إلى أصحاب القرار الكرام
في وزارة الصحة
تحسين أبو عاصي
– غزة فلسطين –
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد :
أتمنى أن تصل إليكم رسالتي هذه ( حقائق بدون تعليق ) :
ليس نقلا عن لسان أحد ، بل مني شخصيا كمريض اقترب من الستين عاما في العمر، يعاني من مشكلات صحية متعددة ، تجربة خضتها بنفسي كمريض من بين ألوف وربما عشرات الألوف من المرضى هنا على أرض غزة ، وليس المقصود هو استجداء العلاج من احد أبدا ، فمعاذ الله من ذلك ، بل القصد هو أن تنقذوا أرواحا تعاني ما الله أعلم به من معاناة وألم ومشقة.... فلا يخفى عليكم حقيقة المعاناة في غزة ، وحقيقة أبعادها وما ترمي إليه......
إن الواقع المعاش في غزة ، والذي حذرت كل المنظمات الإنسانية من تفاقمه وتأثيره على حياة الناس ، يستدعي منكم المزيد من الوقفات الإنسانية ، والخدماتية الضرورية العاجلة ، فيكفي ما يتعرض له المواطن من هم وضغط وحصار وموت بطيء ، مما يجعل المواطن يشعر بالمزيد من الاغتراب على أرض وطنه ، من أجل ذلك أضع بين أيديكم الحقائق الآتية والبعيدة عن المبالغة أو التجميل ، على أمل عمل اللازم راجيا لكم ولمرضانا كل خير :
1- بالأمس القريب ذهبت برفقة والدي رحمه الله إلى المستوصف من أجل العلاج ، ولكن الطبيب على ما يبدو لم يشخص والدي التشخيص الصحيح ، فقد كتب له مضادات حيوية فقط ، على اعتبار أنه يعاني من لفحة برد ، وتبين فيما بعد انه كان يعاني من مرض السرطان في الرئة ، وقانا الله وإياكم منه ، وهو المرض الذي مات عليه بعد شهور قليلة....... ( حقائق بدون تعليق ) .
2- وقبل أسابيع قليلة من تاريخه ، شعرت بثقل في الصدر، وبضيق في التنفس ، وبأعراض مرضية أخرى مرافقة ، وفي خلال عشرين يوم من المعاناة ومشاكل المرض ، عرضت نفسي على خمسة أطباء ، (بدون رغبتي ، بل بحكم الأمر الواقع وفقا للإجراءات والخطوات الإدارية المتبعة في مستشفياتنا ومراكزنا الصحية ، من تشخيص وتحاليل طبية وصور وغير ذلك) .
الطبيب الأول كتب لي مضادا حيويا واعتبر ذلك من مشاكل الأنفلونزا ، والطبيب الثاني أشرف على تخطيط للقلب وأخبرني أنني أعاني من مشاكل في الشريان التاجي وربما أحتاج إلى عملية كسترة قلب ، وطلب مني صورة أشعة ، وصورة تخطيط للقلب عن طريق الجهد ، وعمل تلفزيون للقلب ، ومجموعة من التحاليل المخبرية ( كما يقولون فأنا أنقل الصورة كاملة بحس شعبي بسيط والبقية على المسئولين ) ، والطبيب الثالث وبعد أن رأى صورة الأشعة وعمل لي تخطيط قلب بالجهد الذي لم أتمكن من إتمامه ؛ بسبب ما شعرت به من ضيق في التنفس ودوار كاد أن يطرحني أرضا ، قال لي : معك تضخم في القلب وارتخاء في العضلة ، وأكد لي من جديد ما أكده الطبيب الثاني وهو : ربما أحتاج إلى عملية كسترة قلب ، وأما الطبيب الرابع فمجرد أن رأى صورة الأشعة قال بدهشة كبيرة كانت ظاهرة على وجهه : هل تمكنت من القيام بتخطيط عن طريق الجهد ؟ فلو رأيت صورة الأشعة لما طلبت منك صورة تخطيط جهد ، فتذكرت الطبيب المتخصص السابق الذي رأى صورة الأشعة ثم طلب مني تخطيطا عن طريق الجهد ، فأيهما أكثر فهما ودراية ؟ ومن يتحمل مسئولية ذلك التضارب والضعف والتخبط !!! . ( حقائق بدون تعليق )
تفاجأت بأن الطبيب الثاني الموظف في قسم العيادة الخارجية ، والذي يستقبل الحالات المرضية الخاصة بالقلب ، لم يكن متخصصا في القلب ، وكما قيل لي بأنه طبيب باطني ، وبسبب مشاكل حدثت بينه وبين زملائه الأطباء ، تم تحويله من قسم الأمراض الباطنية إلى قسم العيادة الخارجية لعلاج مرضى القلب !!! . ( حقائق بدون تعليق )
كان التناقض في تشخيص الأطباء للحالة المرضية ، وبالتالي التناقض والتضارب في وصف العلاج يسبب مزيدا من الإرباك لي ، وربما لمرضى كثيرين غيري ، مما يضع المرضى في مزيد من الحيرة والقلق والاضطراب ، فالطبيب الثالث وصف لي علاجا يتكون من خمسة أنواع وهي :
أوديمنت حبة على الريق +
سبيري بيبي حبة قبل النوم +
Liponil 20 حبة كل يوم +
Normiten 100 ربع حبة كل يوم +
Enaladex 10 mg حبة قبل العشاء
أما الطبيب الرابع فقد ألغى لي ثلاثة وأمرني باستعمال النوعين التاليين فقط وهما :
سبيري بيبي حبة قبل النوم +
Normiten 100 ربع حبة كل يوم +
(علما بأنهم من الأطباء المتخصصين في أمراض ومشاكل القلب ) ( حقائق بدون تعليق)
طلب مني الطبيب الأخير أن أذهب إلى أخصائي صدر، ذهبت إلى مستشفى الشفاء ووصف لي الطبيب العلاج الآتي :
سيبروكير حبة كل 12 ساعة بعد الأكل + شراب resyl ملعقة كبيرة ثلاث مرات يوميا كل 8 ساعات .
وبعد الانتهاء من كورس العلاج لم أتخلص من القحة ولا من البلغم .... وبقيت المشكلة . ( حقائق بدون تعليق )
وعند صورة التلفاز فلا بد من الحجز ولا بد من الانتظار اثني عشر يوما لكي يصلني الدور، ولولا الواسطة لما تمكنت من عمل صور التلفاز في اليوم الثاني ، وأما تخطيط جهد القلب فلم أجد له واسطة ، واضطررت لإجرائها في مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني بمبلغ وقدره ( 150 ) شيكلا أي حوالي أربعين دولارا، ويا ليتني أكملتها ، فلم أتمكن من إكمالها بسبب ما تبين من ضعف في عضلة القلب ، فقد قطعت المرحلة الثانية من تخطيط الجهد بالكاد ، وبقيت مرحلتان ، كما أنني لم أملك واسطة هنا لكي أجري تخطيط الجهد في مستشفى بيت حانون ، فالواسطة متفشية عندنا في غزة ليس من اليوم بل منذ زمن طويل ، وأعان الله كل مريض لا واسطة له . ( حقائق بدون تعليق )
3- عندما ذهبت لعمل صورة أشعة للقلب في العيادة الخارجية لمستشفى الشفاء المركزي ، كانت المعاملة جافة وكدت أن أنفعل رغم مرضي . ( حقائق بدون تعليق )
4- ذهبت لزيارة حفيدتي في مستشفى الدرة للأطفال فوجدت المياه مقطوعة ، سألت عن سبب قطع المياه في مستشفى أطفال ، فقيل لي هكذا المياه هنا تقطع ثم تعود !!! . ( حقائق بدون تعليق )
5- معاملة المرضى بعلو وكبرياء وفوقية !!! . ( حقائق بدون تعليق )
6- أما بالنسبة للتحاليل الطبية ، فإنني أستحلفكم بالله أن ترحمونا ، فمن تحليل يخرج آخر النهار، إلى تحليل يخرج يوم غد ، إلى تحليل يخرج بعد أسبوع وهكذا .... لذلك كنت مضطرا لإجراء كل التحاليل على نفقتي الخاصة ، مستغلا عامل الوقت من أجل الاطمئنان على صحتي . ( حقائق بدون تعليق )
7- كنت أجد من الاهتمام في عيادة الطبيب الخاصة ما لم أجده مطلقا داخل المستشفى . ( حقائق بدون تعليق )
8- شكوت من التهاب حاد في الأذن ، وكان العلاج عبارة عن :
قطرة جيبتوسين + قطرة دكسوتك خمسة نقط من كل نوع ثلاث مرات يوميا ثم كبسولات : كلاريكير حبة كل 12 ساعة ثم أبو فين أو لابو فين قوة 600 . حبة كل ثمانية ساعات ....
عدت للطبيب ذاته ، ولكن المشكلة لا زالت قائمة ...
كتب لي طبيب آخر العلاج الآتي :
أ- لكورام ( 625 ) ملجم حبة كل ثمانية ساعات + هيستفيد حبة كل ( 12 ) ساعة
ب- قطرة أذن : نوفو كورت لثلاثة أيام فقط ثلاث نقط ثلاثة مرات يوميا
عدت إليه والمشكلة لا زالت قائمة أيضا حتى عرضت نفسي على طبيب ثالث فكتب لي العلاج الآتي :
أ - قطرة أذن فلوكسين ( ثلاث نقط ثلاث مرات يوميا )
ت- + حبوب تروفين مرة صباحا ومرة مساء
ث- + سيروكير 500 ثلاث مرات يوميا
عدت إليه والمشكلة لا زالت قائمة أيضا
ثم زرت الطبيب الرابع فكتب لي العلاج الآتي :
أ - قطرة فلوكسين سبع أو ثمانية نقط كل ثمانية ساعات .
ثم كورس جديد : قطرة جنتيسين + قطرة ستيرو ديكس . من كل نوع خمس نقاط كل ثمانية ساعات ورش بودرة قبل النوم فقط وهي بودرة مركبة من صيدلية ابن الهيثم اسمها : لودازيد أسيد بورايكفي ....... ( فكان الله في عون مرضانا ) . ( حقائق بدون تعليق )
9- وفي معظم الأوقات : العلاج غير متوفر وعلى المريض أن يشتريه من خارج المستشفى . ( حقائق بدون تعليق )
10- وكما أسلفت منذ البداية فلقد اقتربت من الستين عاما في العمر، وعلى ما يبدو أن مشكلات صحية كثيرة ترافق كبر السن ، فقد عرضت نفسي قبل أسبوع أيام فقط على أخصائي مسالك بولية وكتب لي العلاج الآتي :
koho manga حبة 3 مرات يوميا +
Omnic o,4 + حبة واحدة يوميا
Permixon 160 mg حبة مرتين يوميا
Permixon حبة مرتين يوميا
وفي معظم الأوقات : العلاج غير موجود ( حقائق بدون تعليق )
والمشكلة لم تتوقف بعد ، فهل سوف أقوم برحلة معاناة جديدة على أربعة أو خمسة أطباء آخرين جدد !! ؟. ( حقائق بدون تعليق )
صرت أتناول حوالي اثني عشر نوعا ما الأدوية في اليوم الواحد ، علما بأنني كنت اعرض الأدوية السابقة على كل طبيب كنت أزوره مجددا ؛ لكي لا يحدث تعارضا بين الأدوية ، وكل ما سبق حدث في أقل من شهر واحد. ( حقائق بدون تعليق )
ولكي أجد نفسي في خلال شهر واحد قد دفعت حوالي مائتي وخمسين دولارا ، ما يعني تقريبا راتبا لموظف شهري . ( حقائق بدون تعليق )
الإخوة الكرام أصحاب القرار في وزارة الصحة : ربما ما ذكرت أعلاه يدعو إلى الشك والتساؤل ، ولكنني نقلت لكم الحقيقة كاملة وكما هي ، وبعيدة عن التجميل ، آملا منكم عمل ما يلزم رحمة بالمريض الذي يشكو ويئن بصمت ، ليس منذ اليوم فحسب ، بل منذ سنين ، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وفقكم الله لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .