الأرأيتيون !
الأرأيتيون !
مصباح
الغفري
أرأيت لو أن قرداً ضاجع
امرأة فحملت منه وولدت غلاماً، ثم مات
الغلام، فهل يرثه القرد ؟
هذه مسألة فقهية من مسائل عديدة تشابهها ، شغلت بال فريق من السلف، وسُمي أصحابُها " الأرأيتيون " لأنهم كانوا يفترضون وقوع ما يستحيل وقوعه ،وكانوا يبدؤون فرضياتهم بعبارة :
ـ أرأيت لو أن ..
وتمسكاً منا بالتراث،
وبالتقاليد الفكرية التي أرساها
الأرأيتيون، افترضنا هذه المقولات في
المسـألة الأرأيتية :
رئيس عربي وراثي:
ـ أرأيت
لو أنني ألغيت حالة الأحكام العرفية ،
وأفرجت عن المعتقلين السياسيين ، وسَـمحت
بعودة المُعارضين المنفيين ، وأطلقت
الحريات، وأجريت انتخابات حُرة فيها
منافسة وتعددية ، هل أبقى في الحكم بضع
ساعات ؟
الجــواب :
عندها فقط تفوز في
الإستفتاء بالنسبة الطبيعية ، أي نسبة
الواحد والخمسين بالمئة ، لا بالنسبة
الكاريكاتورية التي ورثتها مع التركة!
مدير مخابرات :
ـ أرأيت
لو أننا أطلقنا حرية السفر للمواطنين، هل
يبقى في البلاد أحد ؟
الجواب :
لا وحق الفرد الصمد الذي
لم يلد ولم يولد !
نائب في مجلس الشعب :
ـ أرأيت لو أنني تجرأت
وسألت عن حسابات صادرات النفط ، فما الذي
سَيحدث ؟
الجــواب : إذا كُنت
صاحب أسرة وعيال ، فالأفضل أن " تخرس"
حتى لا تصبح زميلاً لمأمون الحمصي ورياض
سيف ، ومن رأى العبرة بغيره فليعتبر !
أمين عام لحزب في الجبهة
الوطنية التقدمية :
ـ أرأيت لو أن أجهزة
الأمن والمخابرات ألغيت ، أو حُددت
صلاحياتها ، هل أبقى على قيد الحياة
أسبوعاً واحداً ؟
الجواب : سَــتبقى حيةًً
تسعى ، بدليل قول الشاعر :
إن الكــلابَ طويــلة
الأعمــار !
كاتب مخابراتي :
ـ أرأيت لو أنني تبوّلت
بدل أن أقترف الكتابة في الفلسفة، هل يشعر
القارىء بالفارق ؟
أستاذ جامعي :
ـ أرأيت
لو أنني ألقيت محاضرة عن الفساد ، وسَمّيت
كبار المُفسدين ، وانتقدت تأجير أرض معرض
دمشق الدولي لمسؤولي التهريب ، هل أبقى في
الوظيفة ؟
الجواب : هذه أفضل وسيلة
لتوفير نفقات الإقامة والطعام ، لأن
الدولة ستستضيفك في منتجعاتها السياحية ،
مع الدكتور عارف دليلة ، إلى أقرب الأجلين
: الوفاة أو الموت !
شاعر القائد الرمز:
ـ أرأيت لو أن شعري تحول
إلى علف للمواشي، هل تستحسنه الدواب أم
أنها تصاب بعسر الهضم ؟
فقير عربي :
ـ أرأيت لو أن الأمراء
والشيوخ والرفاق التقدميين في البلاد
العربية ، وأقارب المسؤولين وفلذات
أكبادهم ، ومتعهدي التليفونات الخليوية
والأسواق الحرة ، ودافني النفايات
النووية ، تبرعوا بنفقاتهم في أوروبة
وكازينوهاتها وكاباريهاتها لمدة أسبوع،
هل يبقى جائع في بنغلادش أو في السودان ؟
الجواب : لا ... والله
أعلم !
صحفي عربي
:
أرأيت لو أن أنظمة الحكم
العربية المعادية للديموقراطية زالت من
الوجود بقدرة قادر، لا سمح الله، فمن أين
أعيش ؟
وزير عربي
:
أرأيت لو أن الإنسان
المناسب وضع في المكان المناسب، فأين يكون
مكاني ؟
الجواب : في المسألة
قولان، إما في المحكمة أو في السجن !
ويقول كاتب هذه السطور
غفر الله له :
ـ أرأيت لو أنني كنت
أعيش في بلد عربي، هل أستطيع أن أفتح فمي
حتى عند طبيب الأسنان؟