ايران والكشف عن حقيقته الشوفينية وكشف هذا الأسلوب من طرف الشعب الثائر دفع بعض الشريكات العالمية لنقل الأنباء و لبحث عن كشف أسلوب جديد و البث عبر البريد الالكتروني (أف أو أي) القادر على تحويل الخدمات البريدية الالكترونية الأكثر سرعة لخدمت الشعوب المغلوبة على أمرها على غرار (غوغل) .

من ذلك استشهاد العديد من عناصر الشعوب على ساحات طهران في هذه النهضة الذين ضحوا بأرواحهم ودليل ذلك الشهيد الدكتور الاحوازي يعقوب برواية الذي كان من الشهداء الأوائل لهذه الانتفاضة.

ومن ذكاء وحنكة رجال هذه النهضة استطاعوا قلب الطاولة على النظام الذين عملوا المستحيل لإفشال جميع حيله, و من ثم جر الملايين من الشعب إلى الشارع احتجاجا على تزوير الانتخابات و سرقة آراء الشعب لصالح الرجعية , وهكذا عرفت كيف توجه الضربة لهذا النظام القمعي مستفيدة من وجود التضاد بين التيار الذي انشق من النظام باسم الإصلاحيين واستطاعت ان تسحب البساط من تحت أقدامه بأقل خسارة و فوق هذا كله ومن انجاز هذه النهضة وحدت المعارضة في الداخل والخارج على اختلاف أحزابهم ومبادئهم رغم قطيعة دامت ثلاثة عقود وعلى هذا أصبحت الناطق الرسمي للانتفاضة في المجتمع الدولي . و إذا كان دعم رجال النهضة للإصلاحيين استمر فذلك ليس حبا للإصلاحيين نفسهم بقدر ما هو كرها للمتشددين لذا كانت الشعوب تستعد أكثر من ذي قبل لدعمهم لكي تحصل على موضع قدم في السياسة لأن السياسة هي فن المستحيل و هذا الجيل يعتقد بالنضال الديمقراطي و السلمي المقبول عصريا كتاكتيك مقطعي .

وجاءت هذه القاعدة الجماهيرية بأسلوب وزخما جديد لكي تعطي صفة القيادة لهؤلاء الإصلاحيين وتأكدت من الكفائه التي لديهم و يستطيعون القيام بالمهمة و الإستراتجية الموقته للمرحلة التي كان الشارع يترصدها طيلة ثلاث عقود . و لأن هذه الشخصيات تحمل المؤهلات الكارزمة لهذه الظروف المرحلية التي خلقتها الشرائط الانتخابية وأيضا ماقامت هذه القاعدة الشعبية الواسعة من انجازات ذات أهمية كبيرة رغبتها وشجعتها باستلام القيادة وليس العكس وكانت الأوامر تصدر من القاعدة للقيادة والدليل على ذلك ساعة كشف عملية تزوير الانتخابات قيام القاعدة بالتظاهر والطلب من حسين موسوي ومهدي كروبي ان يردا لهم أصواتهم التي صوتت لهما وعلى هذا الأساس دعمت القوى الرافضة حسين موسوي بقيادة المرحلة فقام الموسوي بطلب إجازة من وزارة الداخلية بخروج مظاهرة وكان الرد بالنفي كما هددت وزارة احمدي نجاد بأنها سوف تضرب بيد من حديد كل من حاول الخروج و التظاهر, وعلى هذا الأساس كان موسوي مترددا وهم بالتراجع لولا همة الجماهير, وأصبحت القيادة في أمر واقع إما الالتحاق بالقاعدة وإلا فان هذه الأخيرة سوف ترفضها القاعدة وتختار البديل.

وهكذا رأينا كيف خرجت الملاين من كل حدب وصوب بقيادة القاعدة الجماهيرية التي اختارت الزمان والمكان وسارت الملايين من ميدان الثورة نحو ميدان الحرية في طهران وبعض من المدن و بهذا الخروج انهارت هيبة النظام وجبروته و إرهاب الدولة وجناياتها المروعة للشعوب التي كانت تمارسها الدكتاتورية بحجة الدين والمذهب طيلة ثلاثة عقود ضد الشعوب والقوى الوطنية الفارسية التي راح فيها الاف الضحايا تحت مقصلة المتشددين من اجل السلطة متخذين المذهب كله وسيلة للتحكم بأموال و أرواح ونواميس الشعوب كما سمع العالم بجرائمهم الأخيرة والتعدي على نواميس وتعذيب المناضلين في سجونهم الإرهابية مستعملين أقذر أساليب القرون الوسطى الوحشية كما يعمل الجبان حينما يستولي .

وأخيرا من اجل ان نأخذ العبر من ما جاء أعلاء لذا يكون من الطبيعي والتزامن علينا كجزءا من الشعوب المناضلة ان نستفيد من أساليب النضال التي اثبت ايجابيتها لذا علينا نعممها على شعوبنا من اجل دفع عجلت عصيان المدني كوسيلة ضاربة ومن ثم كسب الانتصار على أعداء الشعوب لأنه الوعي هو بمثابة المعول الذي يهيئ الارضيه للقيام بانتفاضة شعبية عارمة كما أثبتت النهضة الأخيرة التي أعقبت عملية تزوير الانتخابات .

هذا وشكرا