الكراسي الجامدة
محمد أبو الكرام
منذ بدء الغارات العدوانية على أرض غزة الفلسطينية و نحن نسمع عن عقد قمة طارئة لصد العدوان ، لكن الكراسي العربية كعادتها تخذلنا من جديد . و تعطيلها أو عدم عقدها ستسجل نقطة سيئة في سجل تاريخ تلك الكراسي المعارضة لها بدماء شهداء أرض الأنبياء.
فاعتراض مصر و السعودية على انعقاد تلك القمة المنتظرة منذ أول غارة حتى الآن يوضح جليا تبعية القرار السياسي الخارجي على حساب المصلحة العامة للأمة العربية و الإسلامية التي جرت و راءها تلك الأنظمة إلى أزمة داخلية مع رعياها بل مع الأسف ساهمت في حمل البندقية ضد شعبنا الأعزل بيد إسرائيلية.
رغم قوة العدو العسكرية و بساطة أسلحة المقاومة رسمت هذه الأخيرة بعون من الله سبحانه و تعالى لوحة بطولية بدماء شهداءها الطاهرة التي سيخلدها التاريخ إلى أن يرث الله الأرض و من عليها.
صواريخ المقاومة المباركة تنزل بركانا في قلوب العدو الجبان، الموت عندنا شهادة ففردوس أعلى، و الموت عندهم عذاب فجهنم.
حفنة من لقطاء العالم، شتتهم الله على الأرض، اعتقدوا أن سرقة أرض سيجدون شعبها لقمة سهلة صائغة على معدتهم، لكن منذ بداية الاحتلال و المقاومة تذيقهم المر تقف شوكة حادة في حلقوم العدو الغاصب.
هذا العدو الصهيوني لم يعتبر من درس صيف 2006 عاد من جديد لإعادة الثقة لشعبه و جيشه باستعراض عضلاته أمام شعب سلاحه *لا اله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم*. حكومة العدو أغرقت شعبها في حلم تحقيق عيش فاخر و أمن دائم و ما هي إلا أيام معدودة و تمحي اثر العروبة من هذه الأرض’ لكن هيهات من مجتمع يعتبر الموت و الشهادة عز وفخر خير من عيشة مذلة مهينة و يؤمن أن للدم ثمن غالي مقابل الاستقلال و الكرامة.
و الغريب يقف مجلس الأمن متفرجا من بعيد منتظرا فوزا كاسحا للعدو الإسرائيلي،و لا يتدخل هذا الأخير إلا إذا تعرض العدو لمقاومة شرسة ، و هذا ما عايشناه خلال جرب تموز على لبنان.
و تحرك الكراسي الدولية بخلق مبادرات أتت بعضها بلسان مشترك (عربي – دولي) يسمونها مبادرات السلام و تسميها المقاومة مبادرات الذلة و الاستسلام.و تلك الجهود لوقف إطلاق النار هي حثما مطلب إسرائيلي لوقف الهزيمة النفسية و السياسية التي يخشون من جسامتها و يتخفى وراء دماه التي يحركها بخيوطه عن بعد.
لكن وعي الكراسي الأوربية بخطورة مخلفات الحرب على المستوى الاجتماعي و الأمني و الاقتصادي على بلدانها جعلها تتحرك لوقف سريع للعدوان ، فصمود سلاح المقاومة البسيط وحصار مطلق لشعب غزة قبل الحرب و بعدها ، هز سمعة أقوى جيش و أغنى شعب غرس رقبته في التراب ، كما أثرت تلك الروح التي زرعت من جديد في أجساد الأمة العربية و أكدت أنها لا زالت بخير قادرة على التحدي و الصمود و الجهاد بالنفس و المال.
لدى كراسينا أوراق ضغط قوية حان الوقت لاستعمالها خلال تحركاتها الدبلوماسية في ظل الأزمة الاقتصادية العلمية التي يمثل العرب بطاقة ربح و خسران لأول مرة في التاريخ المعاصر تعيد لهم زمن العزة و الكرامة من جديد.