انتخاباتٌ حربيةٌ !.. 

انتخاباتٌ حربيةٌ !.. 

بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف

[email protected] 

لا نعلم ماذا سيفعل دهاقنة الشعوذة في طول الأرض وعرضها، إزاء هذه العبقرية الأميركية التي أنعم الله بها على الشعب العراقي العربيّ المسلم!.. فلم يتوقّع أشد الـحُواة خبرةً في التضليل والشعوذة.. لم يتوقعوا أن يمرّ على رؤوسهم زمان يأتي إلى هذه الدنيا بِحُواةٍ عُتاةٍ إلى هذه الدرجة، مُرَكَّبين من لحمٍ وعظمٍ ودمٍ، يقبعون في أضخم مركزٍ حديثٍ مطوَّرٍ للشعوذة، أطلق عليه أصحابه اسم : البيت الأبيض الأميركي!..

حاوِلوا أن تتخيّلوا معي مشهد الحرية والديمقراطية لمشعوذي أميركة وأذنابها التافهين، وهو مشهد ملتَقَط من أرض الرافدين ومدنها وقراها وشوارعها وكل زواياها، ومما بقي من مؤسساتها في زمن الاحتلال :

- عاصمة اسمها بغداد، ومدن وبلدات وقرىً.. مقطّعة الأوصال بالدبابات الأميركية والعربات المجنـزرة والفرق العسكرية والأسلاك الشائكة، وبالجنود المذعورين الذين لا يكفّون عن الالتفات في كل الاتجاهات على مدار الساعة، بوجوهٍ شاحبةٍ وشفاهٍ صفراء وعيونٍ مصابةٍ بالرأرأة.. وسبّاباتٍ على الأزندة، وأسلحةٍ أوتوماتيكيةٍ ملقّمةٍ وبكامل الجاهزية، وأوامر عسكريةٍ مُسبَقَةٍ بإطلاق النار على كل مَن يتنفّس خارج بوّابات الانتخابات (الحرة النـزيهة)!..

- شوارع خالية، يسري عليها قرار منع التجوّل، وحواجز عسكرية في كل شارعٍ وزاوية!..

- أبنية خاوية إلا من عملاء الـ (سي آي إيه)، أطلقوا عليها اسم : مراكز انتخابية، وأطلقوا على كلٍ من عملائها اسم : موظف (أو موظفة) انتخابات!..

- دويّ الانفجارات في كل مكان، بما في ذلك داخل ما سمي بالمراكز الانتخابية.. وقتلى وجرحى بين صفوف العملاء وحرّاس الديمقراطية.. واشتباكات مسلّحة هنا وهناك، بين حُواة الديمقراطية من جهة.. وأبناء الشعب الذي تم تحريره لسواد عيون دجلة والفرات ولصوص علي بابا.. من جهةٍ ثانية!..

- بلد مدمَّر بلا كهرباء، ولا وقود، ولا ماء، ولا غذاء، ولا دواء.. بل إفقار وبطالة ومشرَّدون وهائمون على وجوههم، وأطفال جائعون باحثون عن الطعام بين أكوام النفايات وحاويات القمامة، وفي أفواه الكلاب والقطط الضالة!..

- صناديق متينة مغلقةٌ تُنقَل داخل العربات المصفّحة والمدرّعة، وهي قاتمة مظلمة لا يعلم أحد من خَلْقِ الله محتوياتها.. إلا الله عز وجل وعباقرة الديمقراطية الأميركية الصنع والمنشأ!..

- ثماني محافظاتٍ لن تجري فيها فصول المسرحية السحرية (الانتخابات).. وبقية المحافظات لم يسجل فيها على الانتخابات أكثر من ثلاثة ملايين مواطنٍ (هكذا قالوا).. من مرتزقة السيستاني والحكيم وعلاوي والجلبي وبرزاني وطالباني، وغيرهم من عصابة الحكومة الأميركية الصهيونية (المؤقّتة حالياً والدائمة بعد 24 ساعة).. وهم كلهم من الأدوات الأميركية الصنع (تجميع إيراني فارسي إسرائيلي صهيوني).. وذلك من أصل (ثلاثة عشر مليوناً) يحق لهم الانتخاب، علماً بأن نسبة المسجّلين من العراقيين الذين يعيشون خارج العراق لم تتجاوز (23%) حسب إحصائيات المشعوذين أنفسهم، وعلماً أيضاً، بأنّ عشرات الألوف من الصهاينة الإسرائيليين اليهود.. قد أُدرِجوا على قوائم الانتخابات.. العراقية (شديدة النـزاهة)!..

- بطاقات انتخابية (استمارات) تُباع في السوق السوداء الرائجة جداً، بالدولار الأميركي، وذلك في الأماكن المظلمة وزواياها وحُسَينيّاتها!..

- طائرات وقاذفات تجوب سماء العراق بمدنه وقراه.. مع طائرات التجسس التي تطير من غير طياّر!..

- استقالات بين صفوف الشرطة ولجان الانتخابات.. بالمئات.. تأييداً للديمقراطية الأميركية الصنع، واحتفاءً بنـزاهة الانتخابات التي اطلعوا على مجرياتها قبل أن تجري!..

طبعاً الانتخابات شرعية مئة بالمئة!.. لأن نتائجها جاهزة قبل إجرائها، والصناديق جاهزة بما فيها من بطاقات المنتخِبِين!.. والمنتخِبون حضروا كلهم عملية الانتخاب قبل إجرائها، ولا يهمّ مَن ملأ البطاقات.. المهم أن الشعب كله قام بالواجب الوطني الحر.. في الانتخاب.. وانتخب شلّة الزعران والفاسدين والعلقميين والمحتلين واللصوص والقتلة والأحذية والبساطير العتيقة والجديدة!.. حتى الذين يرقدون في المقابر هانئين مرتاحي الضمير لقتلهم في سبيل الحرية والديمقراطية.. حتى هؤلاء.. ستجد بطاقاتهم في تلك الصناديق العجيبة (صناديق الدنيا).. يُباركون فيها تضحيات أميركة وأشاوسها شاحبي الوجوه والشفاه.. في سبيل تحقيق الحرية والديمقراطية!..

أما نسبة النجاح في الانتخابات لصالح أبناء العلقمي.. فسوف تتعدى المئة بالمئة!.. وربما ستكون مئةً وعشرين أو مئةً وأربعين بالمئة.. أو يزيد.. فلا تعجبوا.. لأنه سيحصل (خلل تقني) في البيت الأبيض.. و(خلل عقلي) في البنتاغون.. أثناء تقدير أو حساب عدد سكان العراق أو تعداد الشعب العراقي.. فيتم نتيجة ذلك (مسبقاً) مَلء بطاقاتٍ انتخابيةٍ ووضعها في الصناديق المغلقة المظلمة.. ونتيجة الخلل التقني للبيت الأسود، والخلل العقلي للبنتاغون (بسبب ضربات المقاومة الباسلة)، و(الخلل الأخلاقي) لعلاوي وشركاه في شركة اللصوصية والخيانة والإجرام.. نتيجة ذلك كله.. سيكون عدد بطاقات المنتخِبِين داخل (صناديق الدنيا) أكبر من عدد سكان العراق أو العراقيين (على طريقة البعث السوري ونظامه وطريقة بقية شلّة الأنظمة التقدمية).. خاصةً عندما يتم تنفيذ الدعم الفارسي الإيراني السيستاني.. وذلك باستيراد مليون رأسٍ من الناخبين الإيرانيين الفارسيين.. من قُطَّاع الطرق والحرس الوثني الإيراني.. حسب القوانين التجارية المرعية بين الدولتين الجارتين (الحميمتين)، الخاصة بتصدير رؤوس البشر بين الطرفين واستيرادها.. لغرض تنفيذ الانتخابات (الحرة النـزيهة) وإنجاحها!..

كل الإمكانات مُسَخّرة.. للديمقراطية والانتخاب الحر والتنافس الشريف على طريقة الحاوي الأميركي الصهيوني!.. أما تأمين لقمة العيش، والوقود، والكهرباء، والماء، وحليب الأطفال، ورغيف الخبز، وحبّة الدواء.. وغير ذلك.. فهذا من الكماليات غير الضرورية في القرن (الصهيو أميركو علقمي) الحادي والعشرين!..

نعيش رَجَباً ونرى عَجَباً!.. فاللهم أرنا بأميركة وعلاقمتها وسَحَرَتِهَا وعملائها الخونة اللصوص المجرمين.. أرنا فيهم جميعاً عجائب قدرتك.. إنهم لا يعجزونك.. اللهم آمين.

29 من كانون الثاني 2005م