السؤال الكبير
السؤال الكبير
بقلم : أبو بكر الإدلبي
أعتقد بأنه قد بات من الواجب على كل فرد في الولايات المتّحدة الأمريكية ، سواء كان في موقع القرار والمسؤولية أم لم يكن ، أن يسأل نفسه هذا السؤال الكبيـــر ، والذي تتفرع عنه عشرات ، بل مئات الأسئلة الأخرى ، وهو : لماذا يكره العالم أميريكا .!!!؟
لماذا هذا الكره الشعبي – بغض النظر عن النفاق الرسمي - للولايات المتحدة في جميع أرجاء العالم .!؟ لماذا هذا الحقد المقدّس الذي تحمله الشعوب في جميع أرجاء العالم ضد الولايات المتحدة الأمريكية .!؟
لماذا هذه التظاهرات والاحتجاجات في جميع أرجاء العالم ضد الولايات المتحدة .!؟
لماذا يُحرق العلم الأمريكي ، وتداس صور رؤساء الولايات المتحدة في جميع أرجاء العالم .!؟
لماذا يُستقبل رؤساء أمريكا بالتظاهرات والاحتجاجات ، ويُقذفون بالبندورة والبيض الفاسد أينما حلّوا وأينما ارتحلوا في العالم .!؟
لماذا تُستهدف المصالح الأمريكية في جميع أرجاء العالم ، وفي الوطن العربي على وجه الخصوص .!؟
لماذا أُذلت القوات الأمريكية في لبنان والصومال والخليج العربي .!؟
لماذا دُمرت الفرقاطة (كول ) في ميناء عدن في الجمهورية العربية اليمنية .!؟
لماذا دُمرت القوات الأمريكية في الخُبر في المملكة العربية السعودية .!؟
لماذا دمرت السفارتان الأمريكيّتان في نيروبي ودار السلام في أفريقيا .!؟
ولماذا استُهدفت عشرات السفارات والمصالح الأمريكية ، لولا أنها كانت تُحبط في اللحظات الأخيرة .!؟
وأخيراً ، ولن يكون آخراً ، لماذا تم نقل المعركة المتواصلة إلى الداخل الأمريكي ، واستهدفت مراكز القوة والعنجهية فيها ، المالية والعسكرية والأمنية والسياسية ، وذلك بتدمير مركز التجارة العالمي بجناحيه العملاقين في قلب نيويورك ، وتدمير وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون ) في قلب واشنطن ، واستهداف البيت الأبيض الأميريكي ، ووزارة الخارجية الأمريكية ، والبقية تتبع .!!!
وإذا ما سأل الأمريكيُّ نفسه هذه الأسئلة بإخلاص ، فسيجد الجواب الواضح الذي لا لبس فيه ولا غموض :
إنه الظلم والقهر والإذلال والعدوان الذي مارسته وتمارسه الإدارات الأمريكية المتعاقبة على شعوب الأرض عموماً ، والشعب العربي والإسلامي على وجه الخصوص … هذا هو الجواب بأشد اختصار ممكن …!!!
لقد مارست الإدارات الأمريكية المتعاقبة – على الأقل في القرن الماضي وبدايات هذا القرن – على شعوب العالم ، من الظلم والقهر والإذلال والعدوان ، ما لا طاقة لبشر على احتماله ، حدث هذا في اليابان وكوريا وفيتنام وأمريكا اللاتينية ويوغسلافيا ، وغيرها الكثير … !
بل حتى سكان أمريكا الأصليين لم يسلموا من هذا الظلم الأمريكيّ الفاضح .!!!
ولقد كان للعرب والمسلمين من الظلم الأميريكي النصيب الأوفى ، وخاصة بعد أن زرعت الصهيونية العالمية ، بالتعاون مع الصليبية العالمية ، وبتواطؤ ذليل من بعض العملاء الخونة في المنطقة ، الكيان الصهيوني في قلب العروبة والإسلام ، ليكون خنجراً مسموماً في خاصرة الأمة ، ومشروعاً دائماً للظلم والقهر والعدوان والإذلال عليها .!!!
لقد عمدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، تعاونها الإدارات الأكثر صليبية في أوربا ، وعلى مدار القرن الماضي وبدايات هذا القرن ، على ظلم العرب ، وإذلال المسلمين ، وذلك بالعشرات ، بل المئات ، من الوسائل الاستعمارية الخبيثة ، والأساليب الشيطانية الخسيسة ، كاحتلال الأرض ، وتشريد الشعب ، وسرقة الأموال ، ومصادرة الحرية ، وبث الفرقة ، وتشجيع الحروب الأهلية والمعارك الطائفية ، وغيرها الكثير الكثير …!
ولقد كان الظلم الفاضح الذي مارسته ولا زالت تمارسه الإدارات الأمريكية الصهيونية الأخيرة على كل من العراق المؤمن وفلسطين الصابرة وأفغانستان المظلومة ، من الأمثلة التي هزّت ببشاعتها ووحشيّتها الضمير العالمي والإنساني ، حيثما كانت فيه بقية باقية من رحمة أو إنسانية .!!!
وإذا أراد سائل أن يسأل تلك الإدارات الأمريكية الحاقدة : لمَ كل هذا الظلم وذلك القهر والعدوان والإذلال .!؟
فإنه لن يجد سبباً واحداً يسوّغ ذلك ، مهما كان هذا السبب تافهاً …!!!
اللهم ، إلا عقدة النقص والقزامة الحضارية التي تشعر بها تلك الإدارات المعقّدة تجاه الشعوب العريقة ، ذات العمق الحضاري والتاريخ المشرّف ، كما هو حال الشعب العربي المسلم …
أو العمالة الذليلة للصهيونية العالمية ، والارتماء المهين في أحضانها ، والعمل الخسيس لتنفيذ مخططاتها الخبيثة في السيطرة على العالم ، كما هو مقرر في بروتوكولات خبثاء صهيون ، حتى لو كان ذلك بالضد من مصالح الشعوب الأمريكية نفسها ، وهذا هو الواقع فعلاً ..!!!
إذْ ، ما مصلحة الشعوب الأمريكية المغلوبة على أمرها ، والتي تتحكم فيها مافيات المال والإعلام اليهودية ، في عداء أكثر من مليار عربي ومسلم ، يعتبرون أصحاب أعظم الحضارات في العالم ، ويحتلون أفضل موقع جغرافي في الكرة الأرضية ، ويستحوذون على أعظم الثروات البشرية بما فيها النفط ، ويمتلكون أكبر سوق في العالم لتصريف البضائع الأمريكية .!!!؟
أما كان بإمكان تلك الإدارات – لو كانت وفية لشعوبها ، ومخلصة لأوطانها – أن تقيم علاقات طيبة مع هذه الأمة العريقة ، أساسها الاحترام المتكافئ ، وتبادل المصالح والمنافع المشتركة ، بدلاً من حالة العداء والتنافر الحالية ، التي سببتها تلك الإدارات الحاقدة ، بمواقفها المنحازة دوماً ضد المصالح العربية والإسلامية ، والتي تخدم المصالح الصهيونية ومخططاتها الخبيثة ، والتي لم تجن الشعوب الأمريكية منها غير المزيد من الخوف والرعب ، والمزيد من دفع الضرائب ، وفوقها لعنات الأجيال وأحقاد الشعوب .!!!؟
وإذا ما عرفت الشعوب الأمريكية هذه الحقائق الناصعة ، وكانت فعلاً تتمتع بالديمقراطية الحقيقية ، وتمتلك قرارها وخيارها ، فعليها أن تقول كلمتها التاريخية بحق حكّامها الخونة قبل فوات الأوان …!!!
وإلا ، فلا والله ، لن تدرك بلدها قبل السقوط والانهيار …!!!
بسم الله الرحمن الرحيم (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ، إنَّ أخذه أليم شديد ))
صدق الله العظيم