إلى أين تتجه أمريكا

د.محمد إياد العكاري

د.محمد إياد العكاري

[email protected]

واقعٌ مرير تعيشه البشرية اليوم يتمثَّل في استفراد القطب الأوحد بالقرار، دون ا لنَّظر لمصالح الشُّعوب الأخرى،وبتسيير مجلس الأمن الدولي وتسييسه وفــق مصالحه وأهوائه الخاصة دون تحكيــمٍ للقسـط والعدالة والقانون.

وباستصدار قرارات الأمم المتحدة كما يريد من خلال استراتيجية الأقوى، وفرض الأمر الواقع ، وتفعيل القوة التي يمجدونها ،واطلاق التهديدات هنا وهناك والتلويح بالعصا الغليظة  كما كان سائداً في القرون الوسطى دون الحديث عن الاحتكام للمنطق واتباع الشرعية ،ليوري أوار الحروب ،ويقدح شرا رها، ويشعل النزاعات هنا وهناك بذرائع  كاذبة وحجج ليس لها أصل كما حصل في العراق لتتدمر المعالم، وتتهدَّم البلدان،ويهلك بفعله الحرث والنسل.

إنَّ طغيان منطق القوَّة وسيادة سلطان الجبروت في زماننا هذا ليجعل الحديث عن حق الشعوب في تقرير المصير وعن حقوق الانسان  كالحديث عن العنقاء في ظل الظروف الدولية السائدة، واحتكار السلطات والقانون من قبل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وبالذَّات من القطب الأوحد ليضحي الحكم  للأقوى ،وتتسود شريعة الغاب ثمَّ   لتدبَّ الفوضى في العالم ، وتتفشَّى الكراهية، ويستشري الحقد ،وتتنامى الروح العدوانية بين الشعوب والأعراق، والديانات، والمذاهب المختلفة.

وهذا للأسف مانراه سائداً في واقع الحال،على جميع الأصعدة المحلية، و الاقليمية، والدولية لنرى تزايد الروح العدوانية في بلاد الغرب ضد العرب والمسلمين مقارنةً بالأعوام السابقة بنسبة 800% وتزايد، انتهاكات حقوق الانسان ....ليس هذا فحسب بل صرنا نسمع عجبا وتمادياً ماسمعناه من قبل لنرى التبجح والتمادي باستخدام السلاح النووي وتهديد  بيت الله الحرام كعبة الله  والحرم الآمن في مكة المكرَّمة من قبل أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الديمقراطي أجل أجل هو ماكان  وماصرَّح به وماتفهَّمه العالم الاسلامي من رسالةٍ غايةً في الوقاحة والتبجح والطغيان.

ثمَّ لنرى بعد ذلك تفشي العنصرية بأبشع صورها وأفجع خبرها ليتمادى  نائب رئيس مدينة ايطالية تدعى تريفيسيو كما نقلت صحيفة كوييرا ديلاسيرا ويدعو المسلمين  للتخلي عن زيهم الاسلامي رجالاً ونساءً حتى وإن كانوا سواَّحاً وزائرين أي استهانة بالقيم البشرية وبالأعراف الدولية نشهده في زماننا هذا؟؟!.

ثمَّ أخيراً وليس آخراً مانشهده اليوم من عدوان سافرٍ على العالم الاسلامي والسعي لانتزاع سيادة دوله ، واملاء قراراته حسبما يريدون وأجندة مصالحهم، ثم مانراه من مصائب ودواه ٍ وأحداث  يتفطَّر لها القلب،ويذوب لها الفؤاد كلها يدور رحاها في كلٍ عالمنا  الاسلامي وعلى الأخص في كلٍ من فلسطين والعراق .

ثمَّ التلويح بالعصا الغليظة لسورية وإيران .

إنَّ كل ُّ ذلك ليدفع إلى خلق حالةٍ من الفوضى في العالم، والعداء والكراهية بين الأمم والشعوب ، ويخلق جوَّاً مفعماً بالتوتر ، مفرط الحساسية تتأصل فيه العنصرية البغيضة و ينبت فيه الارهاب،   وتترعرع فيه جذوره وفروعه، الأمر الذي لا نريده ،ولا ندعو إليه، ونستنكره،ونستهجن من يدعو إليه ، ويؤجج مسالكه، ويهيج دروبه، داعين  أهل الرَّأي والحكماء في العالم وفي دول الغرب بالخاصَّة إلى التدخل لوقف العدوان على عالمنا الاسلامي،و تحقيق العدالة ،والدعوة إلى التآلف بين الأمم والشعوب ،بدلاً من الاستسلام للفوضى، وتنامي روح العداء والكراهية والعنف.

وقد سرَّني  التصريحٍ الذي أدلى به الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون اليوم الثلاثاء9/8/2005م لصحيفة لوموند الفرنسية منتقداً فيها السياسة الأمريكية الحالية حيث قال:

إنَّ الولايات المتحدة بحاجة لأن تبني تحالفات بدلاً من اتباع سياسات عدوانية قد تعزِّز الإرهاب، وأردف قائلا: ًإنَّ مصير الأمريكيين مرتبطٌ بمصير الآخرين.

وقال : ستتحسَّن صورتنا حينما نظهر أننا يمكن أن نكون غير أنانيين ،وأننا نريد أن نبني عالماً مع الآخرين عن طريق تفهُّم مشاكلهم،ومساعدتهم من أجل مصالحنا والأهداف المشتركة .

وليس هو فحسب من قال ذلك بل غيره كثيرون من العالم الغربي ومن جميع أصقاع العالم دعوا إلى العدل وعدم الكيل بمكيالين  وتحكيم القوانين الدولية بدلاً من الاستئثار بكل شيء من قبل القطب الأوحد.

إننا ندعو لأن تتعاون  الأمم والشعوب في سبيل  رفعة الانسانية، ورفاهيتها ، وسلامتها، وسعادتها وإن اختلفت الأعراق، وتعدَّدت الأديان، واختلفت الثقافات، وتباينت الألوان، فلا إكراه في الدين، والعدل والقسط والاحسان هو مادعانا إليه الإسلام ومانادى به شرعنا الحنيف وسطره لنا بقانونٍ خالد كتب بسطورٍ من نور يقول المولى سبحانه وتعالى في محكم التنزيل :

)ياأيها الذين أمنوا كونوا قوَّمين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيَّاً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّض الله كان بما تعملون خبيرا(النساء135

إننا ندعو مجدداً أهل الرأي والحكمة في العالم أجمع أن يتنبهوا لما العالم صائرٌ إليه في ظل الظروف الراهنة والقرارات الجائرة ، والظلم المستشري من قبل أن يفلت الزمام ، وتسود الفوضى، ويعمُّ الطغيان ، ليدفع العالم بعد ذلك الضريبة من أبنائه وفلذاته،ومعالمه وعمرانه  كما دفعها قبل في الحربين العالميتين اللتين أزهقتا أكثر من خمسةٍ وأربعين مليوناً من العالم الغربي في أوروبا نفسها ودمرت فيه المدن والعواصم على رؤوس ساكنيها صرخات تتعالى ، وصيحاتٌ تتوالى يطلقها الحكماء وأهل الرأي من هنا وهناك فهل من واعٍ للواقع؟

وهل من عاقلٍ وسامع ؟؟وهل من حكيمٍ و مدَّكر؟؟؟

والحمد لله رب العالمين