غزة تنزف، متى الأفعال

إبراهيم مهدي الفاخر

إبراهيم مهدي الفاخر

[email protected]

بعد جريمة الحرب الهمجية الصهيونية ضد الشعب العربي الفلسطيني في غزة، تصاعدت موجات المظاهرات و الاحتجاجات و الانتقادات ضد مصر و ضد موقفها من العدوان الصهيوني  و ضد موقفها من فتح معبر رفح.

و تم اقتحام القنصلية المصرية في عدن اليمنية و في نفس السياق  تمت محاولة اقتحام السفارة المصرية في العاصمة اليمنية، و  في سوريا و  لبنان كانت هناك مظاهرات احتجاج أمام السفارات المصرية و تم رشقهما بالحجارة. و أيضا تمت محاولة اقتحام مكتب رعاية المصالح المصرية في إيران، هذا غير المظاهرات و التنديدات العديدة التي أطلقت ضد مصر و قيادتها و ضد مواقفها.

حقيقة كل هذه الأحداث أي  موجات التنديد ضد مصر و قيادتها و ضد سفاراتها و مكاتبها في الدول العربية و إيران أيضا لم تكن فقط تعبيرا عفويا عن شارع متعاطف مع غزة و لم تكن مجرد مواقف عابرة لبعض الجهات أو الشخصيات. و إنما هناك أيادي خفية قد تساعد في تحريك هذا الاتجاه  من خلال التستر وراء هذا الطوفان الثائر و المناصر و المتعاطف مع غزة و تنفخ في النار لزيادة لهيبها ضد مصر، من اجل توسيع رقعة نفوذها  و الحفاظ على مشروعها الاستراتيجي التوسعي في الوطن العربي و صفع مصر صفعة مؤلمة أي تصطاد في المياه العكرة.

 قبل أن نأتي إلى هذه الأيادي الخفية التي تحرك موجات العنف و الاحتجاجات و الحملات الإعلامية ضد مصر و تتجنب هذه الأيادي و أصحابها التطرق إلى الحرب الإجرامية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد غزة و أبنائها. قبل هذا لنتكلم قليلا حول المسؤولية القومية و الأخلاقية التي تقع على عاتق كل إنسان عربي.  إن فلسطين عامة و غزة في الوقت الحالي خاصة هما أمانتان في عنق الأمة العربية أنظمة و شعبا و يجب تحريرهما من  الاحتلال و الاضطهاد الصهيوني.

 اليوم العرب سواسية الكل ينطلق من المسؤوليات المترتبة عليه و من المكانة التي يتمتع بها، لأداء واجبه القومي و السياسي تجاه غزة في ظل هذه الأزمة. إن الإنسان العربي في اليمن و سوريا والسعودية و  لبنان.. قبل  أن يحتج فقط و يشجب موقفا عربيا خاصا يرى أنه قد قصر تجاه غزة و العدوان الجاري عليها أو أي موقف آخر، من باب أولى أن يتحرك في بلده و يعمل من أجل الضغط على الكيان الصهيوني و على الدول الداعمة لهذا الكيان(الدول الغربية) لإيقاف الهجمة البربرية التي ترتكب بحق أهلنا في غزة. و ذلك لا يتم إلا من خلال استخدام أوراق الضغط التي تملكها كل دولة عربية تجاه الكيان الصهيوني و أعوانه.  

إن اليمني يملك ورقة مضيق باب المندب، فبدل الانشغال بإعمال ثانوية قد لا تجدي نفعا ولا تؤثر على مجريات المذبحة الحالية،  أن يضغط على حكومته لإغلاق هذا المضيق( باب المندب)  أمام السفن و المراكب الأميركية و الأوروبية، فهؤلاء هم الذين يدعمون الكيان الصهيوني سياسيا و عسكريا و اقتصاديا و إعلاميا و هم الذين يسندونه في جميع المناسبات والاجتماعات. وذلك من أجل  تهديد مصالحهم و الضغط عليهم ليكفوا عن تقديم المساعدات و الدعم للكيان الصهيوني و ينصفوا القضية الفلسطينية.  كما إن المواطن المصري عليه أن يضغط على حكومته لمنع تصدير الغاز إلى الكيان الصهيوني و طرد سفير هذا الكيان من مصر و سحب السفير المصري من تل أبيب. و أيضا الإنسان الخليجي يملك ورقة ضغط أخرى و هي رابحة بامتياز، فبإمكانه إن يحتج و يضغط على حكوماته من أجل قطع النفط و الغاز و منع تصديره للدول الغربية - لو قُطع البترول شريان الحياة في الغرب لامتثلت هذه الدول للمطالب العربية المشروعة بخصوص القضية الفلسطينية. و أيضا بإمكان الإنسان العربي في الأردن أن يضغط على حكومته لطرد السفير الصهيوني من المملكة و سحب السفير الأردني من الكيان الغاصب.    

ثم المواطن السوري  بإمكانه أن يضغط على حكومته من أجل فتح جبهة الجولان المحتل ضد المحتل الصهيوني و مناصرة أبناء غزة، إن سوريا لا توجد بينها و بين الكيان الصهيوني معاهدة سلام حتى نقول ينبغي احترام هذه المعاهدة أو الاتفاقية و إنما الحالة القائمة بينهما هي حالة وقف إطلاق النار و بإمكانها  في أي وقت تفتح جبهتها مناصرة لغزة و إحقاقا للحق العربي. و أيضا  حزب الله في لبنان عليه أن يكون صادقا و يقف جنبا إلى جنب أهالي غزة و حركة حماس و يفتح جبهة الجنوب للضغط على الكيان الصهيوني و لا يبقى مكتفيا بشعاراته التحريضية،  و هكذا الحبل على الجرار في ما يخص أوراق الضغط و الإمكانيات الأخرى التي تملكها الدول العربية ضد الكيان الغاصب و أعوانه.

ثم  بدون أن نهتف ضد بعضنا و بدون أن نشجب مواقف بعضنا من باب أولى أن نبدأ بتقييم أنفسنا و مواقفنا لننطلق مساعدين ، داعمين لأهل غزة بالإمكانيات و أوراق الضغط التي نملكها .

و أما الأيادي الخفية التي تريد تحقيق أهدافها هي من خلال تغيير اتجاه البوصلة إلى دولة عربية لها حجمها و تأثيرها على السياسة العربية برمتها  لتستثمر هذه  الحرب الحالية لصالحها و لصالح  مشروعها التوسعي. هذه الأيادي  ترجع لتجار الكلام الذين يتحدثون من داخل قصورهم  عن دعم غزة و محو إسرائيل و لكنهم بالفعل لم يحركوا ساكنا و صواريخ شهاب و التقنية العسكرية تملأ بلادهم. فهؤلاء هم الذين احتلوا الأحواز البلاد العربية و أبادوا شعبها و هم الذين احتلوا الجزر الإماراتية الثلاث و هم الذين قالوا لو لا طهران لما سقطت بغداد و كابل و هم من يرتكبون أبشع الجرائم بحق العراقيين و هم من مارس التقتيل و التهجير بحق الفلسطينيين في العراق و هم  من بث الفتن و الضغائن في اليمن و لبنان و الكويت و المجتمعات العربية الأخرى  وهؤلاء هم من يشتمون العرب و يلعنونهم  و يستحقرونهم في مجالسهم و كتبهم و صحفهم  و لم يستثنوا منهم حتى الخلفاء الراشدين.... هؤلاء هم الفرس الذين أطلقوا سراح اليهود من السبي البابلي قبل آلاف السنين وهم من ساهم بإعادة صياغة التوراة، اليوم يريدون حرف المعركة بكل أشكالها من الكيان الصهيوني و إشغال الأشقاء مع بعضهم البعض لإضعاف الجبهة العربية ضد الكيان الصهيوني.

و أخيرا إن غزة أمانة في أعناقنا و في أعناق أحرار العالم وهي تذبح و تباد بواسطة المؤسسة العسكرية الصهيونية و أبنائها يستنجدون بأحرار العالم, فمن كان في رأسه نخوة عربية أو إسلامية أو إنسانية فلينهض و يعمل من اجل غزة و يترك الصراعات الجانبية و يترك تجارة الكلام. و النظام الفارسي صاحب الشعارات الرنانة و الانتقادات حول التخاذل العربي تجاه غزة و فلسطين كما يدعي - إذا كان حقا يدافع عن فلسطين و غزة، فلا  مجال للتسويف بالوقت فهو يملك الصواريخ التي يصل مداها إلى عمق الكيان الصهيوني فليضرب هو و حلفائه المحاددين لهذا الكيان و ليلبوا نجدة الأمهات الثكالى و الأطفال و الشيوخ و العجزة .. في غزة و لا يكتفوا بالشعارات و الخطابات المسمومة.