العالم اليوم بلا "بوش"

العالم اليوم بلا "بوش"

فمتى نتخلص من "بوشات العرب"؟

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

في هذا اليوم 20 – 01- 2009 يحل رئيس جديد في البيت الأبيض يخلف رئيسه الذي قضى فيه ثماني سنوات عجاف ، ذاقت البشرية بسبب حمقه ويلات كبيرة ، ولا سيما البلاد العربية والإسلامية ، فهذه أفغانستان كانت الضحية الأولى لمهووس ظن أنه ينصر السيد المسيح عليه السلام ، ثم كانت العراق الضحية الثانية . ولم تخلُ البشرية من أذاه المتكرر وحماقاته الدائبة حتى ابتلي العالم وفي مقدمته البلاد العربية بالتغوّل المالي الضخم ، فخسرت دول الخليج أكثر من ألفين وأربع مئة مليار دولار في أسواق العالم عامة والسوق الأمريكية خاصة .

ذهب جورج بوش ، فتنفست كثير من الأمم االصعداء ، وودعته بلعنات تتراكم عليه صباح مساء ، وتتبعه إلى مثواه خارج مركز الرئاسة الأمريكي ، تصب عليه أكواماً من الأحذية البالية ، والصور الكاريكاتيرية التي تعبر عن هزئها بذلك الذي كان شؤماً على بلاده قبل أن يكون شؤماً على غيرها . إذ قادها إلى مطبات تليها حفر، تتبعها خنادق جعلتها تتعثر ، فتفقد الكثير من الاحترام والتعظيم .

وعلى الرغم من مساوئ بوش الصغير إلا أن من حسناته أنه خرج من البيت الرئاسي ، فلم يورّث ولده ، ولم يزرع أقاربه في الوظائف لكبرى للبلد ، صحيح أنه كان وكيل الكثير من المؤسسات المالية هو ونائبه ديك تشيني ، فضما إلى رصيدهما الكثير من مليارات الدولارات ، إلا أنه لم يستطع أن يلتصق بكرسي الرئاسة أو يورّثه لقريب أو حبيب كم يفعل حكام البلاد العربية – أجلكم الله – فبعض الرؤساء – حين استولوا على الكراسي ، كتبوا بينهم وبينها معاهدة الالتصاق الأبدي ، وكان شعار المرحلة " إلى الأبد على صدور البلد " فمنهم من قضى نحبه على كرسيّه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدّلوا تبديلاً . ومنهم من استحلى الكرسي ، فغيّر قانون الانتخابات الرئاسية ، ليتمتع شعبه بخدماته التي عمّت البلاد ، ونفعت العباد !! فانتشر الكساد والفساد ، وتفاقم الحب والوداد ، وتعاظم الهدى والرشاد إلى درجة العقم والانسداد . وبعضهم رأى أن المواطن من حُكم سيادته استفاد ،فورّث الحكم للأولاد ،ولربما ينتقل هذا الخير للأحفاد .

ومنهم من أحب أن يكرّس الخير ، ويريح المواطن من همّ اختيار الرئيس – وإنه لهمّ وغمّ لو تعلمون عظيم – فجعل اختيار الرئيس حصراً من حزبه ، بل من فلذة كبده ، فوصّى بالكرسيّ للولد ، وسلّمه مهمة الحفاظ على البلد . ...

وهكذا أتعب " بوشات أمتنا " الكرام أنفسهم في خدمة المواطن والسهر على راحته ، فجمعوا نيابة عنه الأموال في أيدٍ أمينة !!، وكلفوا أقاربهم ، وأتباعهم بالتصرف باقتصاد البلد وشفط القليل والكثير ليعيش المواطن مرتاح البال من حيازة الأموال ، وأراح الحاكم مواطنيه كذلك من التفكير بالسياسة ، فهو يفكر عنهم ويرتب الأمور ويتصرف بكل نزاهة وعدالة ، وعلى هذا يجد من يتعاطى السياسة نفسه في تدمر أو كفر سوسة أو فندق ذات كواكب سفلية خمسة أو عشرة تحت الأرض حين يقحم نفسه فيما لا يعنيه ،ولربما ينتقل سريعاً للعالم الآخر ، وهذه ميزة للحاكم لا تُضاهى ...

" بوشات بلادنا " مقيمة ما أقامت ميسلون ، لا تفكر بترك البيوت البيض أو القصور السود ، فقد اعتادت أن تبقى فيها ، متجذرة في بلاطها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً ، ملتصقة في جدرانها ، خروج الأرواح أهون عليها من خروج الأبدان من هذا النعيم ، ولسان الحال يقول :

أنا   ههنا  إلى الأبد          أحيا   بلا   عدّ   وحدّ

متمسك  ،   لا أنثني         متجذر     مثل    الوتد

حتى أوسد في الثرى         وأغوص في ترب ولحد