قضايا ساخنة، ورؤية إسلامية (7)
قضايا ساخنة، ورؤية إسلامية (7)
د.محمد بسام يوسف
(22)
الخيارات المتاحة أمام السلطة الفلسطينية
الوضع الذي وصلت إليه السلطة الفلسطينية هو ما جنته يداها، لأن الاعتماد على الغرب وأميركة في تحصيل الحقوق هو جري وراء سراب، وليس أدل على ذلك من مواقف الراعي (غير النـزيه) السافرة من الصراع العربي الإسرائيلي !.. إن مطالبة أميركة وإسرائيل لرئيس السلطة الجديد بمزيدٍ من التنازلات، ليس إلا ابتزازاً رخيصاً من الإرهابيّ شارون، ومن ورائه بوش وأميركة وأوروبة، لحثّه على مزيدٍ من التفريط بالحقوق الوطنية المشروعة، ولإشعال حربٍ أهليةٍ فلسطينية، بهدف تصفية القضية بعد القضاء على الانتفاضة المباركة التي استعصت على إسرائيل وعلى مَن يدعمها !..
الرئيس الجديد بإمكانه أن يفعل الكثير، وأول ما يستطيع أن يفعله، هو أن يتخذَ موقفاً تاريخياً عظيماً بالالتحام مع شعبه وفصائله المقاومة، وشق طريق الحرية من جديد، بعد أن ثبت خلال عَشر السنوات الأخيرة، عبث الجري وراء سراب أميركة والغرب، الداعمَيْن بقوّة للكيان الصهيوني، الذي صنّعوه في أحضانهم ليكون خنجراً في خاصرة العالم العربي والإسلامي، فهل يفعلها رئيس السلطة الفلسطينية الجديد ؟!..
(23)
زعامة فلسطينية تحقق طموحات الشعب الفلسطينيّ
هل ترغب أميركة بقيادةٍ فلسطينيةٍ تحقق طموحات شعبها بالتحرير والاستقلال ؟!..
الحقيقة الدامغة التي ظهرت أمام العالَم مؤخراً، هي أنّ أميركة حليف استراتيجي لإسرائيل، فالحكومة الصهيونية بزعامة شارون، التي جعلت العالَم يتقزّز ويشمئزّ من سلوكها وجرائمها وعدوانها وانتهاكاتها المروّعة لحقوق الإنسان .. لم تحرّك الضمير الأميركيّ، بل تقدّمت الإدارة الأميركية خطواتٍ أخرى في تحيّزها لإسرائيل ودعمها للعدوان، ما جعلها شريكاً كاملاً في العدوان والإرهاب وجرائم الحرب المرتكبة بحق الفلسطينيين، وأصبح بوش وإدارته الأميركية.. هو شارون وحكومته الصهيونية، كما أصبح شارون وحكومته الصهيونية.. هو بوش وإدارته الأميركية !.. وهؤلاء لا يقبلون بأية قيادةٍ جديدةٍ أو قديمةٍ تتحدث عن التحرير والقدس والأقصى والاستقلال، والرئيس الراحل عرفات (رحمه الله) لم يَنَلْ رضى أميركة على الرغم من تنازلاته، ولو استطاع سحق الانتفاضة والمقاومة لما تحدّث بوش عنه بالأسلوب السوقيّ الحاقد، ولما صرّح سابقاً بضرورة تغيير القيادة الفلسطينية بزعامة عرفات، ولن تستطيع أية قيادة بديلة سحق الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية الباسلة، وبالتالي لن تحظى برضى بوش وإدارته، لذلك.. فطموحات الشعب الفلسطينيّ لا تتعلق بقيادةٍ قديمةٍ أو بديلة، وإنما ترتبط بإرادة القتال والمقاومة والجهاد، الذي هو السبيل الوحيد لتحقيق الطموحات الوطنية، ودحر العدوّ الأميركي الصهيوني المشترك !..
(24)
إصلاح السلطة الفلسطينية وعملية السلام
كانت أميركة تطالب الرئيس الراحل (ياسر عرفات) بإجراء عملية إصلاحٍ لسلطته، وتَعِدُهُ بأن تُقنع إسرائيل باستئناف عملية السلام، ثمناً لجهوده في تحقيق الإصلاح المطلوب !.. والآن يتجدّد الطلب مع رئيس السلطة الجديد وسلطته، فأي نوعٍ من الإصلاح تطلبه أميركة من السلطة الفلسطينية ؟!..
النهج الذي تسير عليه أميركة وإسرائيل، هو نهج الظلم والتخلف والقتل وسفك الدماء والانحطاط والشرّ بكل أنواعه .. وهما تريدان سلطةً فلسطينيةً تشكّل معهما ثالث الثالوث الإرهابيّ ضد الشعب الفلسطينيّ المقهور، وفق مقياس الشرّ الذي تسيران عليه، وهذا بالضبط هو الإصلاح الذي تريدانه !.. وبما أنّ السلطة الفلسطينية لم تصل بعد إلى هذه الدرجة العظيمة من الخزي والعار، إذ بعد كل الذي تقوم به في وضح النهار، وبعد كل عمليات المتاجرة بالشرف والدم الفلسطينيّ .. فهي لم تصل بعدُ إلى درجة الإصلاح بالمفهوم الصهيونيّ والأميركيّ، لذلك فهذا الإصلاح الشرّير الأميركي الصهيوني لن يصبّ طبعاً في مصلحة القضية الفلسطينية، والمطلوب هو عملية إصلاحٍ واسعةٍ باقتلاع الشرّ من جذوره، الممثّل في رأس الإرهاب والإجرام العالميّ : أميركة وإسرائيل .. ومن الداعي للسخرية هذه العبارة التي ترد دائماً في نصوص التصريحات الأميركية: ( .. قبل استئناف عملية السلام) !.. فلا نعلم، عن أي سلامٍ يتحدثون ؟!..