ولاية الفقيه.. تعيش انتَ
محمد صالح الشمّري
[email protected]
على
الرغم من الهالة العظيمة التي منحها إياها الخميني.. إلا أن خلفه خامنئي لم يستطع
أن يحافظ على الهيبة التي اكتسبتها من شخصية الخميني القوية فـ (ولاية الفقيه)
جديدة على الفكر الشيعي.. غريبة عن ضميره الذي يعتقد - عقيدة راسخة- بأن الأمور
صغيرها وكبيرها بيد الإمام المعصوم حصراً.. وأن انتزاعها من يده!! بالشكل الذي فعله
الخميني ما كان لها أن تمر لولا التأثير النافذ والكاريزما الكاسحة التي كان يتحلى
بها الخميني وبخاصة بعد الانتصار الباهر الذي حققه على طاووس آل بهلوي الذي نام ملء
جفونه في الحضن الأمريكي الدافئ مغتراً بوعود راعي البقر الذي (لا يجامل أبوه) إذا
تعلق الأمر بمصالحه ومكتسباتها وأسباب رفاهيته..
ولاية الفقيه التي ورثها خامنئي استمرت كل هذه السنوات بقوة الدفع التي كان قد
منحها إياها الخميني ليس إلا.. فلا الشيعي العامي يفهمها أو يستوعبها أو يحلها في
وجدانه محل صلاحيات الإمام المعصوم.. ولا العلماء الذين لهم وزنهم في ضمائر الشارع
الشيعي مقتنعون بها أو موافقون عليها بالصورة التي فرضها وطبقها بها الخميني فقد
جهر عددُ كبير من كبار علماء الشيعة برفضها رفضاً قاطعاً نذكر منهم:
أستاذ الخميني السيد حسين البروجوردي.
الشيخ حسين علي منتظري
السيد محمد حسين فضل لله
السيد أبو القاسم الخوئي
السيد محسن الحكيم
السيد موسى الصدر
والد الإمام موسى الصدر السيد صدر الدين
عم
الإمام موسى الصدر السيد حسن الصدر
السيد كاظم شريعة مداري
السيد محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد حسين اصفهاني
السيد عبد الهادي الشيرازي
السيد محسن الأمين
السيد محمد الشهرودي
السيد أبو حسن الاصفهاني
الشيخ الميرزا النائني
الملا الخرساني
السيد حسين الحمامي
الشيخ وحيد الخراساني
الشيخ يوسف صانعي
الشيخ اللنكراني
وإذا كان الشعب الإيراني قد (طوَّل باله) على هذه (البدعة) كل هذه السنوات فلا يعدو
أن يكون ذلك نفحة من نفحات صبر أيوب أولاً.. وبسبب الهيبة والمحبة أيضاً التي تكتنف
قلوبهم للخميني.. وهي محبة حقيقية وليست مجلوبة بقوة أجهزة الأمن و أجهزة الإعلام
كما يفعل الكثيرون من الخمينيات (البيبي) في بلادنا العربية (المعتّره).
ولا
يفوت القارئ الكريم أن معظم الأنظمة السياسية في المنطقة المفروضة فرضاً على شعوبها
قد ملَّتها هذه الشعوب على الرغم من أنها تستولي على الجانب السياسي من حياة هذه
الشعوب.. ومع ذلك فإن هذه الشعوب تتململ تحت حكمها وتتمرد أحياناً وتلعنها دائماً
في سرّها ونجواها.. فما بالك في الحالة الإيرانية الخانقة التي يجثم فيها النظام
على جانبي الحياة: السياسية والدينية.. ولا يسمح بحالٍ من الأحوال لأي اجتهاد خارج
نسقه ومنظومته (المتكاملة)!! الخانقة التي تشمل كل كبيرة وصغيرة في حياة الفرد
سياسياً واجتماعياً ودينياً واقتصادياً و... الخ.. هذه الهيمنة التي ألقت بكلكلها
على صدر المواطن الإيراني جعلت الاحتقان يتراكم تدريجياً.. ويتلمس منفذاً ينفّس به
هذا الاحتقان الشديد.. فكانت مسألة تزوير الانتخابات..
إن
العديد من المراقبين والمحللين يعتقدون بأن فوز أحمدي نجاد قد لا يكون بهذا الفارق
الكبير بينه وبين موسوي.. ولكن النجاح ليس مزيفاً بل هو صحيح.. وقد يكون بفارق
بسيط.. إلا أنه ليس مزوراً كما يشاع ويستخدم لتبرير المظاهرات. فالمظاهرات
والاحتجاجات والرفض والتحدي السافر الذي أظهره الشارع له خبء غير الظاهر وغير
المعلن.. ثمة مثل في بلاد الشام يقول: (هذه ليست رمانة وإنما قلوب مليانة)!! فإذاً
رمانة التزوير مجرد تُكَأة اتكأ عليها الشارعُ الإيراني ليرفض من خلالها الاختناق
الذي يشعر به من هيمنة النظام الشمولي الذي يسد على المواطن كل المنافذ ويفرض على
الشعب كل الشعب، على اختلاف توجهاته وانتماءاته، لباساً موحداً و رؤية أحادية على
مبدأ: ما أريكم إلا ما أرى!!!
فخامنئي الذي تدثر كل هذه السنوات، بعباءة الخميني وضرب بسيفه وتمتع بهيبته.. كان
ينبغي، لو أن الأمر أمر انتخابات وحسب، أن يستجيب الشارع له ويلتزم بالحكم الحازم
والجازم والواضح من قبل الولي الفقيه أو الفقيه الولي!! ويعترف لنجاد بالفوز وبخاصة
وهو قريب من ضمائر فقراء إيران وهم كثيرون ومرجحون.. ولكن وراء الأكمة ما وراءها..
من احتقانات كانت من الحجم والتوتر والتوفز بحيث أنها كسرت!! هيبة (ولاية الفقيه)
على الرغم من حضورها وتمكنها وسطوتها الهائلة، وأول الرقص حنجلة كما يقول المثل..
وما يحدث اليوم في إيران ليس حنجلة وحسب بل هو (بزخ) بلغة إخواننا العراقيين الذين
ينظرون بشماتة إلى ما يحدث للنظام الإيراني الذي أطلق عملاءه في أنحاء العراق
يقتلون عن سابق عمد وتصميم وتخطيط.. العلماءَ والطيارين والضباط والعامة ويبقرون
البطون ويسملون العيون ويثقبون رؤوس وأجساد الأحياء!! بالمثقب الكهربائي بسادية
تنفر منها حتى البهائم والوحوش.. فيقول قائلُ العراقيين: هذه (حوبة) الأبرياء الذين
قام وكلاء هذا النظام (الإيراني) بذبحهم بدم بارد بل وتلذذ في كثير من الأحيان..
غني
عن البيان أن عمود البيت في النظام الإيراني هو (ولاية الفقيه) فإذا انهارت - كما
تنبئ بذلك الإرهاصاتُ- فإن البيت لا محالة منهار ولو بعد حين ولن يجد - كما يعتقد
كثيرٌ من المراقبين- من يبكي عليه فقد استهلك خلال العقود التي انتفش فيها كلَ
رصيده من المحبة والاحترام والتعاطف في داخل إيران وخارجها وبخاصة دول الجوار..
وقبل أن نختم نشير إلى أن القوميات التي أقصتها القوميةُ الفارسية عن مسرح الحياة
في إيران تفرك يديها فرحاً بتباشير زوال هذا الكابوس الذي أرهبها وظلمها وحجّمها
وانتقص حقوقها بمنهجية مدروسة ومعدّ لها بعناية وإصرار.. ولعل القارئ الكريم يعلم
بأن هذه القوميات تشكل الغالبية في إيران فهي تتجاوز الـ 60% من مجموع السكان بينما
القومية الفارسية المهيمنة تقل عن 40% من السكان.. وهذه القوميات هي: العربية
والأذرية والبلوش والأكراد وكلها نالها ما نالها من ظلم النظام وعسفه وجوره..
وآخر الليل نهار كما يؤكد الشاعر محمود درويش..