سنتان لإنجاز السلام الأوبامي

سنتان لإنجاز السلام الأوبامي..

سنتان لإنجاز فياض دولة فلسطين

د. أديب طالب *

[email protected]

الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما، حدد سنتين لتنفيذ المساقط العملية لرؤيته السلمية على أرض الواقع الجغرافي والسياسي لمنطقة الشرق الأوسط الكبير ـ طبعاً هذه التسمية لا تعجب الحالمين ببعث دولة الخلافة الاسلامية، ولا تعجب الحالمين ببعث دولة الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة ـ. سنتا أوباما، تبدأان من نهاية المؤتمر الدولي للسلام المتوقع عقده في أواخر عام 2009 أو في بدايات عام 2010.

رئيس وزراء دولة فلسطين سلام فياض، حدد سنتين لإقامة المؤسسات التنفيذية للدولة

الإنمائية والخدمية. وسنتا فياض تبدأان لحظة إقرار رئيس دولة فلسطين لخطة فياض، وليست الإقامة على الورق كما قالت حماس، وانما على أرض فلسطين 1967.

ثمة توافق زمني بين الرؤية الأوبامية وخطة فياض. ولو استعرنا عقل المؤامرة من أصحابها، لقلنا ان ثمة اتفاقاً منجزاً بين الأميركيين والفلسطينيين العقلانيين المعتدلين. ولو استخدمنا لغة الوقائع والترابط الجدلي، لقلنا ان السلام هو القاسم المشترك، للرؤية والخطة معاً، ولعله التخاطر التلقائي، فالأرواح جنود مجندة، ما تآلف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف، والائتلاف خير للأوطان والابدان.

ليبرمان العنصري وزير خارجية دولة العدوان الإسرائيلي، ضد الرؤية وضد الخطة معاً، ولقد قرر أن إسرائيل سترد على الاثنتين معاً، وأنه مع بقاء الحال الراهن على ما هو عليه، ومع منع نقاط الاحتكاك من الاشتعال. حجة العنصري أن كل محاولات السلام السابق قد فشلت. نسي أو تناسى المذكور أن السلام، حالياً شأن مهم بالنسبة للأمن القومي الأميركي، ونسي أيضاً أن أميركا أوباما هي غير أميركا ما قبله، ونسي ثالثة أن التبشير الدعائي المستمر بانخفاض شعبية الرئيس الأميركي، لن تجدي أي نفع للإدارة العبرية عدوة السلام، ولا للإدارة الإيرانية المصرة على صنع الذرة والهيمنة على كل المنطقة. صنع السلام مصلحة أميركية مباشرة، لا تقل أهمية عن ردع أميركا لإيران النووية، كمصلحة إقليمية وعالمية. والأصح أن الصنع والردع مترابطان، وهما أمران لا يقوم أحدهما دون الآخر.

الشؤون الاستراتيجية

لا يحكمها نوسان الاحصائيات المحدود.

يصعب الحديث عن موجبات وايجابيات وآليات الرؤية الأوبامية وخطة سلام فياض معاً، فالرؤية هي اللوحة كاملة والخطة جزء تفصيلي، رغم أهميتها وخطورتها ولزومها، ورغم الترابط الشائك بينهما، لذا سنكتفي بالتركيز على الرؤية، مؤجلين الخطة لحديث تفصيلي آخر.

الاختراع الوحيد في الرؤية الأوبامية للسلام، هو أنها رؤية أميركية أوبامية، ولنضع تحت كل من الكلمتين خطين. بمعنى آخر فإن ثمة جهة قادرة على فرض السلام بل صنعه، بالرغم من الفشل الذي رافق كل المحاولات الدولية والعربية، المنفردة والثنائية والشاملة.

كان القادر لا يرغب بفرضه، وكان العاجز أضعف من قبوله، وكانت دولة العدوان الإسرائيلي تريده ناقصاً أو معدوماً لأن العدوان جوهر تركيبها، ولكن ممارسته واستمراره جوهر سياساتها وسلوكها، هذا فضلاً عن ممارسة الاستخفاف والتلاعب والتحايل على قرارات الشرعية الدولية، وكمثال واحد فقط نذكر القرار الدولي 252/68 الصادر عن مجلس الأمن الدولي القاضي ببطلان الإجراءات التشريعية والإدارية الإسرائيلية بتغيير الطابع القانوني لمدينة القدس والأراضي العربية المحتلة عام 1967. ان كل ما فعلته إسرائيل ومنذ اثنين وأربعين عاماً مناف ومعارض للقرار المذكور.

ثمة جهة قادرة على السلام بل صنعه، وثمة مدخل للرؤية الأوبامية على ذلك، اعتمدته الديبلوماسية الأميركية، وهو جعل قضية تجميد الاستيطان وقضية عودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الى طاولة المفاوضات جعلهما أمرين ممكني الحدوث. والدليل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل مرغماً: 1- الاعتراف بحل الدولتين، 2- تجميد الاستيطان تسعة أشهر، 3- تقبل اللقاء الثلاثي أوباما عباس نتنياهو، في دورة الأمم المتحدة التي ستنعقد في الرابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر الحالي. وكان هذا كله تالياً لثماني جولات مكوكية لمبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل. إذا قلنا ان كلامنا عن "المدخل" هو أولاً، فثانياً هو "الأساس"، المبادرة العربية "المعدّلة"، والتي يمكن اختصارها بجملة واحدة "الانسحاب الكامل قبالة التطبيع الكامل"، وإعتبار أن الانسحاب والتطبيع رزمة واحدة، خطوة من هنا وخطوة من هناك، وبعبارة يستخدمها التجّار وهي التسليم يداً بيد، والحارس والكفيل الأميركي جاهز لمنع أي تلاعب. أما ثالثاً فهو الاستفادة القصوى، من كل المختصرات المفيدة لكل محاولات السلام السابقة، مؤتمر مدريد عام 1991، سلام أوسلو، مداولات اللجنة الرباعية، خارطة الطريق، المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة، كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وادي عربة بين إسرائيل الأردن، ولا تضر أبداً خبرة قطر وعمان والمغرب وحتى موريتانيا في هذا المضمار. أما رابعاً وهو الأهم، ونعني ما تستطيع الإدارة الأميركية تقديمه فورا وحتى وصول الرؤية الأوبامية الى ثمارها، وكأمثلة على سبيل التوضيح لا الحصر والاحصاء التام، نذكر النقاط التالية:

ـ ضمانات توفر الأمن للعرب والفلسطينيين والإسرائيليين، مما يمنع حروبا جديدة بالأصالة أو بالوكالة، أو انتفاضات مبتكرة، أو ممانعات مدعاة جاهزة للبيع حسب أسعار السوق، أو مقاومات مخترعة حصرياً من قبل دويلات أو امارات، والأهم ان لا يسمح لدولة العدوان الإسرائيلي بشن أي حرب على العرب أو الفلسطينيين مهما كانت الذرائع.

ـ الإشراف على التسلح واعتماد الشفافية.

ـ حماية اتفاق عادل حول المياه وفق القوانين الدولية.

ـ ضمانة عودة اللاجئين الى دولة فلسطين والتعويض عليهم، والبدء بالفلسطينيين المستضافين في لبنان.

ـ توفير سلة من الحوافز الاقتصادية، مساعدات، هبات، قروض ميسرة، استثمارات مالية كبيرة لرؤوس أموال عربية بعقود تأمين أميركية.

ـ رزمة من العقوبات الأميركية والأوروبية تجاه إيران، في حال امتناعها عن الحوار الجدي، على أن تحظى هذه الرزمة بموافقة دولية، وعلى سبيل المثال: حصار بحري الامتناع عن شراء النفط الإيراني، طبعاً ستوفر دول عربية معنية النقص التالي لذلك الامتناع عدم بيع إيران أي مشتقات نفطية تحتاجها الخ الخ.

السنتان الأوباميتان والسنتان الفياضيتان زمن ليس طويلاً لإنهاء عدوان إسرائيلي دام أكثر من ستين عاماً، ولمنع عدوان إيراني، نتمنى أن يكف الإيرانيون عن الاستمرار فيه، فالشعب الإيراني من حقه حياة حرة أفضل ومعاشا أكثر كرامة، ومهما اختلف المسلمون فقيم الدين في الحرية والعدالة والسلم والمساواة تجمعهم. وأي حديث عن صراع بين الشعب الإيراني والشعوب العربية محض فتنة لن يستفيد منها إلا الحكام الديكتاتوريون.

               

*معارض سوري