الوضع في سورية
الوضع في سورية
د. محمد سعيد
المنتدى الثقافي الإسباني السوري
تحت باب رسالة إلى مدير التحرير وبعنوان "الوضع في سورية" نشرت جريدة البايس EL PAIS الإسبانية الواسعة الانتشار يوم 22/10/2003 على صفحاتها رقم 15 و 16 الرسالة التالية:
بمناسبة الزيارة الرسمية إلى سورية لصاحب الجلالة الملك خوان كارلوس الأول ملك إسبانيا.
نتوجّه إلى حضرتك لعرض قضية حساسة حول وضع حقوق الإنسان في سورية، الأمر الذي لا يمكننا الوقوف أمامه مكتوفي الأيدي علاوة على أننا نشعر أننا مسؤولون عن الوضع الذي تعيشه أُسرنا ومواطنونا في الوطن المشترك الأم.
الشعب السوري يعيش مأساة مستمرة منذ الانقلاب العسكري في عام 1963 حيث إن حزب البعث استولى على السلطة ومنذ ذلك الحين ونظام الحزب الأوحد البالي المتصلّب أوصل المجتمع السوري إلى التفتت.
وبالطبع ووسط الفساد على جميع المستويات نجد أن الاغتيال السياسي هو أمر اعتيادي وأن دم "أعداء النظام" هو جزء من المشهد اليومي والمحاكم العسكرية، والأحكام المختزلة واعتقالات عوائلهم و "حفلات الإعدامات الأسبوعية لأشخاص سياسيين قضى على الفئة المثقفة السورية.
سورية اليوم "هي ضريح مرصّع من الخارج ومليء من الداخل بعظام الأموات. المنظمات العالمية المدافعة عن حقوق الإنسان لا تتوانى عن فضح تلك الفظائع المرتكبة ضد كل شرائح الاتجاهات السياسية" وآخرها كان أول أمس وبكل تأكيد إن عجز النظام السياسي الحالي الذي لم يستطع فعل أي شيء من أجل مصلحة أكثر من مئة ألف سوري ملاحق ومشرّد في المهجر بدون وثائق لهم ولا لأولادهم ولا أحفادهم الذين ولدوا محكومين.
الشعب السوري يعيش اليوم بدون ممثلين شرعيين حقيقيين.
أمام هذا الوضع المريض والمحتضر وبنظرة عقلانية نجد أن المجتمع السوري محكوم عليه بالفوضى لكن القلب العاطفي يقول:
"لا توجد ذاكرة لا يمحوها الزمن، ولا ألم لا يزيله الموت".
إن الشعب السوري لم ينس معنى كلمة الديمقراطية ولم يقبل بالوعود المتكررة "لمنحه الديمقراطية فيما بعد".
وإن الشعب السوري له كل الحق بحلم بأن يكون له دولة القانون وبديمقراطية حقيقية وبحريات دستورية.. بوداع الألم والخوف والحزن وبفتح أفق إلى الديمقراطية وسلام المجتمع.. لا للسكوت بل للكلمة للحق الذي لا يمكن أن ينكره له أحد.
دسرايلي قال يوماً ما:
"الوطن هو عمل فني وعمل للزمن" ونحن مثل كثير من الشعوب لا يمكننا أن نُضيّع هذه الفرصة دون أن نعبّر عن إعجابنا وتقديرنا للعمل الجليل الذي قام به جلالة الملك خوان كارلوس الأول ملك إسبانيا في اللحظات الحرجة من تاريخه المعاصر وبشكل خاص طريقته المتقنة بنقل الحكم من الديكتاتورية إلى الديمقراطية.
ننتهز هذه الفرصة لنكرر لصاحب الجلالة والملكة إخلاصنا وتقديرنا متمنين لهم رحلة سعيدة لأرض أحلامنا سورية.