الممانعة الأسدية 3

د. عبد الله السوري

الممانعة الأسدية (3/ 8)

د. عبد الله السوري

[email protected]

كشفت الحرب الصهيونية على غـزة ، تخاذل الأنظمة العربية القائمة ، وهذا ليس جديداً على من قرأ نكبة (1948م) عندما ضاعت فلسطين ، لكن الجديد هو انكشاف سوءة أنظمة الممانعة والمقاومة ، وريثة نظام الصمود والتصدي ، انكشافها على عامة العرب ، أما أبناء الحركة الإسلامية في سوريا فيعرفون هذا حق المعرفة ، وصرحوا به مرات ومرات ، وكتبوه عشرات المرات ، وفي هذا الموضوع يوثق الباحث مايطرحه ويكشفه للعرب ؛ من حقيقة النظام الأسدي الذي يدعي الممانعة والمقاومة .

 شارون  يفاوض النظام الأسدي :

كشف المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" الصهيونية ( زئيف شيف ) : أن رئيس الوزراء الإسـرائيلي السابـق أريـل شــارون أجرى اتصالات سرية مع سوريا في العام 2004.

وأكد (شيف ) أن ممثلين عن شارون عقدوا لقاءات سرية مع السوريين في سويسرا، مشيراً إلى وجود وثائق حول هذه اللقاءات، تم جمعها في ملف أصبح يعرف باسم "الملف السويسري". وقال إن شارون أوقف هذه المحادثات مع السوريين لأنه "يدرك الثمن" ويعارض انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان .

المهم هي المفاوضات وليس الجـولان  :

[ لكن النظام الأسدي اليوم تخلى عن المطالبة بالانسحاب من الجولان ، إنـه يريد المفاوضات وإقامة علاقات حسن جوار لعل الصهاينة ينقذون رقبـته من حبل المشنقة الدولية ...وقد صرح وزير الخارجية السوري بأن الانسحاب من الجولان ليس شرطاً لبدء المفاوضات ] ..

 وإنه ( أي شارون )  أفشل في العام 2003 اتصالات أجراها وزير الخارجية الإسرائيلي في حينه سيلفان شالوم مع شقيق الرئيس السوري بشار الأسد ( أي ماهر الاسـد ) وشقيقة الرئيس السـوري ( أي بشـرى الأسـد ، زوجـة آصف شـوكت )في الأردن.


وكانت الحرب على العراق بدأت ، وعندها طلب شارون من شالوم إرجاء الاتصالات مع السوريين لمدة شهر، وبعدما تسربت تفاصيل حول هذه الاتصالات لوسائل إعلام (على ما يبدو من مكتب شارون)، تم وضع حد لها.

 

اتصالات مستمرة  :

وشدد (شيف) على أن "جميع رؤساء الحكومات في إسرائيل، بدءاً من اسحق شامير، أجروا اتصالات مع سوريا"، وانتقد ( شيف ) المسؤولين الإسرائيليين الذين يعارضون إجراء محادثات مع سوريا "مستندين إلى الإدعاء بأن الرئيس الأميركي) جورج بوش) يطلب من إسرائيل عدم إجرائها بسبب أداء السوريين في ما يتعلق بالعراق ولبنان وبسبب دعمهم الإرهاب الفلسطيني".

كما أكد أن اللواء في الاحتياط ( أوري ساغي ) الذي كان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أجرى محادثات كثيرة مع السوريين، ونقل عنه أن "المحادثات مع دمشق ليست أمراً مرغوباً به إنما هو ضرورة".

[ وهكذا فالمحادثات بين النظام السوري والصهاينة لم تنقطـع في يوم من الأيام ، بل هي مستمرة ، والتنسيق بينهما على قدم وساق ] .

تباطؤ الصهاينة جعل السوريين يتخلون عن مطلب الانسحاب من الجولان :

 وكتب (تومي لبيد ): في صحيفة (معاريف) الصهيونية يوم  20/12/2006  يقول :

يطلب الجميع الآن أن تستجيب حكومة إسرائيل، بلا تأجيل لا داعي له، إلى دعوة الرئيس السوري الأسد إلى بدء تفاوض سلمي. كما هي رغبة إسرائيل عندما كانت ما تزال تتصرف كدولة مستقلة لا كرعية لأمريكا، كان فيها التفاوض المباشر، بلا أية شروط مسبقة لب السياسة الاسرائيلية في الشرق الاوسط - يكتب (عاموس عوز).

قيلت نفس الأقوال وكُتبت بأقلام نفس المتكلمين قبل أن يعلن وزير الخارجية السوري أيضا بأن سورية مستعدة للتفاوض بلا أية شروط مسبقة. أي من غير أن تلتزم اسرائيل سلفا بالانسحاب من الجولان. لو استجابت الحكومة لنداء طالبي السلام السريع، لكان يفترض أن تعلن سلفاً عن تخليها عن الجولان. ولكن لأن الحكومة لم تبادر بردها، خفض السوريون الثمن وهم مستعدون الآن لبدء مباحثات من نقطة الصفر، لا من المكان الذي وقفت عنده ومن غير التزام النزول عن الجولان.

وتحت عنوان :

لايتنازل أولمرت عن الجولان ويتذرع بالرفض الامريكي حتى لا يفاوض السوريين .

كتب (جدعون سامت) في صحيفة (هآرتس)  الصهيونية يوم (20/12/2006 ) يقول :

واشنطن تعارض إسرائيل في محادثات مع سوريا :

من خلف تصريحات أهود أولمرت الغامضة حول التمسك بالمعارضة الامريكية للمفاوضات مع سورية، تختفي ذريعة واهنة صادرة عن رئيس وزراء يفتقر إلى الأجندة، إلا أنها في نفس الوقت إحدى المسائل الأكثر جوهرية التي تتعلق بالمستقبل الاسرائيلي. رئيس الوزراء أيهود ألمرت  تُشن عليه الانتقادات كذلك لرفضه التحدث مع دمشق وانتظاره للـ أوكي من واشنطن. عاموس عوز مثلاً انضم اليهم في الأمس. وليس صحيحاً أن أولمرت لا يملك أجندة. لديه أجندة كاملة وهي تكاد تنفجر من كثرة اللاءات التي توجد فيها. لا لسورية، لا للتفاوض مع القيادة الفلسطينية، لا لازالة البؤر الاستيطانية المستخفة بالقانون، لا للخطوات التي تُقلل من معاناة السكان في غزة، لا، ولا لتغيير أسلوب رئيس الوزراء المتغطرس.

إلى جانب كل هذه اللاءات توجد في فم أولمرت نعم كبيرة. هو يقول نعم لـ لا التي تصدر عن جورج بوش. في الموضوع السوري هو يتشبث بذريعة لأنه لن يعترف بالسبب الحقيقي: هو ليس مستعداً للنزول عن هضبة الجولان، وهو الذي كان قد قال في أحد تصريحاته المتعثرة قبل مدة غير بعيدة أن الجولان سيبقى إلى الأبد في أيدينا طالما بقي هو رئيسا للوزراء. سيتضح فيما بعد إلى أي حد كان حكم اولمرت أبدياً. وحتى ذلك الحين هو يفضل عدم التورط في خطوة سياسية خطيرة بالنسبة له مثل الموافقة على ترحيل عشرات الآلاف في الشمال والانسحاب إلى طبرية .

واليوم يكشف النظام الأسدي أنه يسعى إلى تمتين حكمـه ، ودعم كرسيه المهتز ، بالتفاوض مع الصهاينة ، لمعرفته أن الصهاينة يضغطون على الإدارة الأمريكية من أجل إعادة النظام السوري إلى دائرة عمـلاء أمريكا ....