الرئيس بشار الأسد استمرار لنهاية عهد موروث

الرئيس بشار الأسد استمرار لنهاية عهد موروث

لا إصلاح ولا  تغيير

الطاهر إبراهيم *

يعيش المجتمع السوري حالة من الفوضى الفكرية والسياسية بين ألأمل بتغيير  ممكن ويأس من استمرارية أوضاع0 كأن اقتلاعها ضرب من ضروب الخيال مع أن التغيير خيار لا مهرب  منه نتيجة اعتراف الرئيس بشار الأسد بالأخطاء التي ارتكبها والده إلا أ ن اعترافه كان أديبا في نقد والده عند ما قال لابد من تطوير وتحديث النظام هاربا من عبارة ألإصلاح ضرورة ملحة لتغيير بنية النظام في سورية وذلك لإدراكه لعمق الخراب الذي عاشته سورية في ظل والده فهيكلية السلطة المورثة عن أبيه الذي منحته  سلطات والده ألاستثنائية كي يكون المحرك ألأول للدولة بمعنى  ألآمر الناهي لا حصانة لأحد عنده ولا أحد يزيد عن حجر شطرنج يحركه كيف يشاء دون أن يترك لأي موظف-تحت سلطته – أن يملك القيام بأي رد فعل  فجميع المسئولين عبارة عن موظفين ليس لهم امتداد شرعي أو اجتماعي  ولا حتى كفاءة فنية فكيف يكون لهم الحق في اتخاذ المواقف أو إبداء الرأي  نظرتهم للعمل السياسي عمومية وهمومهم لا تتجاوز خدمة وصيانة امتيازاتهم  ومصالحهم الخاصة الناجمة عن حنكة الرئيس حافظ  ألأسد  في اختيار  فريق عمله ((موظفيه)) ليكونوا أدوات  وأبواق إعلامية  لا ليكونوا مسئولين يشاركون في الحياة السياسية  والفكرية فهم أدوات تنفيذ لا يمكن لهم الارتقاء إلى مرتبة رجل السياسة الذي يفكر بالشأن العام والمصير  الوطني واهتمامهم بامتيازاتهم  ومصالحهم جعلهم أدوات طيعة جسد بلا روح فهم بكل بساطة  طبقة انتهازية ليست ذات ولاء  واضح بل متغير بتغيرات الواقع المحيط بها فعدم اللجوء إلى تغييرهم يعود لواقع يفرضه واقع النظام لقدرتهم  القيادية في الممارسة على متابعة طريق مصالحهم واستمرارية الفساد وفي الحقيقة ما قدمه الوارث الجديد الرئيس بشار ألأسد من الانفتاح النسبي  الذي فتح الطريق أمام العديد من المثقفين والسياسيين ليعبروا عن رأيهم من دون أن تطلهم يد الاعتقال التي اعتاد عليها وعاشها الشعب السوري ماهي في واقع ألأمر إلا شرك نصبته ألإدارة  الجديدة بالتنسيق مع الإدارة  القديمة  وما يؤيد هذا هو حملة الاعتقالات  والتوقيفات  والمحاكم التي لا تزال تطبق أحكام قانون  الطوارئ وكل ما يجري ألآن ليس بهدف التغيير بل بهدف  دعم الرأسمالية الجديدة التي نشأت في ظل عهد الرئيس السا بق حافظ ألأسد  والتي جاء الرئيس بشار ألأسد ليثبت أركانها بأسلوب جديد فيه إبداع محافظا على  مضمون استمرارية النهج السابق  بتغيير في الشكل  فالمؤتمر القطري العاشر ثبت وأقر استمرارية وشرعية  التطبيق السابق وفقا لأحكام الدستور والقوانين مع دعوة للتغيير والتحديث في الإجراءات فالتغيير الذي  كان أملاً أصبح سراباً والتغيير الذي تم هو في الحقيقة استمرار للحرس القديم بأبنائه الجدد ولكن برأسمالية جديدة أطلق عليها اسم السوق الاجتماعي  منادين بالمشاركة والخير العام وهنا لنسأل سادة نظام السوق ألاجتماعي هل كان النظام السابق لا يهتم ولا ينادي بالمشاركة في القرار السياسي والخير العام  بعنوان المصلحة العامة للمواطنين  وفقا لمبدأ الديمقراطية اللامركزية فهل زيادة الرواتب التي لا يمكن لها أن تسد الحد الأدنى من سلم حاجات الموظفين  وهل فتح المصارف  الخاصة في حقيقة ما يرافقها من إعلام تزيد عن شعارات تخدير ولا يمكن أن تصل إلى درجة معالجة المرض ومهما وضعنا من افتراضات التغيير لن يتمكن الرئيس بشار ألأسد من مواجهة رأس المال  الجديد الذي   يمتد في جذوره إلى عائلة الرئيس  بل لابد للتغيير من أن يأتي خادما وملبيا هذا التيار العائلي  الرأسمالي فاقتصاد السوق وسيلة لإطالة زمن تثبيت الثروة في أيدي أبناء الطبقة الرأسمالية الجديدة والمشاركة لبعض العناصر  الجديدة   من أبناء الحرس القديم والتي لا تختلف في النتيجة عن طبقة الموظفين التي كانت أدوات والده وأبواقه  وان قول البعض أن لدى  الرئيس بشار  الرغبة في الإصلاح والتطوير لكنه غير قادر على مواجهة الحرس القديم فهاهو في المؤتمر القطري العاشر للحزب أزاح في الظاهر عددا من الحرس القديم  فإن كانت هذه الإزاحة حقيقية فهي بداية طريق تدلل على امتلاكه قدرة التغيير المنفذة لرغبة القوي الخارجية  في الوقت الذي اختارته فهذا ما يفسر لجوئه إلى تغييرات شكلية دون المساس بالجوهر اللازم على حد قوله الذي يعتبرا لتطوير والتحديث ضرورة  فالتغيير عندما يكون ضرورة يجب أن تبذل كل الجهود لجعله حقيقة واقعة لا شكلية لها صفة إعلامية تهدف إلى التهدئة 0 فالأسلوب الذي لجا إليه الرئيس بشار ألأسد في تهدئة الوضع الداخلي في سورية بالانفتاح النسبي الذي حصل لا يختلف مطلقا عن أسلوب والده في السنوات الأولي للحركة  التصحيحية وبعد تمكنه من السيطرة على الحزب ومؤسسات الدولة كيف انقض على قيادة الحزب والدولة وجعلهم أغنام تساق إلى الذبح وسلط أجهزة المخابرات على الشعب وعلى والبعثيين أنفسهم  وفرض نظام أجور متدني  دافعا المجتمع إلى الفساد والرذيلة وانتشرت البطالة وعم  والفقر وأصبح  المجتمع السوري يعيش تحت مستوى خط الفقر المتعارف عليه دوليا  فهذه الإدارة الحكومية السورية تقر في أخر إحصاءاتها أن نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر 30بالمائة هكذا نجد أن بداية الرئيس بشار ا استمرار لنهاية عهد أبيه فبعد تخفيف الضغط المخابراتي الذي كاد يختفي منذ منتصف التسعينات عاد من جديد إلى مقدمة الحياة السياسية والمدنية وأصبحت هي المسيرة لشؤون البلاد الاقتصادية والاجتماعية  فالوضع ألاجتماعي أزداد تراجعا  وتفشت البطالة كما أشرنا واتسعت الهوة بين شرائح المجتمع فازدادت الشريحة الدنيا التي أصبحت الأكثرية الساحقة بل المسحوقة أزداد العجز  في تامين الإنسان لحاجاته  وبدأت الطبقة المتوسطة تختفي من المجتمع السوري  وفشلت مكافحة البطالة في الحد من زيادة العاطلين عن العمل بل كانت  لهدر الأموال  التي خصصت لمكافحة البطالة وذلك بعدم تحرير الاقتصاد السوري و جذ ب استثمارات بسبب الواقع السياسي غير ألآمن على الاستثمار وفي المجال الاقتصادي الملازم للإصلاح السياسي لنري واقع أحد قطاعات البنية التحتية التي من المفروض أن تساهم في رفع الناتج المحلي نجد خسارتها في عام  2004 كانت 860 مليون ليرة كما بلغ مجموع الخسارة لهذا القطاع منذ عام(( 1990 -   2004 ))  4,8 مليار ليرة لذلك قال مسئول في النظام السوري أذا قمنا  بتأجير عقارات القطاع العام فأنها تغطي أجور العمال  فأي أصلاح لقطاع النسيج يتم وهذا واقعه لذلك ارتفع صوت المناداة لبيع مؤسسات القطاع العام ولكن متى ولمن  فبيع القطاع العام والمماطلة   وطرح موضوع السوق الاجتماعي لتمرير عملية البيع للرأسمالية العائلية   الجديدة التي  تهيئ  نفسها لهذه المهمة 0هو السبب الوحيد للتوجه نحوى نظام السوق الاجتماعي فعدم مصداقية دعوات الإصلاح والتطوير التي وعد بها الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم والتي لم يضع  فيها إستراتيجية إصلاحية مما أدى إلى قرارات تجريبية وارتجالية وردود الأفعال ومرور السنوات الماضية الخمسة لحكم الرئيس بشار أكدت عدم تبني  صياغة إستراتيجية إصلاحية معلنة موضوعة موضع التطبيق مما يشير إلى حدة الصراع في القيادة السياسية وذلك لتعارض سياسية الإصلاح  التي تم الدعوة إليها وابتعادها عن أسس  الإصلاح المرغوب به عند الرأسمالية العائلية ومفهوم الانفتاح والتطوير وفق التوجهات العالمية لاقتصاد السوق  لذلك ابتعدت القيادة في سورية عن إستراتيجية محققة الإصلاح واستبدلت ذلك بفتح حوار وجدل مستمر حول الإصلاح  لتهدئة الجو العام والشعور بالفشل الذي ساد جو التوقف عن السير في عملية الإصلاح والاهتمام به إلى الحديث عما يمكن  عمله فعلا بدون برامج وإستراتيجية واضحة وهذا ما نجم عنه ما سمي بمنهج الاختراق للنظام الاقتصادي الموجه المطبق سابقا  وهذا الذي أدى وسيؤدي إلى الاستمرار في الضياع وعدم التناسق  والتكامل في خطوات الإصلاح نفسها فمنهج الاختراق الذي تبنته اللجان التي شكلت بدءا من لجنة ال 18في عام 2000 ثم لجنة ال 35 وغيرها من اللجان الوزارية التي  جميعها انتهت إلى برامج وضعت  على الرفوف وهكذا نجد عدم الجدية في عملية الإصلاح  تنبثق من آلية وتكوين هذه اللجان التي لا تهدف إلى الإصلاح بل تهدف إلى رعاية حسابات ومرحلية الرأسمالية العائلية  وأبناء الحرس القديم الذين امتلكوا   نواة الانتقال من نظام الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق من خلال الامتيازات التي منحت لهم ليكونوا قادة نظام اقتصاد السوق في سورية    وفي المجال الإداري الذي يحتاج إلى تفاصيل نكتفي هنا بالإشارة أن شعارات محاربة الفساد التي أطلقها النظام الجديد لم تجد لها سبيلا للتطبيق  لتكون وسيلة للكسب الغير المشروع لطبقة الموظفين في النظام الطائفي والى تعميم وباء الفساد  وهكذا يتأكد لأبناء شعبنا  أن العهد الجديد وارث للعهد  القديم  ليس بشخص الرئيس فحسب بل بكل الجوانب  السياسية والاقتصادية والاجتماعية  فأين هو طريق الإصلاح والتغيير

          

* كاتب سوري معارض   يعيش في المنفى