كيف نهتم بأمور المسلمين
كيف نهتم بأمور المسلمين
بقلم : هيثم الأشقر
كيف نهتم بأمور المسلمين ؟ سؤال مهم وعلينا دائماً أن نحاول الإجابة عليه لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال : من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
وأرى الجواب في فهم حقيقة هذا الدين ومقاصده بعيداً عن مؤثرات البيئة الاجتماعية والأنانية والمصالح السياسية .
فالإسلام ثورة موضوعية تنهض بالإنسان لما فيه مصلحته ومصلحة العباد ، ثورة على الدونية ، وثورة على العادة ، وثورة على المصالح الأنانية وتأليهِ الإنسان فرداً كان أم جماعة .. حزباً أم دولة .
نستطيع الإهتمام بأمور المسلمين عندما نصفي أنفسنا من نزعة العصبية القبلية أو الحزبية والكهنوتية وعندما نحس بالأمة الإسلامية كجسد واحد بعيداً عن العصبية القومية والوطنية ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) .
والإسلام دين العمل الجماعي والمؤازرة والنظام الذي لا يكون إلا بالجماعة .. فالحج مؤتمر عام للمسلمين يجتمعون من كل أقطار الأرض ليتدارسوا أمورهم ، وليتعاونوا على رفع الظلم عن هذا وعلى نصيحة ذاك ، ولكن المسلمين جعلوه عبادة من غير غاية وأهداف .. ولعل مما يستفاد من اجتماع المسلمين على رمي الجمرات أن يتعلموا كيف يرموا عدوهم من قوس واحدة . والصلاة في جماعة مناسبة لعبادة رب العباد بشكل جماعي بتذلل وخشوع يكرس في المصلين مشاعر الجماعة والضعف أمام الله وضرورة التعاون لرفع كلمته ورد حيف الظالمين يداً واحدة كما دعوا في الصلاة خلف الإمام بصوت واحد . وصلاة الجماعة مدعاة لأن يتفقد المسلمون أحوالهم في الملمات وعندما يصيب أحدهم شرّ ما . والزكاة أيها الإخوة هي عبادة جماعية يدفعها الأغنياء للفقراء في نفس البلد ثم إلى الأقرب فالأقرب من البلدان الأخرى فهي رباط إيماني أخوي يكرس المحبة والتآلف والإهتمام .
وللصوم أيضاً أهداف أهمها الإحساس بالآخرين للإهتمام بهم .
ولكن ما رأيكم في أن نفكر بوسائل تفعّل دور هذه الأهداف وتحسن من نوعية الأداء ؟
فالحج مثلاً أراه فرصة رائعة للقيام بالدراسات والبحوث المختلفة عن حياة المسلمين هنا وهناك للوقوف على حقيقة أمرهم .. وفرصة رائعة أيضاً لتعريف المسلمين بطبيعة التحديات التي تواجههم وما عليهم أن يفعلوه ، فهو فرصة عظيمة لتوحيد الرأي العام الإسلامي وتوجيهه وتغير الاتجاهات الخاطئة . إن الوحدة لا تأتي إلا من خلال مقدمات عقائدية وفكرية ، والحج المحضن الأفضل لزراعة هذه المقدمات في المسلمين عبر التأثير بالحجيج والذين بدورهم سينقلون هذا الفكر إلى الآخرين ؛ فالاتصال المباشر والشخصي من أقوى عوامل التأثير والتغير .
كما يمكن الاستفادة من المسجد لإقامة ورش البحث والتحري عن أحوال أبناء الحي لنساعد المحتاج وننصح الضائع ونشجع المستقيم . وما المانع أن نفتح ملفاً لكل شاب ندرسه ونهتم بأمره ونوجهه لما ينفعه وينفع المسلمين وفق قدراته وما متعه الله به من مواهب ؟ ولعل من المفيد أن يصبح المسجد مرصداً لرصد المخاطر الثقافية والاجتماعية والنفسية .. إلخ
وليكنْ بين مساجد كل حي أو بلدة مجلس تنسيقيّ يرأسه جمع من أهل الاختصاصات المختلفة وأصحاب القرار ، وليكن لهذا المجلس لجانه المالية لدعم أهل المواهب ، ولجانه الإجتماعية لتهيئة الظروف العامة لرفع كفاءة الإنتاج التعليمي والاجتماعي ..إلخ .. وهكذا نستطيع الاستفادة من كل طاقات الأمة ونستطيع استنفارها مما يختصر علينا الوقت ويقرب ساعة النصر وهذه أمور من الممكن أن نقوم بها بعيداً عن حساسية العمل السياسي ومشاكله ولا يوجد من يعارضها . وهناك مئات القضايا التي تقع في دائرة الأولويات والفروض الكفائية وبإمكاننا العمل بها دون حرج .
لا أدري لماذا نفكر جميعاً بالعموميات والخطط الاستراتيجية وإدارة البلاد ؟ ولا أدري والحال هذه من أين نأتي بالشعب إذا أصبحنا جميعاً زعماء ؟
أيها الناس أمامنا عمل كثير ومهم ولكل منا دور ولندع الأمر لأهله فإنه أمانة ومسؤولية أمام الله ولندعُ لأولي الأمر بالصبر والتوفيق والسداد والله من وراء القصد .