فضيلة الجنرال.. وحضرة الفنان!
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
فاجأنا للمرة الثانية أو الثالثة فضيلة الجنرال بمطالبة جماهير المسلمين أن يزوروا
مدينة القدس المحتلة بتأشيرات من الكيان النازي اليهودي الغاصب , وحجة فضيلته أن
الزيارة ستبقي قضية القدس حية ، وتمنع عنها التهويد ، وتزيل الاحتلال !
أما
حضرة الفنان ؛ فقد أتي بموسيقار صهيوني من أصل أرجنتيني أسمة " برينباوم " ، ويقال
إنه يحمل جنسيات عديدة من بينها الفلسطينية ، وهي جنسية شرفية (؟) ، ويدعو إلى
السلام(؟) وأنه صديق الكاتب والأكاديمي الراحل " إدوار سعيد " ، وهو أميركي من أصل
فلسطيني مصري ، وكان يتبنى لغة غربية في خطابه مع الصهاينة تؤمن بحقهم في الوجود
داخل فلسطين ،وترفض عمليات المقاومة ، وتدعو إلى التفاوض ،والكفاح الكلامي !
فضيلة الجنرال يطلق معاونيه ، وفيهم بعض المعممين لإقناع المسلمين بزيارة القدس
،ولو بتأشيرة يهودية نازية ، ليتعرف الزوار على المخطط النازي اليهودي الاستعماري
لهدم المسجد الأقصى وتهويد القدس ،ويستشهد على ذلك بذهاب النبي – صلى الله عليه
وسلم – وصحبه الأطهار إلى مكة للاعتمار ، مع أن قريشا منعتهم ، وإن كانت وقعت معهم
صلح الحديبية !
طبعا الاستشهاد في غير محلة ، والمقارنة غير واردة لاختلاف الزمان والمكان والظروف
، ويدرك ذلك من له أدني عقل ، والفكرة في أساسها غير إسلامية ، فما معنى أن تذهب
بتأشيرة صهيونية – تعني اعترافا بالوجود النازي اليهودي الغاصب – وتدفع مقابل هذه
التأشيرة رسوما تدخل خزانة العدو ، وتدعم الاقتصاد النازي اليهودي بالإقامة والسكن
والمواصلات والشراء وغير ذلك ، والنتيجة في كل الأحوال صفر كبير ؟
الفكرة غير إسلامية وغير صائبة ، لأنها لا تقدم ، بل تؤخر ، وتمثل رضوخا للأمر
الواقع وقبولا به ، فضلا عن التعامل معه والوقوع في حبائله الشيطانية ، وخاصة إذا
كان الزائر للقدس شابا مراهقا محدود التفكير ، يبحث عن المتعة أو العمل ، ثم من قال
للجنرال إن اليهود الغزاة سيسمحون للزوار بالصلاة في المسجد الأقصى وهم يمنعون أهل
القدس وفلسطين من الوصول إليه ويشاهدهم الناس على شاشات التلفزة وهم يتعرضون لأبشع
الإهانات والرد على أعقابهم دون الدخول إلى ساحة المسجد المبارك ؟
والفكرة غير إسلامية لأن المطلوب من عالم إسلامي يجلس على كرسي الوزارة التي ترعى
شئون الإسلام والدعوة ، أن يطالب بشيء اسمه الجهاد لتحرير القدس العتيقة من أيدي
الغزاة النازيين اليهود القتلة ، مثلما حررها المسلمون السابقون منذ عهد عمر بن
الخطاب وخالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وصلاح الدين الأيوبي والمظفر قطز
والظاهر بيبرس ، وساندهم في جهادهم وحرضهم عليه علماء الإسلام ودعاته وأدباؤه من
أمثال الإمام أحمد بن تيمية والعزبن عبد السلام والقاضي الفاضل والإمام البوصيري
وغيرهم .
الجهاد بالمفهوم الإسلامي وعدم الخوف من العدو مهما أوتي من قوة ، وبناء القوة
المتاحة ، وحرمان العدو من الاستقرار والاحتلال المريح ؛ أمور يجب أن يطالب بها
علماء الدين الإسلامي ، وأن يصدروا الفتاوى على الملأ ليسمع القاصي والداني حكم
الشرع في احتلال القدس العتيقة ، ومن ضمن هذه الفتاوى أن من يوالي الغزاة أو يقف في
خندقهم ويدعو إلى التعامل الطبيعي معهم ، ويخزن سلاحه حتى يأكله الصدأ والتراب ،
مخالف لدينه ، هارب من الميدان ، خائن لله ورسوله ، وينطبق عليه قول الله تعالى : "
... ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله
، ومأواه جهنم وبئس المصير " ( الأنفال : )، ومن ضمن هذه الفتاوى أن المسلم
الذي يظن أن ه ليس مسئولا عن القدس وتحريرها اعتقادا منه أن تحريرها يخص
الفلسطينيين وحدهم مثله مثل مولى الأدبار يبوء بغضب الله ومأواه جهنم وبئس
المصير .
واجب علماء الدين وخاصة من عينة فضيلة الجنرال أن يوجه خطباء المساجد ووعاظ الأوقاف
إلى تعبئة الجمهور في خطب الجمعة والدروس الدينية لمساندة تحرير فلسطين جهادا ، بعد
أن فشل تحريرها كلاما على مدى ستين عاما ، وبدلا من توجيه الخطباء لتحرير النسل
وتحريم النقاب وتغيير الخطاب ( أي الإسلام ) وتأييد الحزب الوطني الديمقراطي الذي
يحتكر السلع والأقوات وقروض البنوك والأراضي والمصانع والشركات ؛ فالأفضل توجيه
الخطباء إلى التذكير بقضية القدس وتاريخها وما تطلبه من المسلمين دفاعا عنها
وتحريرا لها وتطهيرا من رجس اليهود الغزاة القتلة بوصفها جزءا من الدين والعرض
والممتلكات ، من مات دونها فهو شهيد ، ومن حررها فله ثواب المجاهدين الشرفاء !
وبالتأكيد فإن فضيلة الجنرال يعلم حكم الشرع هذا جيدا ، ولكنه يروج عن طريق أعوانه
لفكرة غير إسلامية لأمر لا تعلمه جيدا ، وهو ما فعله لأمر نعلمه جيدا زميله في
الوزارة الذي دعا السيد " برينباوم " ليعزف كموسيقاه ، ويشنف أسماع المصريين
المقهورين الأذلاء الذين أوجعهم أنين المصابين وصرخات الشهداء قبل الموت والطائرات
الصهيونية تدكهم بيوتهم في غزة فوق رءوسهم بلا رحمة ولا ضمير!برينباوم صهيوني
متغطرس وقح ونازي ، وخالف قانون الأوبرا ،وأصر على وضع كاميرا التلفزيون الألماني
على المسرح لتصوير وجهه ( الأغر ّ) مما دفع المسئول عن المسرح إلى الاستقالة ،
والمتوقع أن يعدل عنها بالأمر المباشر حيث لا يسنح لأحد في بلادنا أن يستقيل
بإرادته !ثم استطالت صهيونية برينباوم وغطرسته ووقاحته ونازية بأمر الزعماء العرب
أن يزوروا تال أبيب ! ويقول حضرة الفنان إن برينباوم موسيقي وليس سياسيا ، ولذا
فالأمر ليس فيه تطبيع ولا يحزنون !
أضف
إلى ما سبق أن حضرة الفنان أطلق رجاله وأغلبهم من اليسار المتأمرك للدفاع عن
الصهيوني المتغطرس الوقح النازي الذي يفرض إرادته – وهو الضيف – على المضيف ، ويطلب
من الزعماء العرب أن يزوروا الوطن المغتصب ؟ قولوا لنا إن لم يكن ذلك سياسة فما هي
السياسة ؟ وإن لم يكن ذلك تطبيعا فما هو التطبيع ؟
نحن
نعلم أن حضرة الفنان على استعداد أن يبيع مصر كلها من أجل المنصب الذي يحلم به
ويسعى إليه ويبذل كرامة بلاده في سبيله ، ولكني أبشره أن اليهود الغزاة القتلة
سيأخذون منه كل ما يستطيعون ، وسيتركونه يجلس بجوار الحائط ليستمتع بتأييد أوغندا
وزيمبابوي وشرم الشيخ !
والمشكلة أن رجال الوزير أو كتاب السلطة يرفعون في وجوهنا اسم " إدوار سعيد " ،وأنه
تميمة تحمي " حضرة الفنان " ، ونحن المسلمين أصحاب القدس والقضية نعلم أن السيد "
سعيد " مجرد أميركي يكره المقاومة الإسلامية ، ويؤمن بعدم جدوى المقاومة عموما ،
ولا يكن للقدس العتيقة احتراما ، ولا يعبأ بعودة اللاجئين ، وكان مع الراحل " محمود
درويش " الشاعر الشيوعي السابق والمدعو سري نسيبة والرفيق عبد ربه وبالضرورة العقيد
دحلان ، يهيئون للختيار ( ياسر عرفات ) أن يوقع اتفاقا بدون القدس ، وبدون العودة ،
وبدون القابلية للاستقلال ! بيد أن الختيار ذهب ، ولحقه إدوار ودرويش ، وبقيت
المقاومة صامدة تتكسر على صخرتها الضربات والتواطؤات والخيانات !
وللأسف فإن فضيلة الجنرال ، وحضرة الفنان ، يفترضان أننا شعب عبيط أهبل ، يصدق
كلامهما وكلام رجالهما الأشاوس والنشامي ، ولدينا قابلية السير على خطا الهوان
والمذلة والتفريط . وهذا الفرض غير صحيح بدليل أن هناك من جهر برفض الدعوة والادعاء
واستنكرهما وندد بهما ، فالشعب الفلسطيني لا يموت ،والشعب المصري النائم سيستيقظ
ذات يوم ، ليقوم بواجبه كعادته التاريخية دائما ويجاهد في الميدان ويحرر القدس
العتيقة بإذن الله .
حاشية :
-
أن
تخصص وزارة الأوقاف جهدها ووقتها ورجالها لإقناع خمسة عشر منقبة بإزالة النقاب ،
وتترك أملاك الأوقاف المنهوبة دون بحث عنها فهذا هو التنوير بعينه (؟) .
-
أؤيد بقوة فكرة حسن راتب صاحب جامعة سينا وشركة الأسمنت بتكوين شركة أهلية من مليون
مصري لتعمير سيناء بعد 27 سنة من التحرير !
-
أسأل عن خسائر جريدة الوزير إياه بعد دخولها في العام العاشر وجهادها ضد الإسلام
والأصولية وتبشيرها بالماركسية والمهلبية !