السياسة فن الممكن ومبادرة الإخوان
"1"
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
تعالوا نتحاور ولا نتقاتل أو نتخاصم ، تعالوا نتفاهم ولا نختلف ، تعالوا نبني جسور القواسم المُشتركة مابين المعارضة والمُعارضة وما بين ما هو نافع حتى من النظام وغير النظام ، تعالوا ندفع بقوة التضامن الى تحريك النظام عن خطوطه التمترسية عبر لعب الأدوار المُختلفة ، تعالوا نُطبق الديمقراطية أولاً على أنفسنا ، ونتثقف بها قبل انتقاد الغير ، تعالوا ننبذ التطاول والفكر الشمولي من حياتنا لنتصرف كُعقلاء وليس على أساس ردّات الفعل وتحريك السفهاء ، تعالوا نمد أيادينا إلى بعضنا فالظلم قد طال كل فئات الشعب ، تعالوا ننسى الماضي لنعيش في الحاضر ونبنيه وفق أُفق جديد وتوجه جديد نستفيد من خبرة السنين لنترجمه واقعاً ونتغلب على كل مساوئ الماضي ، تعالوا لنجرب ألا يُخوّن بعضنا بعضا أو نُسفه أراء الآخر ، تعالوا ندرس الأفكار وننتقد وفق الأسلوب الحضاري كما فعل العديد من الكتاب والمُفكرين والقادة وليس كالمارقين الصغار ، تعالوا لنكون كباراً نترفع عن الصغائر والبروز على حساب الغير ، تعالوا نُحسن الظن بأنفسنا لنواجه المشكلات جميعاً ، تعالوا لنكون أصفياء ننبذ العنف والكراهية ونلعن الظلام لنُشعل شمعة ونسعى للمواجهة بالمحبة والحكمة، تعالوا نُحدد مطالبنا على قلب رجل واحد ، ونسعى الى الممكن من خلال مُحاولتنا الأولى لطي الملفات الإنسانية مع النظام على أقل تقدير كخطوة أولى ، فلقد تخت أجساد الآلاف في المُعتقلات دون أن نفعل لها شيئاً ، وفنيت سنين عشرات الآلاف من المُهجرين قسراً وهم في المنافي دون أن يتحرك ضمير الإنسانية الصمّاء أو تنفعها العنتريات الجوفاء ، بعدما بكت النساء والأطفال والرجال وما زالوا وهم ينتظروا غائبهم الذي لم يُعرف عن مصيره شيء منذ عقود ، ولم يُقدم لنا أحد أي مُساعدة لإنهاء هذه الملفات
ولأكون صريحاً أكثر ومثلما يقول المثل بأنه "ما حك جلدك مثل ظفرك " ليُراودني تساءل كبير عن إمكانية التحرك الشعبي الغير مُغطى لاستمراره ، والذي سُحق في السابق واللاحق وما زال مسحوقاً دون أن نرى أي دعم إنساني من أي دولة على نطاق رسمي وغير رسمي ، بل لا نرى إلا الغطاء الدولي لهذا النظام أو ذاك مهما بلغت تعدياته ، والقول بصريح العبارة بأنهم غير مُستعدين لتغطية أي انتفاضة شعبية أو رفع الغطاء عن تلك الأنظمة الاستبدادية ، وبالتالي فإن الدخول بأي مُغامرة من هذا القبيل فيه مُخاطرة للوصول إلى الإحباط ثانية وهذا ما لا نريده ويرجعنا إلى الوراء أشواطاً كثيرة ، وما توصلنا اليه من خلال نضالنا الطويل كحركات إسلامية من فهم للواقع قد يُخطئنا به البعض المُتحمس الذي انتقل الى المُعارضة من جديد أو يراه الآخرون صائباً ، وليس هذا موضع نقاش ، ولكن المشكلة في أن تصل بالبعض الأمور إلى حد تسفيهنا فهذا من الموبقات الكبرى كما فعل بكل أسف ونزل غالى هذا المستوى المتدني عبد الرزاق عيد وآخرون نُريدُ أن نُكن لهم الاحترام ما لم يصلوا إلى مرحلة قلة الأدب والتطاول الغير مُبرر ، ونحن على استعداد لنرد الصاع صاعين فيما لو استمر هذا الأسلوب الغير لائق المُشين ، الذي كما يقول المثل " كم لك في القصر قال من أمبارح العصر ، ليتطاول هؤلاء بأسلوب مُستهجن لا يستحق حتى الرد عليه لسطحيته وإسفافه وذهابه في المواضيع إلى غير محلها ، تضخيماً وتهويلاً وتأليبا ، بينما نرى على طرف آخر ، الانتقاد الهادئ كما ذهب إليه الأستاذ الكريم جان كورد وآخرون أجابوا على تسائلي " كيف ترى مُبادرة الإخوان المسلمين ذات طبيعة اليد الممدودة بتعليق مُعارضتها للنظام السوري "بشكل مُباشر أوغير مباشر ، ودخلوا في نقاش الموضوع بطريقة علمية كما فعل السيد ياسين الحاج صالح
ورداً على بعض التساؤلات الهادئة التي تناولها الأستاذ جان كورد في مقالته المنشورة في موقعنا أحرار الشام بعنوان " "كف عن المعارضة" أم خفض الصوت بعض الشيء؟" فأقول : بان ما طرحه لا يختلف عليها اثنان ، حول طبيعة النظام وتحالفاته وتكتيكاته واستخدامه لكل الأساليب للبقاء ، وكذلك أيضاً من حقنا كمعارضة إتباع كل الأساليب المتنوعة للعب على نفس منواله ، من استخدام كل الوسائل السياسية والدهاء والمُناورة وتقاسم الأدوار وما أُوتينا من قوة فكرية لإحراجه وإجباره على التراجع وزحزحته عن مواقعه المتشبث بها ، التي لم يتزعزع عن مواقفه تلك رغم كل أنواع الضغوط التي مورست عليه والخطاب الهجومي ، مُستغلاً التشنجات والتناقضات وكل الثغرات عند المُعارضة ، والاستفادة من الظروف الدولية واللعب بالأوراق الإقليمية وتحالفاته العنكبوتية ، دون أي مُناورة منا أو انتهاج أي أسلوب أو تكتيك سياسي يُحرجه ويضغط عليه ، مُعتمدين في مُعظم خطابنا على لغة الحماس والعاطفة اللتان لم تُقدما أو تؤخرا شيئاً مع نظام مُتحالف ومُتشابك في العلاقات الدولية والنظام العالمي القائم على المصالح الغربية ، التي لم تُعاقب لا في السابق ولا في اللاحق أي نظام مُدان بأعمال إجرامية ، وإنما فقط تضغط عليه لتبتزه كما فعلت مع أنظمة معروفه ، ومن ثم تُطلق له العنان من جديد ، لأنها لا زالت تستخدمه كأداة ، بينما نرى المثال الأوضح على الطرف الآخر الغير مُرضي عنه كالسودان الذي انبرى بعض الكتّاب للنيل منه وهم يعلمون تماماً بأنه لم يؤخذ بهذا الموقف المُتشدد بشماعة دار فور الغير صحيحة الاتهام إلا لأنه يقول لا للمخططات الغربية في تقسيم السودان ، ولا للانحناء للاستعمار والمُخططات التي تستهدف هذا البلد ، مع أننا كإسلاميين مع مُحاكمة أي مُجرم حرب ، ولكن لابُد أن تجري هذه الأمور على هذا المنحى بألا تسييس ، مع تقديم الأولى في ارتكاب الجرائم وعلى رأسهم قادة الكيان الصهيوني ، والمتورطين بمقتل الحريري رحمه الله، ولا مانع أن يكون بوش معهم ومرتكبي الجرائم في العراق ، وحينها عندما سيرى البشير تلك العدالة سيُقدم نفسه ليُثبت براءته ، لا لكي يُتخذ ككبش فداء