أدركوا اليمن قبل فوات الأوان
نبيل عواد المزيني
باحث- الولايات المتحدة
كنت قد كتبت في مقال سابق يحمل نفس العنوان ان اليمن على حافة بركان مرشح
ان يعصف لا باليمن وحده بل بالجزيرة العربية ودول الخليج كذلك ,وقد صدق
حدثي للأسف الشديد و باسرع مما كنت اتوقع , فقد قرأت بعد ذلك في الاخبار
تحت عنوان الحوثيون يشهرون السلاح في وجه السعودية " هددت جماعة أنصار
عبد الملك بدر الدين الحوثي ، الذي يتزعم التمرد في محافظة صعدة (شمال
اليمن) بنقل المعارك إلى الأراضي السعودية " ، ويوم السبت أكدت صحيفة "
أخبار اليوم" اليمنية ايضا أن " إعلام التمرد الحوثي ، وفي خطوة إستباقية
، كشف الرغبة الجامحة لدى عناصر التمرد في نقل معركتهم إلى أراضي المملكة
العربية السعودية".
أذن فنحن لم نعد امام مشكلة , سخط سياسي واجتماعي لدى الجنوبيين وتمرد
زيدي لدى الشماليين ,أو خلاف علي الحكومة المركزية او علي اسلوب الحكم
والتعامل مع السلطة الشرعية في القطر اليمني فحسب , بل اصبحنا امام
احتمال انتشار نار فتنة التشرذم والاقتتال المذهبي البغيض خارج حدود
اليمن وانتقالة الي الحيز الاقليمي ,
ولكي تكتمل الصورة ويتضح حجم المأساة ومدي الضمار الذي يمكن ان يحيق
بالمنطقة , فما علي السادة المسؤلين والمعنيين بالأمر إلا ان يعلمو أن
بعض جهات التصارع في اليمن تجري مناورات وتستعد بالتسلح وكأنها علي اعتاب
حربا إقليمة لا هوادة فيها , وليس نزاع داخلي حول حقوق فئة من المجتمع
كما كان يتصور البعض , فقد جاء تحت عنوان مناورات عسكرية رفيعة المستوي
ان الحوثيون أجرو فجر يوم الجمعة مناورات عسكرية مكثفه في مناطق خاصة بهم
وقد سمع المواطنون في اغلب مناطق صعده دوي الانفجارات وإطلاق القذائف
الثقيلة والرشاشات المتنوعة , وقد قال مراقبون محليون أن المناورات تأتي
لرفع مستوي الجهوزية القتالية والمعنوية للحوثيين .
والسؤال الهام والخطير هو من أين لهؤلاء بتلك الاسلحة و التكتيكات
العسكرية في المناورات , وضد من سوف تستخدم , ألا يؤكد هذا وجود ايدي
خفية تحاول العبث بمصير اليمن و جيرانة , وتريد ان تزعزع الامن في منطقة
الجزيرة العربية حتي يتسنا لها السيطرة علي مقدرات منطقتنا الغنية
بالثروات النفطية والمعالم التاريخية و الاسلامية المقدسة , وما أطماع
ايران الفارسية في اليمن وفي منطقتنا العربية ببعيد , فقد لعبت ايران
دورا في السابق خلال مفاوضات الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين الشيعية ,
وكانت أجهزة إعلام إيرانية في السابق قد دعت الشعب اليمني إلى الوقوف مع
الحوثيين والالتفاف من حولهم ودعمهم بكل قوة. وقد تزامنت الدعوات
الإيرانية مع ادعائات من قيادات الحوثيين على " أحقية أبناء صعدة في
استعادة جبل العرو وإمارات جازان وعسير ونجران " من السعودية ، مبررة ذلك
بأنها " فروع يجب أن تعود إلى الأصل " , و ما يجري في العراق من تدخل
فارسي , ونزاع مزعوم حول جزر الامارات العربية و الاضطرابات في جنوب
المملكة كلها قضايا مترابطة وتشير بكل وضوح وتأكيد الي تلك الايدي
الفارسية الطامعة في المنطقة العربية .
وحتي لا يتحول اليمن الي صومال جديد او سودان فيتمزق من الداخل ويصبح
عامل تمزق لجيرانة من الخارج نقول , على كل مواطن يمني مخلص لوطنة ولقومة
ان يحتكم الى العقل ويترك الدعوات والنعرات الطائفية جانبا ويتصدى لها
بكل ما أوتي من قوة حتى لا يزج بالوطن والمنطقة العربية في نفق مظلم يكون
ثمنه غاليا لليمن وللآمة العربية.
وإلي ابناء اليمن وقيادات المعارضة في الخارج نقول إن اطلاق اسماء اخري
علي الانفصال و التشرذم ( كقولكم فك الارتباط بين شمالي البلاد وجنوبها )
لن يغير من حقيقة الامر شئ , واذا كنتم تعانون من شئ فالأجدر بكم بذل
الجهد في اتجاة الوحدة وتصحيح ما تعتقدون انة خطأ بدلا من العودة الي
الوراء وهدم ما تحقق من انجاز .
والي ابناء اليمن في الداخل جميع ابناءة بمختلف مذاهبة و مواقعة
الجغرافية نقول لكم قولة رئيسكم الشرعي و الوحيد الرئيس على عبد الله
صالح رئيس الجمهورية اليمنية " اليمن.. لن يكون شطرين فقط، شماليا
وجنوبيا، ستكونون قرى ودويلات، وستتقاتلون من باب إلى باب، ومن طاقة
(شباك) إلى طاقة، ولن يكون هناك طريق آمن، أو طائرة تطير، أو سفينة تبحر
من وإلى اليمن" , ذلك إن لم تعو حجم الخطر المحيط بكم ومصيرية المرحلة
التي تمرون بها انتم والمنطقة المحيطة كلها.
والي السادة المسؤلين لازلنا نقول أيها السادة الرؤساء والامراء والملوك
في منطقتنا العربية ؛ أنقذوا اليمن قبل فوات الاوان وقبل ان يلحق
بالصومال والسودان ، افيقوا وادركوا الموقف في اليمن قبل ان يعصف هذا
الطوفان بالمنطقة كلها.