رسالة من مسلم إلى أخيه بالإنسانية
رسالة من مسلم إلى أخيه بالإنسانية
بقلم: مصطفى إبراهيم عبد الله
أحيكم بتحية الاسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة وبعد
من اكبر الشبهات التي يثيرها أعداء(خصوم)الاتجاه الإسلامي كلما نادى مناد بحتمية الحل الإسلامي.
ان في البلاد الاسلامية اقليات لا تدين بالاسلام, فكيف يقبل هؤلاء بالحل الاسلامي وهو يستمد احكامه من دين لا يومنون به وكيف يرغم هؤلاء على أمر يخالف دينهم؟ والإسلام قرر لا أكراه في الدين لهذا يكون الأولى ان يحكم المواطنون حكما قوميا علمانيا يستوي فيه اهل الاديان جميعا.
رعى هذا الدين الوفاء الكامل بالمعاهدات الدولية حتى جعل الإخلال بها ضربا من الإثم يعاقب الله عليه حيث يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم)((من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة))((وان ريحها توجد بين مسيرة أربعين عاما وقال(ص) ((من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو اخذ منه شيئا بغير طيب نفس فانا حجيجه يوم القيامة)) والمعاهد كما يقول د. القرضاوي يشمل من له عهد مؤقت بأمان ونحوه وهو المستأمن ومن له عهد مؤبد وهو الذي عهده أوثق و اوكد وهو الذمي.
يقول غرفة بن الحارث الكندي ((إنما أعطيناهم العهد على أن نخلي بينهم وبين كنائسهم, ويقولون فيما بدا لهم والا نحملم ما لا يطيقون فان ارادهم عدو قابلناه دونهم وعلى ان نخلي بينهم وبين أحكامهم الا ان يأتوا راضين فنحكم بينهم وان يغيبوا عنا لم نتعرض لهم)) أسد الغابة
لكن هناك بعض القواعد والأعراف نستطيع أن نقول أنها اسس يقوم عليها أي نظام سياسي ومنها:
1- إن الاعراض عن المشروع الاسلامي من اجل غير المسلمين وهم الاقلية ينافي مبدأ الحرية بالأساس لان الإنسان حر فيما يختاره والمسلمين اذا كانو اكثرية هل من المنطق ان نجبرهم على نظام غير ما يرغبون به.
2- إذا تعارض حق الاقلية وحق الاكثرية فايهما تقدم؟
ان منطق الديمقراطية التي يؤمنون بها ويدعون إليها أن يقدم حق الأكثرية على حق الأقلية هذا هو السائد في أقطار الدنيا فليس هناك نظام يرض عنه كل الناس فالناس خلقوا مختلفين... بشرط ألا يحيف على الأقلية ويظلمهم ويتعدى على حرماتهم وإذا حدث أن تحكمت الأقلية بالأكثرية فهذه دكتاتورية لأنه ابسط تعريف للدكتاتورية تحكم الأقلية في الأكثرية.
3- الإسلام لا يرغم احدا من الناس على امر يخالف دينه حيث يقول عز وجل مخاطبا نبيه ((افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)) يونس99 ويقول الله تعالى((لا أكراه في الدين))يونس256 ومن شدة حساسية الإسلام انه لم يفرض الزكاة ولا الجهاد على غير المسلمين لما لهما من صفة دينية وفي العقوبات قرر الفقهاء ان الحدود لا تقام عليهم إلا فيما يعتقدون تحريمه كالسرقة والزنا لا فيما يعتقدون حله كشرب الخمر ويرى ابو حنيفة ان عقوبة الذمي والذمية في الزنا هي الجلد ابدا لا الرجم لأنه يشترط الاسلام في توافر الإحصان. على ان في اقامة الحدود عامة على أهل الذمة حد وخلافا بين الفقهاء.
4-اما من طرح شعار القومية ويعتبره الأوفر حظا في تجميع ابناء الدولة الواحدة. اقول له عندما طرحت القومية العربية في البلاد العربية على اساس ان العرب هم الاكثرية والقوميات الاخرى اقلية فهذه سوريا الم يحكمها نظام قومي علماني كما يقولون نسال الله ان يحفظ شعبها بكل اطيافه فهذا الكردي وهذا الاشوري كل منهم يطالب بقوميته ويعتبر انه مظلوم وهذه لبنان كان يحكمها نظام علماني فكم ذهب ضحيتها في الحرب الاهلية ما بين عام 75-89 وفي الهند ايضا الم يحكمها نظام علماني فكم من المجازر والقتل بين السيخ والهندوس حتى اغتيلت رئيسة الوزراء انديرا غاندي وابنها.
وفي بريطانيا مظاهرات الكاتوليك واحتجاجاتهم في ايرلندا وقد تحولت في السنوات الاخيرة الى ثورة دامية...
5- اما بالنسبة لما يسميهم المسلمون ((اهل الذمة)) فيقول القرضاوي في كتاب (ان لهم ذمة الله وذمة رسوله (ص) وذمة جماعة المسلمين وهم الذين قال فيهم الفقه الاسلامي لهم ما لنا وعليهم ما علينا ... الا ما اقتضته طبيعة الاختلاف الديني واهل الذمة يحملون جنسية دار الاسلام
وبتعبير اخر هم مواطنون في الدولة الاسلامية... واذا كان الاخوة المسيحيون يتأذون من هذا المصطلح فليغير او يحذف فان الله لم يتعبدنا به وقد حذف سيدنا عمر رضي الله عنه ما هو اهم منه وهو لفظ الجزية رغم انه مذكور في القران الكريم وذلك استجابة لعرب بني تغلب من النصارى الذين انفوا من هذا الاسم وطلبوا ان يؤخذ ما يؤخد منهم باسم الصدقة وان كان مضاعفا فوافقهم عمر ولم ير في ذلك باسا... والذين امتزجوا بالمسلمين فأصبحوا يكونون نسيجا قوميا واحدا فيكفي أن يدفعوا ضريبة أو يشتركوا في الدفاع عن الأمة والوطن فتسقط عنهم...
ويقول د.مصطفى السباعي المراقب الأول لجماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها في كتاب الدكتور عدنان زرزور ص308(( وقوله في الجزية: إنها تفرض على المحاربين من اعداء الامة, اما المواطنون من غير المسلمين فلا تفرض عليهم...)) حتى يقول رحمه الله (لا تطلق لفظ العدو الا على الأجنبي المحارب أما المواطن الذي تختلف معه فهو (الخصم)والمواطن كما هو معروف كل الرعايا الذين يعيشون ضمن حدود دولة معينة وقد يكون مسلما او غير مسلم حتى ولو كان شيوعيا.
6- يجب عدم الخلط بين من يحاربك وبين من لا يحاربك يقول تعالى(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين , انما ينهاكم عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم فاولئك هم الظالمون))الممتحنة8-9 وقد نزلت في شان المشركين فاهل الكتاب اولى بالبر والقسط والبر :هو الخير والقسط: هو العدل..
وقد شرح شهاب الدين القرافي معنى البر: الذي امر الله به المسلمين في شأنهم فذكر من ذلك(الرفق بضعيفهم وسد خلة فقيدهم واطعام جائعهم وكسا عاريهم ولين القول لهم واحتمال اذيتهم في الجوار( مع القدرة على إزالته ) لطفا منا بهم لا خوفا ولا طمعا والدعاء لهم بالهداية.. وحفظ غيبتهم وصون اموالهم وعيالهم وأعراضهم ..) فاين هذا من قيام دول أوربا وعلى راسها فرنسا بنزع حجاب المرأة المسلمة وهي شعيرة من شعائر الإسلام؟
الأساس الفكري لتسامح المسلمين:
1- اعتقاد كل مسلم بكرامة الإنسان (( ولقد كرمنا بني ادم)) الاسراء70 وعن جابر بن عبد الله أن جنازة مرت على النبي (ص) فقام لها فقيل يا رسول الله إنها جنازة يهودي فقال ((أليست نفسا؟))!
2- اعتقاد المسلم ان اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله تعالى.
قوله تعالى ((فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر))الكهف29 وقوله تعالى أيضا((ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين))هود118 وقوله تعالى ايضا((ولو شاء ربك لآمن من في الارض جميعا افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ))يونس15
3- إن المسلم ليس مكلفا ان يحاسب الكافرين عن كفرهم او يعاقب الضالين عن ضلالتهم انما حسابهم الى الله في يوم الحساب قال تعالى(( وان جادلوك فقل الله اعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون)) الحج68-69
وقال تعالى يخاطب رسوله في شان أهل الكتاب ((..الله ربنا وربكم لنا اعمالنا ولكم اعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا واليه المصير)) الشورى15
4- إيمان المسلم بان الله يأمر بالعدل ويحب القسط ويدعوا إلى مكارم الأخلاق ولو مع المشركين ويكره الظلم ولو كان الظالم من مسلم لكافر حيث يقول الله تعالى((و لا يجرمنكم شنآن قوم على ان لا تعدلوا اعدلو هو اقرب للتقوى))المائدة وقال(ص): دعوة المظلوم ليس دونها حجاب..والمظلوم وان كان كافرا..
وكان التطبيق العملي لهذه المبادئ الشامخة دليلا واضحا على سمو هذا الدين الذي يرعى الذمم..
نماذج عن معاملة المسلم لغير المسلم:
1- ذكر بن اسحاق في السيرة :: ان وفد نجران-هم من النصارى-لما قدموا
على رسول الله (ص) بالمدينة دخلوا عليه مسجده بعد العصر فكانت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجده فأراد الناس منعهم فقال رسول الله (ص) دعوهم فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم. وعقب المجتهد ابن القيم على هذه القصة مذكرا مما فيها من الفقه :جواز دخول اهل الكتاب مساجد المسلمين... وتمكين اهل الكتاب من صلاتهم بحضرة المسلمين وفي مساجدهم أيضا اذا كان عارضا و لا يمكنون في اعتياد ذلك.
2 وروى البخاري عن انس ان النبي (ص) عاد يهوديا... وروى البخاري ايضا ان النبي (ص) مات ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله وقد كان في وسعه ان يستقرض من اصحابه وما كانوا يضنوا عليه بشئ ولكنه اراد ان يعلم امته..
3- ويحرم احضار يهودي في سبته
4- فعمر رضي الله عنه يامر بصرف معاش دائم ليهودي وعياله من بيت مال المسلمين ((انما الصدقات للفقراء والمساكين ))التوبة60 وهذا من مساكين اهل الكتاب. واصيب عمر بضربة رجل من اهل الذمة-ابي لؤلؤة المجوسي- فلم يمنعه ذلك ان يوصي الخليفة من بعده وهو على فراش الموت فيقول:اوصي الخليفة من بعدي باهل الذمة خيرا ان يوفى بعدهم وان يقاتل من ورائهم والا يكلفهم فوق طاقتهم..
5-وعبد الله بن عمر يوصي غلامه ان يعطي جاره اليهودي من الاضحية... وكان بغض اجلاء التابعين يعطون نصيبا من صدقة الفطر لرهبان النصارى..
6- وروى بن ابي شيبة عن جابر بن زيد : انه سئل عن الصدقة فيمن توضع؟ فقال في اهل ملتكم من المسلمين واهل ذمتكم..
7- وقد كان اسد بن ابي وداعه يخرج من منزله فلا يلق ى يهوديا او نصرانيا الا سلم عليه وقيل ما شانك تسلم على اليهودي والنصراني فقال ان الله يقول ((وقولوا للناس حسنا))البقرة13
وعن ابن عباس قال ((من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وان كان مجوسيا ذلك لان الله يقول((فيحيوا باحسن منها او ردوها)) وقال قتادة((حيوا باحسن منها))المسلمين ((او ردوها))يعني لاهل الذمة..
8- وقد علمنا رسول الله (ص) كيف نفعل لمن تعاهدنا معه حتى لو تجاوزوا حدود اللياقة فقد كان ليهودي اسمه خبر نجدة دنانير على رسول الله فتقاضاه فقال(( ما عندي ما اعطيك))قال اذن لا افارقك حتى تعطيني فجلس معه فلامه فقال (منعني ربي ان اظلم معاهدا) فلما ترحل النهار اسلم اليهودي وجعل شطر ماله في سبيل الله..
9-ولان حلا لغير المسلمين ان يطعنوا وينالوا من نبيه عليه الصلاة والسلام ويعرضون بمعتقداتهم فان الإسلام المكذوب عليه نهانا عن مجاراتهم(( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا من غير علم))الأنعام 105 كما امرنا الا نجادل اهل الكتاب الا بالقول الطيب والادب الوفير ((ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن)) العنكبوت46
وان انكروا على نبينا(ص) فنحن المسلمين مفروض علينا ان نؤمن بكل الرسل والانبياء عليهم السلام ونعظمهم ونجل ذكراهم تنفيذا لامر الله سبحانه((امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين احد من رسله)) البقرة285
10- ان الاسلام يحض على عدم اراقة الدماء حتى في الحرب قال مسلم بن الحارث بعثنا رسول الله (ص) فلما دنونا من الحصن سمعت ضوضاء اهله... فقلت قولوا لااله الا الله فقالوا لا اله الا الله فقال اصحابنا حرمتنا الغنيمة بعد ان بردت في ايدينا, فلما قدمنا رسول الله(ص) اخبر ذلك فحسن عملي وقال لي: ان لك من الله من الاجر بعدد كل انسان منهم كذا وكذا ثم قال((اكتب لك كتابا اوصي بك ائمة المسلمين بعدي))
11- كما راى بعض المفسرين في قوله تعالى ((ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا))الاحزاب6 ان هذه الاية تضمنت المنع من هدم كنائس اهل الذمة وبيعهم وبيوت نيرانهم كما جاء في كتاب القرطبي
12- جاء في كتاب د.القرضاوي ((وقد راينا الامام الاوزاعي يقف مع جماعة من اهل الذمة في لبنان ضد الامير عباس قريب الخليفة...وقد راينا الامام بن تيمية يخاطب الا مير تيمورلنك في فكاك الاسرى عنده فيعرض عليه ان يفك اسرى المسلمين وحدهم فيابى الا ان يفرج عن اهل الذمة معهم.
13- معلوم لدى الجميع انه يباح للمسلم الزواج من اليهودية والمسيحية أي مصاهرتهم ولما كان الزواج في نظر الاسلام يقوم على السكون والمودة والرحمة وهي دعائم الحياة الزوجية حيث يقول تعالى ((ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنو اليها وجعل بينكم مودة ورحمة))الروم21 ومعنى الزواج المسلم ان يكون اصهاره واجدادا واولاده وجداتهم واخوالهم وخالاتهم واولاد اخوالهم وخالاتهم من اهل الكتاب وهؤلاء لهم حقوق صلة الرحم وذوي القربة التي يفرضها الاسلام.
14- وجاء في كتاب الله و الدمار لسعد جمعة رئيس وزراء الاردن السابق صفحة 83 (ودفعا لكل شبهة لم يكن يسمح للحاكمين المسلمين الخليفة عمر بن الخطاب عندما فتح مصر ان يتملكوا اراضي الذميين حتى عن طريق الشراء و قال عمر رضي الله عنه قولته المشهوره دمائهم كدمائنا).
هذا هو الاسلوب الراقي الكريم الذي يعامل به المسلمون غير المسلمين في بلادهم في عنفوان قوتهم أين هذا السمو العالي وهذه الانسانية المشرفة في تلك المعاملة السيئة التي تلقاها الاقليات المسلمة في مختلف دول الارض.
شهادات بعض المؤرخين على سمو هذا الدين:
يقول لود فيخ المؤرخ في كتابه ((النيل –حياة نهر))ان ما عدا فرض الجزية على المسيحي فان عمرا لم يفرق في المعاملة بين المسلمين والمسيحين بل اعلن حمايته لحرية الاديان ولاقامة شعائرها وكفل المساواة المطلقة بين المسلمين والمسيحين على السواء مساواة شملت كل حق لهم وكل واجب عليهم بما في ذلك وظائف الدولة بغض النظر عن الجنس او الدين.
-يقول المؤرخ والفيلسوف الفرنسي جوستاف لويون في كتابه حضارة العرب((...فقد ادرك الخلفاء السابقون ان النظم والديانات ليست مما يفرض قسرا فعاملوا كما راينا اهل سوريا ومصر واسبانيا وكل قطر استولوا عليه بلطف عظيم تاركين لهم قوانينهم ونظمهم ومعتقداتهم غير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة في الغالب اذا ما قيست بما كانوا يدفعونه سابقا في مقابل حفظ الامن بينهم فالحق ان الامم لم تعرف فاتحين متسامحين مثلهم ولا دينا سمحا مثل دينهم))
الاخوان والطائفية:-
الى الذين يتهمون الاخوان بالطائفية دون بيان وتثبت وهم غاطسين بالطائفية الى اذانهم ننقل لهم بداية قول الامام الشهيد حسن البنا عندما صنف الناس الى اربعة اقسام حيث ذكر القسم الرابع وهو المتماثل على جماعته حيث يقول:واما شخص ساء فينا ظنه واحاطت بنا شكوكه وريبه فهو لا يرانا الا بالمنظار الاسود القاتم ولا يتحدث عنا الا بلسان المتحرج المتشكك ويابى الا ان يلج في غروره ويسدد في شكوكه ويظل مع أوهامه فهذا ندعو الله لنا وله و ان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه –وان يلهمنا واياه الرشد ندعوه ان قبل الدعاء ونناديه ان اجاب النداء وندعوا الله فيه وهو سبحانه اهل الرجاء ولقد انزل الله على نبيه الكريم في صنف من الناس ((انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء))القصص وهذا سنظل نحبه ونرجو فيه الينا واقتناعه بدعوتنا وانما شعارنا معه ما ارشدنا اليه المصطفى(ص) من قبل((اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون)) اخي القارئ هل هذا الكلام يحض او يدعوا الى الطائفية؟ نترك الجواب لك.
وعندما سئل الدكتور القرضاوي عن ترشيح الاقباط وانتمائهم لمجلس الشعب المصري عام 1995 فيقول: فايدت ذلك بقوة ما دامت فيهم الصفات المطلوبة لمثل هذا المنصب. ويقول الاستاذ فهمي هويدي في كتاب الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي في منتدى الفكر العربي ص192 : اشرك البنا-مؤسس جماعة الاخوان المسلمين- لويس قانوس وقبطيا اخر هو المحامي وهيب دوس وثالثا هو كريم ثابت ((كان مارونيا))في اللجنة السياسية المتفرعة عن مكتب الارشاد للجماعة. ويقول أيضا: اشترك بعض الأقباط في التبرع لجماعة الاخوان اثناء حملتهم لشراء مقر جديد للجماعة في الحلمية الجديدة وصدر بعد النقل كتيب للاخوان يتوجه بالشكر للاقباط على موقفهم ويقول ايضا : يذكر احمد عادل كمال مؤلف كتاب((النقط فوق الحروف)) ان البنا عندما رشح نفسه للانتخابات عام 1944..فان وكيله في منطقة الطور بشبه جزيرة سيناء كان مسيحيا يونانيا متمصرا اسمه باولو خرييستو .
وينقل فهمي هويدي في صفحة 197 عن سعيد حوى في كتابه((المدخل الى دعوة الاخوان المسلمين)) حيث يقول سعيد حوى( ونحن مبدئيا ناخذ على انفسنا ان نتعامل مع غير المسلمين بادنى ما ذكره الفقهاء ...ثم بعد ذلك فلهم حقهم في وزارات الدولة بنسبة عددهم ..ولهم حقهم في انشاء مدارسهم الخاصة وهم يشتركون في المدارس العامة...
وينقل الاستاذ هويدي عن عمر التلمساني المرشد السابق لجماعة الاخوان المسلمين حيث يقول التلمساني ::الاخوان جماعة عالمية للمسلم وغير المسلم والعلاقة بيني وبين الاب شنودة زعيم الأقباط في منتهى الود.
وكذلك ذكر الاستاذ فهمي هويدي في كتاب وجهات نظر عدد 13 نقلا عن كتاب المسلمون والاقباط في اطار الجماعة الوطنية للمستشار طارق البشري .. وفيه ذكر انه قبل الاحتلال البريطاني –لمصر- لم تكن مناصب الحكومة ولا المناصب الكبيرة فيها موصدة الابواب في وجه القبط... وتقول السيدة (يوشر)و اضافت انه بعد الاحتلال اتبعت سياسة تمييز المسلمين عن الاقباط ... جاء الى مصر اللورد كرومر ولديه عزم الا يستخدم الا المسلمين وهو منهج حمله معه وطبقه ....
انقل للقارئ الكريم مقطعا من مقابلة مع الدكتور رفيق حبيب القبطي اجرته معه مجلة الوطن العربي تاريخ21/11/1997 حيث وجه له سؤال(هل هناك مشكلة قبطية في مصر؟ فقال:انه لا توجد مشكلة قبطية في مصر ولكن هناك مشاكل للاقباط فهنالك القيود المتعسفة على بناء وترميم الكنائس ولكنها هي نفس المشاكل التي تحدث مع المساجد أيضا .. فما تعاني منه الكنيسة يعاني منه المسجد والنقابة والحزب والنادي .. ولهذا فلن تتمتع الكنيسة بحرية العمل الا اذا تمتع المسجد وبقية المؤسسات الأخرى بنفس الحرية... ولا انسى ان اذكر القارئ ان الدكتور رفيق حبيب من مؤسس حزب الوسط الذي يقال انه امتداد لجماعة الاخوان المسلمين وما زالت ترفض الدولة الموافقة عليه
ولا ننسى ان اذكر ثانية قول الدكتور السباعي حيث قال مخاطبا اتباعه ((لا تطلق لفظ العدو الا على الاجنبي المحارب اما المواطن الذي تختلف معه فهو الخصم)) والمواطن كما هو معروف كل الرعايا الذين يعيشون ضمن حدود دولة معينة فيهم المسلم وغيرالمسلم والشيوعي ...
واختم كلامي بهذا الموضوع حيث جاء في كتاب تاريخ سوريا السياسي المعاصر للدكتوره امل ميخائيل بشور في ص396 حيث تقول حول الانتخابات: وكانت المعركة حامية جدا في دمشق حيث اصدر العلماء المسلمون بيانا لصالح السباعي كذلك وجه رجال الدين الكاثوليك رعاياهم لصالحه... اذ قدم الجيش ورجال الحكومة دعما ماديا ومعنويا علنيا لصالح المالكي ... وكانت النتائج متوقعة سلفا اذ حققت العناصر اليسارية نصرا حاسما على منافسيها وليعلم القارئ انه كان على راس الداعمين للمالكي الشيخ الراحل احمد كفتارو من ذلك يتبين لنا ان الدين الاسلامي والدين المسيحي اقرب الى بعضهما ورب قائل يقول لماذا الصورة الآن غير ذلك؟
الجواب عندما جاءت الأنظمة الثورية تغيرت الصورة وهذا ما اكده المرحوم سعد جمعة في كتابه مجتمع الكراهية(... قال ايرل برغر في كتابة "العهد والسيف" الشعور المناوئ لإسرائيل تقوم به في البلاد العربية العناصر التي يسمونها رجعية, وعندما كان المجاهدون من الاخوان المسلمين سنة 1951 يقضون مضاجع اسرائيل وقف بن غوريون في الكنيست وقال: اصبروا فلن يكون هناك سلام لاسرائيل مادام العرب تحت قيلدة رجعية ان الشرط الاساسي للسلام هو ان يقوم في البلدان العربية حكومات غير ديمقراطية وتقدمية متحررة من التقاليد . وقال المؤرخ جورج لينشوفسكي في كتابه "الشرق الأوسط في المحيط الدولي " : هناك شواهد كثيرة أقنعت إسرائيل أن تحول الدول العربية إلى مجتمعات يسارية هو الحل الوحيد لانصراف أوتوماتيكي عن المواقف العدائية إزاء الصهيونية العالمية "
ونذكر القارئ الكريم بمقولة إبراهيم خلاص التي ذاع صيتها آنذاك والتي نشرتها جريدة جيش الشعب البعثية السورية عام 1966 والتي قال فيها :"إن الله عبارة عن دمية يجب وضعها في المتحف" وقد كان هذا قبل أشهر قليلة من كارثة 1967 وسقوط مرتفعات الجولان بيد إسرائيل.
والى الذين يمانعون انشاء حزب سياسي على اساس ديني فسوف ياتيهم الجواب كما ذكرت صحيفة العرب اليوم الاردنية 20-6-2005 حيث ذكرت تحت عنوان : الاقباط لا يعارضون تشكيل حزب للاخوان المسلمين : اكد اقباط مصرتاييدهم لتاسيس حزب سياسي مدني بمرجعيتة دينية لجماعة الاخوان المسلمين, ونفوا وجود أية مخاوف او مشاكل في ان يشكل الخوان حزبا سياسيا مدنيا, وبعتبار ان جماعة الاخوان المسلمين فيصل سياسي موجود في الشارع المصري ويمثل الثقل الاول في الحركة والعدد.
وطالب سياسيون ومفكرون اقباط الحكومة المصرية ولجنة شؤون الاحزاب بالموافقة لجماعة الاخوان المسلمين على تأسيس حزب سياسي مدني بمرجعية اسلامية تحتكم الى الشريعة الاسلامية التي تمثل احد الصادر الرئيسية للدستور المصري.
ورفضت الكنيسة القبطية التعليق على مطالب الاقباط بتاسيس حزب مدني للاخوان, واكدت انه لا تتدخل في الامور السياسية خاصة الجدلية منها, وان الكنيسة جهة دينية روحية لا تعمل في السياسة او تبدي رأيها فيها.
وقال المفكر القبطي د. رفيق حبيب: ان حزب الاخوان مقبول مسيحيا, لانه يستمد مبادئه من الحضارة الاسلامية التي هي واقع عاشت فيه مصر, ولذلك فهو امر مقبول لان الاستناد الى المرجعية الاسلامية هو ما ترتكز اليه الحضارة الاسلامية السائدة عبر القرون الماضية في العالم الاسلامي.
واضاف: ليست لدينا مخاوف من تأسيس حزب مدني بمرجعية دينية للاخوان, ولا خوف من تطبيق الشريعة الاسلامية لان القاعدة الاساسية المطبقة عبر سنوات ماضية, انه لايجوز تطبيق الشريعة الاسلامية على المسيحيين فيما يتعارض مع العقيدة المسيحية.