هل حقا سورية حصن منيع الآن يا سيادة الوزير

هل حقا سورية حصن منيع الآن يا سيادة الوزير

ابوميماس

كثيرا ما يظهر مسؤولونا على شاشات التلفزة , والملفت للنظر , والغريب ( وليس المستغرب ) أنه لو أجرينا إحصاءً بين مواطنينا عن أسماء وزرائنا وأعضاء مجلس (الشعب ) السابقين والحاليين , لوجدنا أن نسبة ضئيلة تعرفهم "باستثناء بعض المسؤولين الذين ينطبق عليهم المثل من المهد إلى اللحد".

وكأن مواطنينا مصابين بداء النسيان , وهذا ما يمكن نفيه بسهولة , فهم يحفظون عن ظهر قلب , أسماء كل المسؤولين الأمنيين وأسماء السجون والمعتقلات في طول البلاد وعرضها " وعلى قدر أعمالهم يعرفون " وهذا ما يبرر التساؤل السابق .

السيد وزير الإعلام أراد خرق هذه العادة السيئة , وهو مشكور، فأطل علينا عبر الفضائيات في برامج حوارية متعددة , ما هو مشترك في حوارات السيد الوزير تأكيده أن سوريا حصن منيع ...... ولديها اكتفاء ذاتي .... وأمن غذائي ...والحريات مصانة ونحن " دولة صغيرة " وسياستنا سياسة دولة عظمى .

وباختصار يبشرنا السيد الوزير أننا سنقود العالم إلى حيث نريد .

هذه هي المأساة بعينها , أن تفقد كل حواسك , وتشعر أنك تملك حواساً وجدت من أجلك تحديداً ..... أن تفقد التفكير وترى في نفسك المفكر الوحيد ......أن تستهين بعقول البشر لهذه الدرجة .

ولكي لا أعمم , فلكل قاعدة شواذ , يستثنى ( الحاج علي , والدكتور ؟ الشعيبي ...).

كما يقول المثل , ونحن أبناء القرى لا نملك إيديولوجيا , بل نملك الحكايات والأساطير ...

ودائما نقول كما يقول المثل ...

المهم أننا نقول ( الميه تكـ.... الغطاس ) .

فهل يعلم السيد الوزير ( والحاج علي ... والدكتور ؟ الشعيبي ... ) أن 60% من الشعب السوري تحت مستوى خط الفقر وأن 800 ألف مواطن عاطل عن العمل ومعظمهم من الشباب ( وفقاً لإحصائيات مكاتب التشغيل الحكومية لعام 2001 ) وأنه يدخل إلى سوق العمل كل عام 200 ألف إنسان لا يتوفر لربعهم فرص للعمل .

وحسب إحصاءات حكومية يبلغ عدد العاملين في الدولة مليون وأربعمائة ألف تصل نسبة البطالة المقنعة بينهم إلى 50% , وأن بعض الباحثين يقدرون العمل الفعلي للعامل في الدولة بـ 37 دقيقة في اليوم ....

ناهيك عن الفساد والرشاوة والخوات ..... والسلبطة ... إلى حد جعل أحدهم يقول عبر إحدى الفضائيات أنه لا يوجد في سوريا شخص إلا راشي أو مرتشي ...

" إن كنتم لا تدرون فالأمر عادي , وإن كنتم تدرون فتلك مصيبة " أسألكم : ألم يحصل صدام حسين في آخر استفتاء على نسبة 100% " وهي محرجة لكم لاستحالة تجاوزها " وانهار نظامه بسرعة البرق ؟

ألم تنهار منظومة ( الدول الاشتراكية ) أيضا بنفس السرعة والقاسم المشترك بينهما عدم احترام المواطن واختزال الوطن ومواطنيه بشخص أو بحزب قائد ..

أيها السادة : إن قوة الوطن وحصانته تأتي من قوة مواطنيه ...... من شعورهم بالانتماء إليه ...... من احترام حقوقهم .... من إعادة السياسة للمجتمع ..... من التعددية والقبول بالآخر .... واستقلالية القضاء .... وفصل السلطات ..... وإصدار قانون الأحزاب والصحافة الحرة ..... والانتخابات الحرة والنزيهة .

فالوطن لكل مواطنيه وليس مزرعة لمجموعة أشخاص .

أيها السادة : لا تخافوا من الديمقراطية فهي تطلق وتفجر طاقات الشعوب, وهي مصدر القوة الحقيقية لمقاومة مشاريع الهيمنة , والشرق الأوسطية الأمريكية .

إنها المخرج .... بعد فقدان كل الأوراق التي جُمعت خلال أكثر من ثلاثة عقود ... ودفعنا ثمنها ( نحن المواطنون ) غالياً .

أعيدوا لعلم بلادي ألقه ..... ولجامعة دمشق عراقتها ..... ولأبي أحمد بعضاً من إنسانيته .

عن "الرأي / خاص"