الخطاب البائس للإعلام والنظام العربي
الخطاب البائس للإعلام والنظام العربي
د. محمد رحال /السويد
من يقرأ ويشاهد ويتابع الاعلام العربي السياسي يلاحظ ومباشرة ان هذا الاعلام السياسي موجها او متوجها او متوجهنا نحو مسارين اثنين لاثالث لهما , وهذين المسارين الواضحين وضوح الشمس في السماء الزرقاء الصافية وسط النهار هما :
-الجانب الامريكي وما ورائه من اصطفافات وعمالات , وخيانات وسقطات.
-والجانب الايراني وما ورائه من تهاو لكل انواع الفكر وانسياقه وراء دعم ايراني يرى الشعب الايراني الجائع والذي يتظاهر في شوارع طهران انه اولى به من عربان تواكلوا على الاخرين واستسلموا لنوم عميق , وشخير سياسي لايعبر عن تطلعات حقيقية لاماني الشعب العربي.
ومع هذين المسارين او الاختارين فان هناك هامشا صغيرا جدا يلعب به بعضا من بهلوانيي السياسة معتقدا انه من النباهة والفطنة مايجعله قطبا للحياد او اللعب على الحبلين ,ومع ذلك فان الاتجاهات كلها تصب في النهاية في خدمة الاتجاه الامريكي باعتبار ان الاتجاهين الاخيرين باصطفافهما مع الاتجاه الايراني ينتظران اشارة رضا واحدة من الطرف الامريكي لنجدهم قد قبروا كل ثورياتهم وعنترياتهم وبطولاتهم وصمودهم وطفقوا في مديح الطرف الامريكي,والتحدث وبصوت عال عن التغيير في السياسة الامريكية ناسين ان هذا النوع من الخداع بات مجالا للسخرية من الطرف الامريكي والاوروبي ومثقفي العرب الذين ابتعدوا عن السياسة بعد ان تصدى لها واستولى عليها مجموعات من مرتزقة الاعلام والباحثين عن الشهرة والمغامرين والمنفعين , او مجموعة ضاعت فرصها في حياة شريفة فباعت ضميرها جريا وراء شهرة او مال او منصب او مديح او حب للظهور والتميز كتميز النكرات والاذيال,ومع ان الطرفين الاخيرين , الطرف الذي يظن نفسه ويخدع نفسه انه يدور في الفلك الايراني , والطرف البهلوان الذي يلعب على كل الحبال الراقصة , ماان ترسل الامبريالية الامريكية لهم وفدا حتى ترى وسائل الاعلام المحلية فيها تدندن وتطنطن وتطبل بكافة الوسائل المتاحة والمستوردة لهذا النصر العظيم , لتظهر لشعبها انها تحولت الى مركز اهتمام العالم , وقد ياتي بعض هؤلاء الوفود للزيارة او للسياحة او من اجل ملفات امنية او من اجل اعطاء الاوامر ليس الا, وبقدرة قادر يسخر الاعلام ومن اجل اظهار حسن النوايا , يتبدل من الهجوم الاعلامي الكامل على دولة الشرور الامريكية الى اعلام يسبح بحمد الطبقة السياسية الجديدة الحاكمة في امريكا ناسين او متناسين ان الادارة الامريكية قطعا لن تنحن ابدا امام تهديدات من دول لاتملك شروط البقاء ولو بال عليها النظام الامريكي لاغرقها ببوله , خاصة وانها دول سرق حكامها مال الشعوب وعرقه واودع المال المسروق في حسابات امريكية تعرفها اجهزة المخابرات الامريكية بالمليم, وهو سلاح ضغط رهيب تستخدمه الادارة الامريكية والتي كانت وراء تسلط النظام العربي الديكتاتوري على الشعوب العربية فضلا عن ان تلك الدول ليس لها من مشروع حضاري استراتيجي امام شعبها سوى شعارات تعفنت وتقيحت وخمجت في دول عجز اقتصادها عن التحرك والتلحلح لسنيمترات قليلة حيث لم تتجاوز الكثير من تلك الدول الشعاراتية ميزانياتها ميزانية شركة لاستيراد الفجل في اي دولة اوروبية, وتتعيش على الديون وتتكسب من الفساد الذي نمى وترعرع وشب وشاخ وهرم في مفاصل تلك الدول والتي لايعرف من حكامها اهم حكام البلد ام زوجاتهم ,ام انسبائهم , ام ضباط الجيش ام ضباط الامن , ام المؤسسات الحزبية , ام انه كل هؤلاء القيح والذي يظهر تفاهة هذه الانظمة وهي تحمل كل هذا الحجم من القيح والفساد ليقف زعمائها على هذه التلال من الاوجاع والاورام متحدثين عن عروبة ووطنية ومواقف ودين واسلام وعدالة ودون خجل وكأن شعوبهم لاترى ولاتسمع ولاتشاهد حجم الفساد المدوي والذي تحول الى قصص وحكايات في تلك الدول يتحدث بها حتى الصبية , والوحيد الذي يجهل هذا الكم من الفساد هو الحاكم الذي رضي من شعبه بمسيرات عارمة من الشعب الذي يساق الى تلك المسيرات تحت تهديد السجن او الموت او التجويع , واكثر عناصر هؤلاء المسيرات من الشرطة والجيش والامن وعمال المصانع وطلاب المدارس والطاقم التعليمي , وكأن هدف التعليم في تلك الدول هو من اجل المسيرات وليس من اجل العلم .
ان دولة الشر الامريكية لن ولن تكون ابدا مع قضايانا وانها عدوة تاريخية واضحة وصريحة لنا وللانسانية والذي يدفعها لابقاء الامة العربية على قيد الحياة ليست هي الرجولة العربية والتي انتهى زمنها , وليس التنافخ العربي وانما هو حجم السوق العربي الكبير واستثماراته, ولو ارادت دولة الشر الامريكية ان تبيد هذا العرق العربي لابادته كلية فلا احد يعارضها في التخلص من امة تخافها الدول الاوروبية فيما لو جمعت كلمتها ووحدت صفوفها والتي تشكل وبكل حال خطرا نائما على امنها واستقرارها ووجودها , ولقد اتيحت الفرصة للكيان الصهيوني في عام 1967 وبعد سقوط الجبهات العربية الثلاث وتهاويها ان تدخل الى كل العواصم العربية فيما لو ارادت , ولكن الاستراتيجية الاسرائيلية والتي تقوم على انشاء دولة يهودية متطورة ومتميزة معزولة عن الدول العربية تجعل من الدول العربية سوقا كبيرا لمنتجاتها هو التفكير الذي تعمل له دولة الكيان الاسرائيلي ومن ورائها الامبريالية الامريكية , ولهذا فاننا نجد ان البضائع الاسرائيلية تخطت عتبة دول وبلدان الدول العربية معتدلة وصامدة على حد سواء , ولم يعد الخطاب العربي هو ذلك الخطاب المتشدد نحو دولة الكيان الصهيوني ليتحول الى خطاب تصالحي وخطاب صداقة وتعاون وعشق متناغما مع زيادة في قتل الشعب الفلسطيني العربي المسلم واذلاله , في الوقت الذي تغزو فيه المنتجات الاسرائيلية البلدان العربية بعد ان تذهب الى دول عربية ويعاد تعليبها او تصنيعها او تجميعها , ثم تصدر ثانية الى باقي الدول العربية وكأن المال العربي واموال البنوك الاسلامية والتي وبدلا من الانصراف الى بناء المعامل والمصانع لوقف المنتجات الاسرائيلية فانها اتجهت الى بناء ناطحات السحاب الفارغة من اجل ان نحظى ببعض من الاحترام العالمي المفقود , ونسينا ان هذه الاموال انها كانت نقمة على المواطن العربي وفكره وارضه , بل وتطلبت حماية هذه المنشآت السقوط كاملا امام املاآت السياسة الامريكية والصهيونية وتحولت الدول العربية المتطورة سياحيا الى رهائن بيد هاتين القوتين تلتمس منهم الحماية والامان , ولن نستعرض مقدار الهدر المالي العربي وضياعه في سباقات بناء الابراج والمدن الفارغة والتافهة كصانعيها والتي تحولت الى خوازيق عملاقة بعد ان انكشف حال السوق المالية العالمية , وتحولت صيانة هذه الاعمدة والابراج والخوازيق الاسمنتية الى اعباء كبيرة في تكاليف الصيانة بعد ان هبطت اسعارها وطارت اموال المساهمين الماليين فيها , في ظل سيطرة لفكر متسطح بعد ان فنّشت الدول العربية العقول العربية واستبدلتها بعقول اقرب الى عقول التيوس , فلا هي استفادت من العقول العربية ولا هي استفادت من المال العربي , ورضيت تلك الانظمة بقصائد الشعر التي ليس فيها الا كتابة افضل قصائد النفاق والاغاني الساقطة لمجتمع تقوده مجموعات تسيرها غرائزها بدلا من عقولها , وتعيش على المظهر لاالجوهر .
كما وان الطرف الثاني وهو الطرف الايراني وهو الذي لايحمل لامتنا حبا او خيرا , وما يدعيه هذا النظام بلسانه تكذبه افعاله الواضحة , وهو نظام يستوي في عدائه معنا كااشكال الطيف الايراني الديني المتشعب من نظام ولي الفقيه , والذي بنى عقيدته على الامامة والتي توضح صراحة وتشير علانية الى تكفير كل المذاهب الاسلامية بلا استثناء , وتحض على قتلهم , وبعد ذلك تشن تلك الجمهورية حربا شعواء على كل من حاول ان يرد عليهم اطروحاتهم وتخريفاتهم التي لاتخدم الا تمزيق الامة الواحدة وتحت شعار الوحدة الاسلامية , علما بأنهم هم من سن التكفير والسب والشتم وجعلوه من الايمان , والخروج عن الجماعة واقوالهم وافعالهم توضحها النصوص والكتب والتي هي مراجع للعلماء لديهم , وما فكرة الامام الغائب والامام الحجة وبقية الله وتلك التسميات والادعاءآت انه سوف ياتي عجل الله فرجه ليخلص العالم من الفساد بعد قتل العرب الا نوع من اشد انواع التحريض والذي من المفروض ان يساق حملة هذاالفكر التحريضي المجرم الى محاكم تختص بمحاكمة من ينشر افكار معادية للانسانية والبشرية وتحمل روح العنصرية الواضحة , وبدلا من ذلك فقد فتحت لهذا الفكر الاجرامي عشرات القنوات التحريضية والتي لاهم لها الا نشر هذا الفكر الذي يسيء الى الاسلام وشريعته السمحاء , والمضحك في الموضوع ان هذه النصوص التي تدرس للعامة عبر الحسينيات والاذاعات والفضائيات ينكرها علماء الدين لديهم وكان اخرها اقرار رفسنجاني بانها مجرد خرافة , وكم قلت ان سامراء موجودة , وتعالوا اليها ياأصحاب العقول والحجى لتروا بانفسكم مدى الكذب والتحريض المذهبي , ولترو ان هذه الخرافة المتعلقة بوجود امام غائب في سرداب هي نوع من انواع استهبال العقول , فكيف يكون مسجونا من بيده اعمال البشر , ويحي ويميت , وهي نظرية استغرب ان تمر علىعقول امرها الله باستخدام عقلها بالتفكر لابالضحك عليها , بل واطلق علىالامام الغائب تسميات منها بقية الله وكان الله عز وجل طار واختفى ولم يبق منه الا جزء يسير مسجون في سرداب سامراء , فاي عته فكري واي انغلاق لمجاري التفكير , واي نوع من انواع الكفر حينما يقسم ملالي الظلام رب العباد الى قطع غائبة وقطع مسجونة , وبعد ذلك يطلب منا البعض الانجرار وراء تلك العقيدة التي بناها ثلة من الحشاشين وبعد ذلك طلب منا ان نتعبد بها ونؤمن ببقية ليست معروفة ان كانت الاها , او بقية من الاه , او بقية من بشر , او شبح , او روح , وماعمره وما شكله , وماذا ياكل , وماذا يشرب , والاكثر هبلا للعقول ان اكثر الملالي يدعي رؤيته للبقية , اي انه ليس مسجونا وليس حبيسا , ولم يوصف لنا حتى اليوم شكله وطبيعته , وترك لنا طلسما , واملا , وبنيت له الجيوش من اجل ابادة فئات من المسلمين وتحت زعم نصرة المهدي , فكيف يطلب منا ان نكون حلفاء مع دولة يحكمها شرع الظلمات والخرافة والدجل , وعلى الاقل فليقدم لنا النظام الديني في طهران رؤية واحدة معتمدة لهذا البقية وان تكون قابلة للنقاش والمسائلة ومن اين جاءت هذه الافكار اصلا وان يثبتوا لنا ان هناك فرعا من آل البيت عمره اكثر من الف عام يعيش بجسد رجل او شيخ او طفل او شبح او روح او الاه .
ويبدوا النظام الايراني والذي تحكمه جملة من الشبهات والخرافات انه عدو نفسه فضلا عن ان يكون صديقا لنا نحن العرب , وافعاله الحسنة بالشعب العراقي واضحة المعالم وسماحته مع اهل السنة في ايران لاتشوبها شائبة , وحب هذا النظام لاهل الاحواز العربية هو حب عذري يتناقله الشعراء, ومساندة هذا النظام لمجاهدي افغانستان هي مساندة مشكورة , واعترافات هذا النظام في مساعدته في احتلال البلدين لاتخف على احد , ودعم هذا النظام المؤمن لارمينيا ضد اذربيجان وهم شيعة مسلمون يشرح اخلاقية هذا النظام , واعتراف خامنئي الاخير ان القوات الايرانية كانت في حلبجة والتي يحاكم ابطال وفرسان امتنا لقيادتهم لجيش عز امتنا يوضح مدى الحب الايراني لنا , ويفسر تهاوي الجيل الساقط والذي يدعونا للوقوف مع هذا النظام والذي اثبت انه لايختلف في شيء عن الصهيونية , وادعائه بدعم المقاومة في جنوب لبنان هو ادعاء فضحه وكشفه و عراه السنيورة بعد ان فضح نصائح وزير الخارجية الايراني والذي طلب من السنيورة ان تبقى مزارع شبعا تحت الاحتلال الصهيوني , لتبق ايران وكانها تدافع عن المقاومة وتدعوا الى تجييش شعبنا تحت لواء مقاومة اتجهت سكاكينها وبلحظة الى من وقف معهم وحماهم وفتح لهم بيوتهم , وكم رجوت ان يكون الدعم الايراني لحماس في غزة , ان يكون دعما بنفس السلاح الذي دعمت به ايران حلفاؤها في الجنوب اللبناني , وان يتجلى بعض هذا الدعم بالكف عن قتل اللاجئين من فلسطين والذين هم ضيوف الشعب العراقي , حيث سلطت المرجعيات الظلامية وما زالت جام حقدها الاسود على هؤلاء العزل وتناولتهم حفلات التعذيب والانتقام , لتشرد هذه الجالية امام سكوت عملاء النظام الايراني , وعمى النظام الاعلامي العربي والذي اعتاد ان يحول الحبة الى قبة , والقبة الى حبة .
وما احرانا كأمة كبيرة يتجاوز عددها خمسة اضعاف ايران , واكثر من الولايات المتحدة ان يكون لنا هدفنا واستراتيجيتنا , وسياستنا , وان نكف عن دعاوى الانتماء لاي اتجاه او دولة ونحن امه انزل الله فيها اية الفصل : قل ياأيها الكافرون لاأعبد ماتعبدون ,ولاأنتم عابدون ماأعبد,ولا انا عابد ماعبدتم , ولاأنتم عابدون ماأعبد , لكم دينكم ولي دين.
فلك ياامريكا دينك ولنا نحن ديننا وسياستنا , ولك ياطهران دينك ونيروزك وبقياتك وسراديبك ولنا ديننا ورسولنا واسوتنا واملنا وكتاب الله فينا وعترته والذين هم جزء من ايماننا , ولسنا بحاجة لان ننحرف يمينا او شمالا بعد ان تركنا رسول النور على المحجة البيضاء , ولسنا بحاجة الى الاستماع او الانصات الى اصوات التضييع فما تلك الاصوات الاعلامية الا زبد طاف : واما الزبد فيذهب جفاء.