غزة .. كربلاء جديدة
د. مأمون فريز جرار
ترى من الذي انتصر في كربلاء ؟
سيف عبيد الله بن زياد ومن معه من قتلة الحسين سبط نبينا عليه وآله الصلاة والسلام أم دم الحسين ومن نال الشهادة معه ؟
الحسين بن علي بن فاطمة الزهراء على جده وآله الصلاة والسلام
توجه إلى العراق بعد أن جاءه منها رسائل كثيرة تقول له : إن مئة ألف سيف تنتظر نصرته وترتقب بيعته لتصحيح أوضاع المسلمين بعد أن وقع انحراف في نظام الحكم وامتدت آثاره في حياة المسلمين
ومضى الحسين إلى العراق لعل الله يصلح به حال المسلمين
ولم يصل الحسين إلى العراق حتى تغيرت الأحوال ،
وتغيرت القلوب فكان معه الدعاء وكانت السيوف عليه ،
غير الموقف الترغيب والترهيب ،
ووقع الحسين في أزمة ، وانكشف المخطط التصحيحي ،
وصار الحسين رهينة جيش يتابعه ،
ووقع حوار بينه وبين من يتابعه من جيش الدولة
وطلب منهم أن يتيحوا له العودة إلى المدينة فرفضوا ،
أو أن يتوجه لقتال أعداء الإسلام على الثغور فرفضوا
وطلبوا منه أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد ويزيد ،
أي أن يعطي الذلة من نفسه ،
وأنى لسبط رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام أن يعطي الذلة من نفسه ،
وقد كان معه من آل بيته ما يزيد عن عشرين من أبنائه وأبناء أخيه الحسن ومن أبناء عمومته وممن بقي معه من أنصار لم يزيدوا بمجملهم عن سبعين ،
ورأى الحسين أنها المنية ففضلها على الدنية ،
وأعذر إلى الله حين خاطب من أرادوا دمه ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان سفك دماء أهل بيت رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام ،
وكانت مأساة كربلاء ، ومجزرة كربلاء التي سجلت في تاريخ الإسلام موقف عز للشهيد الحسين ومن معه من آل بيته الذين لم يرضوا أن يتخلوا عنه ولم تطب لهم الحياة بعده
وليس مقصدي تفصيل ما كان في كربلاء لكن تداعي الأحداث ومرور ذكرى عاشوراء الحسين في خضم ما تشهده غزة من مجزرة صهيونية وتقصير العرب و المسلمين والعالم عن نصرة أهلها النصرة الحقيقية التي تتجاوز التظاهر والهتاف والبكاء والتبرع بالغذاء والدواء ،
أهل غزة اليوم كالحسين ومن معه في كربلاء ، في وقفة العز والبطولة ،
صحيح أنهم لا يذبحون بقصف من أشقائهم
لكن أسلحة الأشقاء صامتة ،
وجند الأشقاء ينظرون إلى ما يجري ولا يحركون ساكنا ،
والساكت عن الحق شيطان أخرس ،
والمتخاذل عن النصرة مشارك في الجريمة .
دماء الحسين وآل البيت تتفجر من جديد على شواطئ غزة وفي أرجاء القطاع
ونداء النصرة ينطلق من الحناجر
فهل تجدي الدموع والهتافات ؟
هل تنوب عن النصرة الحقيقية المطلوبة ؟
لئن ارتفعت من قبل نداءات : يا لثارات الحسين ،
وكان لمجزرة كربلاء توابع ألحقت اللعنة بمن شارك أو رضي ولم يستنكر
فإن ثارات غزة سيتردد صداها من بعد وسيكون لزلزالها من بعد توابع لا يعلم مداه إلا الله تعالى .
غزة اليوم تسطر في تاريخنا كربلاء جديدة يواجه فيها الحق وإن بدا ضعيفا في أعين الجبناء الباطل المستعلي المغرور بقوته وجبروته ،
ولا خيار أمام الحق وأهله إلا النصر أو الشهادة .