إني أعتب على أهل الجزائر
فيصل الشيخ محمد
يوم الجمعة الماضية جرت الانتخابات الرئاسية الجزائرية، وعند فرز الأصوات حصد الرئيس العتيد عبد العزيز بوتفليقة ما نسبته 90,24% من أصوات الجزائريين، وكانت نسبة الإقبال على التصويت – بحسب ما قالته وزارة الداخلية الجزائرية (74%) – وهذا بعكس ما قالته بعض المواقع الإلكترونية المحايدة والتي قدرت نسبت الإقبال ب(16%)، ليشغل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ولاية ثالثة، بعد أن عدّل الدستور الذي كان يحدد للرئيس حق شغل منصب الرئيس لولايتين فقط، كما هو الحال في كل دول العالم التي تحترم نفسها وتقدر رأي شعوبها.
ولم يكن حال بوتفليقة بدعة مستحدثة، فقد سبقه إلى ذلك الفعل عدد من الرؤساء العرب، بل ومنهم من ذهب أبعد من ذلك فورّث، وآخرين في طريقهم إلى التوريث.
نعود إلى الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي هي آخر (موضات) العصر الديمقراطي في جمهوريات ملكية ابتكرت نظرية جديدة تستحق عليها براءة اختراع من نوع مميز وفريد.. اختراع دول هجينة تجمع بين (الجمهورية والملكية).
صحيح أن هناك جمهوريات سبقت بعض دولنا العربية شرف هذا الاختراع (دول هجينة بين الملكية والجمهورية) ولكنها لم تحظ بمباركة أمريكا، بل وصنفتها من دول محور الشر، وبالتالي لم تنل الحظوة التي نالتها بعض دولنا العربية التي طورت هذه النظرية واستحقت شرف المباركة من أقوى دولة في العالم.. التي لا تغيب عن جيوشها المنتشرة في كل بقاع الدنيا الشمس، وآخر دولة عربية نالت هذه المباركة هي الجزائر، حيث سارعت وزارة الخارجية الأمريكية مباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات بالجزائر، بإعلانها أنها (تتطلع قدماً للعمل مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي (فاز) بولاية رئاسية ثالثة).
عتبي على الجزائريين لأنهم بخلوا على رئيسهم بحفنة من الأصوات، كان يمكن أن تجعل منه بطلاً انتخابياً بامتياز، ويرشح لنيل جائزة نوبل الانتخابية، ويضاف اسمه إلى قائمة الخالدين، أصحاب (99,9%)!!
الشعب الذي قدم مليون ونصف شهيد لينتزع الاستقلال، من حق بوتفليقة عليه أن يمنحه كل أصواته، فمن يكرم الوطن بدمائه عليه أن يكرم قائده الضرورة الملهم كل أصواته، حتى يكون له رصيداً قوياً ودافعاً معنوياً، ليتمكن من جعل الجزائر (خابية عسل لا تنضب) ويقضي على الفساد والبطالة، ويوجد عمل لكل جزائري، ومسكن لكل أسرة جزائرية، ويمنح كل جزائري التأمين الصحي، وينشئ المصانع والمزارع، ويربط المدن بالطرق والجسور والسكك الحديدة، وينير بالكهرباء المدن والأرياف، ويقيم مدارس العلم والجامعات، ويبني المستشفيات والمراكز الصحية، ويوقف مسلسل الرعب، والصراعات القبلية والعرقية، ويجعل من الجزائر واحة أمن وسلام، ودولة ذات شأن في محيطها العربي والإقليمي والدولي.
عشر السنوات التي مضت لم تكن لتتيح للرئيس بوتفليقة فعل ذلك، لينتقل بالجزائر إلى المكانة التي يتمناها لها، وقد لا تكون الخمس سنوات القادمة كفيلة بتحقيق هذه الأحلام، ولهذا فعلى الشعب الجزائري أن يساعد الرئيس بوتفليقة في تحقيق أحلامه ويعدل الدستور ثانية ليكون رئيساً إلى الأبد، وهذا ما يريح الرئيس ويريح أعصابه لِيُعْمِلَ عقله في الإبداع والابتكار، وحتى لا يشغل نفسه في الإعداد لحملة انتخابية رابعة، ويضيع على الجزائريين الرخاء، والأمن والسلام، ورغد العيش السريع!!