نتنياهو ابن ..الطفل اللقيط

محمد أبو الكرام

[email protected]

وقف العرب مشدوهين وراء الزفة التي بشرهم بها الوزير الصهيوني و هو يقسم لهم الكعكة بعد الانتهاء من أكلها و ترك لهم الفتات.

بعدما كان البعض يستعد بشغف كبير لخطة السلام التي أعلن عنها منذ مدة قبل خطابه الأخير، الذي صفع فيه مجددا العرب و المسلمين بعنصريته و إرهابه المعهودين ، و الغريب انه يدعو صراحة الرأسماليين العرب بالاستثمار في كيانه و هذا توضيح غير مباشر بالتطبيع الواضح للدول العربية مع هذا الكيان ، يضرب عرض الحائط مبادرة السلام العربية متجاهلا إياها بتشديد لهجته و إصراره على أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل..

بخصوص اللاجئين أكد نتانياهو انه لا وطن لهم وإذا ارادو حل قضيتهم عليهم حلها خارج حدود فلسطين، و المستوطنات حق مشروع لتوسيع الدولة اليهودية.

لم يخجل الوزير الصهيوني و هو يطلب من الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية و بذلك يمكنهم العيش تحت سيطرة هذه الدولة المزعومة بدون طلب سيادة أو حدود و ليس لها الحق في الأرض و لا الجو و لا حتى البحر إذا ارادو العيش بسلام..

بعد هذا الخطاب المهين لا يبقى للفصائل الفلسطينية إلا عقد العزم على إنهاء الخلافات و الإعلان عن المصالحة الوطنية.

و بهذا الخصوص وجه نفس النداء من قلب غزة ابن البيت الأبيض الأمريكي السابق جيمي كارتر حتى يتمكنوا من إقامة دولة مستقلة لهم..و قال أيضا "إن طريق السلام و إعادة البناء و إنهاء المعاناة يمر عبر الوحدة الفلسطينية".

 جاء هذا على لسان رئيس سابق لدولة أم غير شرعي و حليف استراتيجي للكيان المحتل و هو يرى الدمار الهمجي الذي خلفه الحرب الهمجية على أصحاب الأرض و الوطن. و يصف الوضع بالمروع و أن السكان يتم التعامل معهم كحيوانات و المجتمع الدولي يتجاهل نداءات المساعدة..

وحمل كارتر المسؤولية عن الجريمة الكبرى ضد حقوق الإنسان في غزة تقع على إسرائيل و القاهرة وواشنطن و في أنحاء المجتمع الدولي.

 أمام عدم ذكر عاصمة إسرائيل عند سرد أسماء العواصم السابقة الذكر . يمكننا أن نتساءل؟ هل هو لا يعترفا بإسرائيل ككيان يهودي؟ أو يتخوف من رد فعل فلسطيني عربي؟ أم هي خطة جديدة لتوهيم العرب بمصداقية وإرادة أمريكا لرعاية مفاوضات سلام جديدة؟..

ومن قلب الكيان الصهيوني يعتبر شلومو زانت مؤرخ و أستاذ الدراسات التاريخية بجامعة تل أبيب في حوار أجرته معه صحيفة فرانكفورتر روند شاو الألمانية "أن إصرار إسرائيل على مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بها كدولة يهودية يمثل تطورا خطيرا في بلد ربع سكانه من غير اليهود". يعني من كلامه انه يعترف أن هذه الدولة لا تمثل اليهود في العالم كما تدعي حكومة هذا الكيان. و اعتبر زانت من يتحدثون بعد 61 عاما من قيام إسرائيل عن دولة يهودية يمارسون نوعا من الديمقراطية الشاذة و غير أخلاقية"، يعني أن نظام هذا الكيان مبني عن ديمقراطية زائفة و كاذبة لا أصل لها..

و مرة أخرى يأتي اعترافا من قلب النخبة المفكرة منهم تزعزعهم و تهددهم بتصريحات تعبر عن قناعة أنهم كانوا تحت تخدير صهيوني يصور لهم أن الشعب اليهودي شعب مختار و هو ما نفاه المؤرخ الاسائيلي باعتباره أن تزايد إحساس اليهود في كل مكان بعد محرقة الهولوكست بارتباطهم المشترك لا يعني أنهم "شعب مختار"..و وضح زانت أن وجود اليهود في أماكن مختلفة بالعالم خلال العصور الوسطى حدث نتيجة لاعتناق سكان هذه الأماكن اليهودية و ليس بسبب هجرة اليهود إليها..

و بخصوص الديانة اليهودية و الشعب اليهودي ،اعتبر المؤرخ الإسرائيلي "أن اليهودية ديانة و ليست امة،و اعتبر كذلك أن مصطلح الشعب اليهودي ليس إلا مصطلحا مختلقا اخترعه المؤرخون الصهاينة الذين استغلوا الإنجيل و حولوه من كتاب ديني و أدبي يمثل تحفة فنية إلى كتاب للقصص بهدف الترويج لأسطورة الشعب اليهودي" و هذا تصريح خطير لمؤرخ يثير الجدل خاصة بعد كتابه "الشعب اليهودي المختلق" و تصريح و اعترافه بتحريف الإنجيل حسب نزواتهم و مصالحهم الصهيونية..

في الحقيقة أعجبت بجرأة هذا الرجل عندما وصف إسرائيل بطفل لقيط ولد نتيجة عملية اغتصاب لحقوق المواطنين العرب و اعتبره "طفلا غير شرعيا" له الحق في الحياة لأنه موجود كواقع.

من خلال هذه التصريحات المهمة يبين لنا أن هناك شرخ واضع على مستوى النخب المثقفة، و انه هناك واقع مخفي يهز هذا الكيان الغاصب ، وربما هناك أصوات أخرى مكثومة تندد من داخل هذا الكيان الذي يلبس خارجيا ثوب الديمقراطية لكنه يتعرى داخليا بسياسة التزييف و القمع و طمر الحقائق بأي ثمن..و عندما نسمع صوتا من داخل إسرائيل يطلب باعتراف هذا الكيان رسميا بان تأسيسها أدى إلى نكبة الشعب الفلسطيني و تشريده ، و يطلب تحمل اليهود مسؤولية كاملة أخلاقيا و سياسيا لما تعرض و يتعرض له الفلسطينيون من معاناة.. و نأمل أن يكون المستقبل يخبأ لنا مفاجأة سارة..

أين نحن إذا كأصحاب قضية فعلية من انقسامات و تبادل التهم و التفريقات المتكررة نجري وراء الفتات و نترك الكعكة كاملة يقسمها العدو كيفما شاء و بالطريقة التي شاء..