متى نخرج من حالة الجمود ؟؟؟
متى نخرج من حالة الجمود ؟؟؟
طريف السيد عيسى
عندما نلقي الضوء على الحالة التي عليها وضع بلادنا نظاما ومجتمعا فنجد بلا أدنى شك أن الجميع يعيش حالة من الجمود التي تحتاج إلى حالة من ثورة الحوار لإثرائه للخروج من تلك الحالة التي فرضها علينا واقع التسلط والقهر والظلم والكبت والاستبداد منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن.
فنحن بحاجة إلى حوار جرئ وشجاع يتناول كل الأفكار الحية التي تحرك المجتمع وتنير له الطريق انطلاقا من ثوابتنا وحضارتنا وهويتنا لتكون مرجعية للجميع وبذلك نتخلص من حكم الفرد والحزب القائد والتسلط الفئوي.
ويجب أن يرتقي هذا الحوار الى مستوى الثورة الفكرية الحقيقية التي تؤدي الى إقرار الحريات والحوار والمنافسة الشريفة بعيدا عن هيمنة الفرد أو الطائفة.
كما يجب أن لا يقتصر الحوار على مستوى النخب بل يجب أن يشمل كل شرائح المجتمع ومكوناته بما فيه النظام بكل هياكله ومستوياته ليتم وضع آليات ضامنة لاستمرار التفاعل الايجابي واقرار الحريات وصيانة حقوق الانسان والخروج من سيطرة العسكر والأمن والمخابرات الذين يسيطرون على مقدرات البلاد والعباد .
ان هذا المطلب ليس كثيرا على شعب مثل شعب سورية ذات العمق التاريخي والبعد الحضاري والثقافي أن تأخذ دورها من جديد لنخرج من حالة شعارات الثورة الوهمية التي لم تحقق أي تقدم يذكر وخاصة أن مبادئ الثورة قد انتهت في مكان نشؤوها .
وان في سورية من العقلاء والحكماء العدد الكبير القادرين على إعادة ما انفرط من التواصل بين مكونات المجتمع السوري حيث لعبت مبادئ الثورة على وضع الحواجز بين ابناء الوطن مما دفع اتباع الدين الواحد للتقوقع والتعصب الأعمى وحصل ذلك أيضا لباقي القوميات التي يتكون منها الشعب السوري فنشأت الحزازات وتمترست كل قومية خلف قوميتها في حالة من التعصب بسبب التهميش والظلم ,فلماذا لا يفتح المجال أمام هؤلاء العقلاء والحكماء ليعيدوا اللحمة القوية بين أبناء الوطن ليصبح كل مواطن حاملا للهم العام ويسهم بصورة ايجابية في الإصلاح العام لننخرط جميعا في دور الحضارة دون فقدان لهويتنا وحضارتنا وثقافتنا .
وكل ذلك يستدعي من النخب وتجمعات العمل العام أن تعمل على ترجمة أدبياتها إلى واقع عملي بعيدا عن التنظير , جميل أن نستمع لهذا المثقف أو ذاك التيار وهم يتحدثون عن أدبياتهم لكن الأجمل والأكثر مصداقية هو أن تكون على أقل تقدير تلك الأدبيات حالة عملية وسلوكية داخل صفوف هذا التيار أو ذاك ,فالاقتراب من أي تيار والاحتكاك مع عناصره يجعلنا نقف على حالة التناقض بين النظرية والتطبيق لتلك الأدبيات فحالة الحوار والشورى والديمقراطية شبه معطلة إلا على مستويات معينة وهذا خلل إذ أن الذي يطالب غيره بهذه الأمور يجب أن تكون متمثلة به والا ينطبق علينا المثل القائل فاقد الشيء لا يعطيه ,ولا يمكن أن ننكر أن هناك أمورا معينة لها مستوى معين للتشاور والحوار حولها لكن ذلك لا ينطبق على كل الأمور ولا يكون الأمر على إطلاقه إذ حتى تسود حالة من التفاعل داخل التيار الواحد لابد أن يشارك الجميع في الحوار والشورى والديمقراطية .
كما أنه يتوجب علينا جميعا التركيز على نشر معاني الحرية والحوار والشورى والديمقراطية بين أفراد المجتمع لتصبح ثقافة عامة لدى الجميع ثم تتحول إلى سلوك عملي يمارسه الجميع بكل مسؤولية لأن شعبنا الذي حرم على مدار أكثر من أربعة قرون من ممارسة هذه الأمور لا يعرف عنها الكثير بل يسمع بها من النخب ووسائل الإعلام لكنه حرم من ممارستها وهنا تسعفني الذاكرة بقصة من الماضي مفادها
( أن وزيراً تم اعتقاله من قبل السلطان وكان لهذا الوزير طفلٌ صغيرٌ ولا يوجد من يعتني به ويقوم على رعايته مما اضطر الوزير أن يصطحبه معه طيلة فترة اعتقاله ,فتربى الطفل داخل أسوار المعتقل لا يعرف عن العالم الخارجي شيئاًَ وبعد أن كبر الطفل وبلغ من العمر سناً تمكنه من التمييز وفيما هو يقدم لهم اللحم سأل والده ما هذا فيقول له انه لحم فيسأل الولد ومن أين فيقول الأب انه من الغنم فيسأل الولد وما هو الغنم فيبدأ الوالد يشرح لابنه الغنم من حيث مواصفاته فيقول الابن يعني مثل الفأر فيقول الأب أين الغنم من الفأر ) هذا هو واقع شعبنا الذي وجدت منه أجيال وهي تعيش تحت قانون الطوارئ والأحكام العرفية ومنهم من دخل المعتقل وهو ابن الثالثة عشرة من عمره فلا يعرف إلا القهر والظلم والكبت والاستبداد ولا يعرف عن الحرية وطعمها ولم يمارسها قط ,فهو يحتاج إلى توعية عامة وشاملة.. تحتاج إلى صبر طويل حتى نصل مع هذا الشعب إلى حالة الوعي العام .
فهل من يتصدى لهذه المهمة فيحمل المشعل ليضيء لنا الطريق الطويل أم ننتظر لتأتينا أمريكا ووكلاؤها من أبناء جلدتنا ليعلمونا هذه المعاني تحت وابل من القصف والقتل والتدمير؟؟؟؟؟؟؟