والقراصنة الصهاينة من يُحاكمهم!؟
معن بشور
فيما كانت شاشات التلفزة في العالم كله تنقل صور الصومالي المعتقل في الولايات المتحدة بتهمة القرصنة البحرية في ساحل الصومال، وفيما كان العالم يتابع أنباء ما يُشبه الحرب العالمية البحرية التي تشنها أساطيل دول كبرى ضد مراكب القراصنة في خليج عدن، وفيما يحرص أهل دوربان 2 على تجنب أي إشارة للعنصرية العدوانية الصهيونية، تنتظر "سفينة الأخوة اللبنانية" مصيراً غامضاً في ميناء (أشدود) الإسرائيلي، منذ ما يُقارب الثلاثة أشهر، بعد أن اختطها قراصنة "نظاميون" وهي تُحاول العبور إلى غزة عبر ساحل فلسطين ومياهها الإقليمية لتنقل لأهل القطاع المحاصر أدوية ومواد تموينية وألعاب أطفال يحملها رجال دين وحقوقيون وإعلاميون لا يتجاوز عددهم الثمانية حرصوا أن يسقطوا، وبدقة متناهية عبر رحلتهم الشجاعة، كل ذريعة يُمكن أن يستخدمها العدو...
وبالطبع ليست "سفينة الأخوة اللبنانية" هي السفينة الوحيدة التي تعرّض لها القراصنة الصهاينة، فقد تعرضوا قبلها وفي المياه الدولية لسفينة "الكرامة" وعلى متنها شخصيات أمريكية وأوروبية بارزة، وتعرضوا دائماً لسفن الصيادين اللبنانيين والفلسطينيين في المياه الإقليمية لبلادهم، وبل اختطفوا بعض الصيادين الذين لم يزل مصير بعضهم، كمحمد فران، مجهولاً...
كما أن القرصنة الإسرائيلية لم تنحصر في البحر الأبيض المتوسط بل امتدت إلى بحار أخرى في المنطقة، كما امتدت إلى الأجواء الدولية ذاتها فخطفت طائرة لبنانية وأنزلتها في مطار عسكري في صيف عام 1973، وأسقطت طائرة ليبية وعلى متنها وزير خارجية في أواسط الثمانينات، وطاردت طائرة سورية في أواخر الثمانينات كان على متنها مسؤولون سوريون كبار.
ألا يستحق سجل القرصنة الصهيونية هذا، البحرية منها والجوية، وقفة من المجتمع الدولي كما من الإدارة الأمريكية الجديدة التي "تحاول" أن تقدم نفسها بصورة أقل بشاعة من إدارات سابقة، بل ألا يستحق هذا السجل الحافل بالقرصنة، ناهيك عن قائمة الجرائم الإرهابية المتواصلة منذ تأسيس الكيان الصهيوني، متابعة قانونية من الدول العربية والإسلامية وأحرار العالم، بل ألا تستحق هذه القرصنة والإرهاب والمجازر والحصار واستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً إلى ما يُشبه "الحرب القانونية" على الكيان الصهيوني وحُلفائه، كما جاء في الورقة الهامة عن "البعد القانوني للمقاومة" التي قدمها البروفسور الحقوقي الأردني الدكتور محمد الحموري إلى المؤتمر القومي العربي في دورته العشرين التي انعقدت قبل أيام في العاصمة السودانية!!؟؟
بل إلى متى يستمر المجتمع الدولي بقيادته الأمريكية في الخضوع لازدواجية المعايير، وسياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع قضايا كالقرصنة والإرهاب ومناهضة العنصرية، بل إلى متى يستمر المجتمع العربي، بمواقعه الرسمية والشعبية، في الإحجام عن الرد العملي على جرائم العدو وقرصنته!!؟؟
فإذا كان المسؤولون العرب عاجزين عن رفع الحصار على قطاع غزة، بل إذا كان بعضهم متورطاً فعلاً في هذا الحصار، ألا تستحق الحملة الشعبية لكسر الحصار عن غزة نوعاً من المساندة والدعم على غير مستوى!!؟؟
وإذا كان المسؤولون العرب مكبلّين بألف قيد وقيد يمنعهم من الاضطلاع بواجب مواجهة العدو الصهيوني وردعه عن ارتكاب الجرائم المتواصلة بحق أبناء فلسطين والأمة، وفي مقدمهم أهل غزة، ألا تستحق سفينة "كسفينة الأخوة اللبنانية" المحتجزة لدى القراصنة الصهاينة شيئاً من الاحتضان المعنوي والمادي يُخفف عن أصحابها عبء خسائرهم المتصاعدة من جهة، ويُشجع أصحاب السفن الآخرين على تأجير سفنهم، لا سيما مع اقتراب موعد انطلاق أسطول الحرية الدولي من ميناء لارنكا!؟
قراصنة خليج عدن وساحل الصومال "إرهابيون" يستحقون الملاحقة والمطاردة، أما قراصنة البحر المتوسط وساحل فلسطين "حضاريون" يستحقون الدعم والتكريم الموشح بالصمت المطبق عن جرائمهم...
فإلى متى؟!