الاستبداد بين عقلية الحاكم والمحكوم النظام السوري نموذجا
الاستبداد بين عقلية الحاكم والمحكوم
النظام السوري نموذجا
ناصح أمين *
عندما نسمع همسا أن المواطنين السوريين يحلمون بعيش حياة لائقة أسوة بباقي شعوب العالم فاننا لانستغرب من هذا الحلم , وعدم الأستغراب أمره بسيط جدا حيث تعود بنا الذاكرة الى الثامن من أذار عام (1963) عندما تمكن البعثيون الطائفيين من السطو على الحكم بالقوة وفرض نظام شمولي
رسخ مبدأ الحزب الواحد والرئيس الأوحد الذي أصبح الها يعبد من دون الله .
ولكي يحافظ هذا النظام على تلك المنجزات الاستبدادية الطغيانية فكان لابد من العنف والقمع والاستئصال والافراط بالقهر والظلم لكل من يفكر بطريقة تختلف عن عقلية هذا النظام .
ويستغرب الكثيرين عن هذا الصمت الطويل للشعب السوري رغم فظاعة الاجرام والخيانة التي مارسهما النظام فلقد جر البلاد الى هزائم وخيانات عسكرية توجت بتسليم الجولان والقنيطرة اضافة الى اكثر من ثلاثين قرية في حرب تشرين ,وكم كنا نتمنى من جيشنا الباسل ان ينتفض على هذا النظام ليغسل العار الذي لحق بهذه المؤسسة التي بنيت بدم الشعب , ولم يكتفي هذا النظام بتسليم البلاد بل عمل على قمع الفكر والعقل بواسطة آلة الارهاب الأمنية التي مورست على الشعب منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا فتاريخ هذا النظام أسود بكل صفحاته وكل صفحة تتحدث عن القتل والاعتقال والنفي والاستئصال والحرمان من الحقوق المدنية التي طالت كل شرائح الشعب باستثناء شريحة المنتفعين من بقاء الاستبداد .
فلقد استطاع هذا النظام على مدار السنوات الطوال أن يعزل الشعب ويمنعه من ممارسة حقه الطبيعي في الحياة , فلقد قتل في الشعب ارادة التفكير والابداع وكما قال الكواكبي عن أسير الاستبداد ( يعيش خاملا فاسدا ضائع القصد حائرا لايدري كيف يميت ساعاته وأوقاته ).
والأغرب أن هذا النظام يتحفنا بين الحين والأخر عندما يتحدث عن الطاقات والامكانات التي يملكها الشعب السوري وعن الموارد الكامنة التي يمتلكها قطرنا ورغم كل ذلك نجد أن من يشجع الاستبداد يريد أن يقنعنا أن رأس النظام الحالي والسابق ( حافظ الاسد ووريثه الغير شرعي بشار)هم المنقذ الوحيد للبلد وبدونهم ستصبح سورية لقمة سائغة لفم اللئام , فمن حقنا أن نسأل أين هي اذا تلك الطاقات أم أن ( آل أسد خرطهم الخراط ومات ) .
بهذه العقلية المستبدة تمكن النظام من حرمان الشعب من حريته بل فقد معها كل شئ ولانستغرب اذا فقدنا في يوم من الايام كل سورية بفضل عقلية البعث الطائفي .
ونستغرب كيف يسمح الشعب السوري لسفيه ان يتصرف بهذا الشكل دونما حسيب أورقيب بينما شريعة السماء وشرائع الارض تحجر على السفيه اذا اساء استخدام ماله فكيف بسفيه يسئ استخدام مقدرات بلد وشعب ( ألا يوجد فيكم رجل رشيد ) .
فهل الشعب السوري مازال دون سن الرشد فيعتبر النظام هو الوصي عليه , ومتى يشب هذا القاصر في نظر النظام فينتزع حقه المسلوب فيحرر نفسه من الاحتلال الداخلي المتمثل بالاستبداد .
* كاتب سوري يعيش في المنفى