ويحكم ... كيف تكذبون نبيكم؟
د. محمد يحيى برزق
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"استوصوا بأهل مصر خيرا" وقال صلى الله عليه وسلم "إنهم خير أجناد الأرض جميعا وإنهم كنانة الله في أرضه." أو كما قال صلى عليه وسلم.
إن حب مصر وأهلها عبادة يتقرب بها المسلمون في كل أنحاء المكان والزمان إلى الله.. لا خيرة لمسلم ولا لمسلمة مع رسول الله في هذا الأمر إلا أن ينصاع لأمره صلى الله عليه وسلم وأن يستوصي بأهل مصر خيرا وإلا فإنه يعصي محمدا ورب محمد.
إن العلة الظاهرة في وصيته صلى الله عليه وسلم أمته هي أن في مصر خير أجناد الأرض جميعا " دون منازع" بل إن هؤلاء الجند هم وحدهم من دون الأجناد كنانته في الأرض والكنانة هي جعبة السهام.
يا جند الله.. يا خير أجناد الله يا جند مصر.. هل يسركم أن يزكيكم جدكم محمد صلى الله عليه وسلم على كل أجناد الأرض وأن تكونوا جعبة سهامه؟ أم أنكم لا تعرفون أباكم فتنكرون ما قال؟ هل تعرفون ماذا يقال لمن ينكر أباه؟.. حاشى لله أن يكذب رسول الله.. فأنتم كما قال فيكم أبوكم ونبيكم"خير أجناد الأرض" لكن السؤال هو إذا كان لكل نبي عدو من شياطين الجن والإنس أين موقعكم من أعداء نبيكم؟ أم أنكم لا تعرفون عدوكم وعدو ربكم؟ قال تعالى:"والله أعلم بأعدائكم " وها هو ربكم يعرفكم بأعدائكم إذ يقول:"ولتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا".. أم أنكم يا خير جند الله لا تؤمنون بالله وبالتالي لا داعي لأن تعدوا لملاقاتهم وقتالهم لا عدّة ولا رباط خيل ولا إرهاب؟ وعلى الله أن يقاتل أعداءه لوحده؟!
يا خير جند الله.. لا تغرّنّّكم هذه الحدود التي فرضها الاستعمار بيننا وبينكم فتقولوا هذا مصري وهذا فلسطيني بزعمكم.. أمصري وفلسطيني؟ فنحن إخوتكم الذين لم يخونوكم يوما ولم يخذلوكم يوما ولم ييأسوا منكم أبدا فلقد كانت "إسرائيل" تحتل سيناء كلها فلم يخرج منا من يعترف بحق وجود وشرعية احتلالها لأرضكم، ولم يتجرأ أحد منا على حرمة شؤونكم فيتدخل فيها, إذ لم يقل أحد من قادتنا للأوروبيين "لن نسمح بانتصار المصريين على "إسرائيل" في معركة أكتوبر, كذلك فإن التاريخ لم يسجل أن أحدا من قياداتنا قد صرح بأنه "لن يسمح بدولة إسلامية في مصر".. لكن السادات في اتفاقه مع بيغن اعترف بشرعية وجود وبقاء "دولة إسرائيل" في أرضنا نحن الفلسطينيين. ورغم هذه المصيبة لم يتجرأ أحد منا على محاسبته على التدخل في شأننا وطعننا في ظهرنا وبيعنا بهذا الشكل القبيح والرخص المهين دون إذن منا..
إن من قام بمحاسبته هو واحد من أشرافكم.. إنه البطل "خالد الاسلامبولي" رحمه الله. ليكون سهما صائبا من سهام كنانة الله.
يا خير جند الله.. لقد نصركم الله على عدوكم اليهودي الذي كان يحتل أرضكم في معركة أكتوبر المجيدة.. المعركة التي كنا نظنها في اتجاه تحرير فلسطين أيضا, فهل لمّا حررتم أرضكم انتهت العداوة والبغضاء بينكم وبين عدوكم؟ فهان عليكم أمرنا وأملنا فيكم؟ لقد قال السادات أنه ذاهب ل"إسرائيل" لصناعة سلام يحمي كل مصري من بأس الحرب.. ولما عاد من توقيع السلام مع إسرائيل وجدنا أنكم يا خير جند الله تردون جميل شعبكم المصري الطيب.. هذا الشعب الذي تجند معكم في معركة العبور المظفّرة بالارتداد عليه بالقمع والملاحقة والتنكيل فقط لأنه مصّر على عدائه لأعداء الله الذين ينتهكون حرمات الله وينقضون عهودهم مع الله ويحتلون مسرى رسول الله ويسفكون دماء عباد الله. هل بعدما أراكم الله صفات عدوكم ونصركم عليه تضعون يدكم بيده وكتفكم إلى كتفه وتطبعون القبلات على جبينه فتوحدوا صفوفكم إلى صفه لتكونوا يدا واحدة على شعبكم وأمتكم؟ كيف تصنعون هذا يا خير جند الله؟ إنكم بوقوفكم ضدنا وضد شعبكم وأمتكم إنما تكذّبون نبيكم وتخذلون أمتكم, وإذ سلم المصريون من اليهود فهاهم لم يسلموا من بطشكم ولولاكم لفعلوا بمبارك ما كانوا قد فعلوه بالسادات لأنه سلطكم عليهم حماية لعدوهم الذي يقتل إخوانهم في غزة.. وأنتم تعلمون يا خير أجناد الله واجبكم الحقيقي تجاه عدوكم وتجاه ما يقوم به من مجازر في إخوانكم وراء معبركم الذي أغلقه رئيسكم دون أسباب الحياة في وجه إخوانكم في غزة..
ختاما.. ولن أطيل, إننا نفوض أمركم لكم فانظروا إن كان رئيسكم في عمله يطيع فيكم نبيكم فتطيعوه أو يطيع فيكم عدوكم فتعصوه وتحاسبوه وتردعوه.
لا.. ليس نبينا بالكذاب.. فهو صلوات ربي وسلامه عليه الصادق الأمين لذلك ليس أمامنا في أمركم إلا واحدة من اثنين.. فإما أنكم مصريون حقا وهذا لن يكشفه إلا وقوفكم صفا في وجه أعداء الله وعدوكم كما يقول نبيكم أو أنكم لستم مصريون وبالتالي لستم جند الله الذين زكّاهم نبي الله, بل أعداء جدد لله ولأبيكم رسول الله ولشعبكم ولأمتكم. لكم يا خير جند الله أن تقرروا شأنكم بأنفسكم وأن تختاروا المكانة التي تليق بكم.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون..