المبادرة المصرية ليست سوى نزع سلاح المقاومة
د. محمد يحيى برزق
غزة الصامدة
عندما ضرب العراق تل أبيب بصواريخ الحسين و العباس قال مبارك مصر "هئ ...هئ... دي ألعاب نارية ما بتعملش حاجة "
وعندما سئل عن الصواريخ الإيرانية التي جربت في حرب تموز 2006 في جنوب لبنان و النتائج المحتملة لأي مواجهة بين إيران و الولايات المتحدة في الخليج قال أحد الناطقين باسم الحكومة المصرية بأن الصواريخ الإيرانية مجرد دعاية إيرانية لا رصيد لها من الحقيقة و أن النتائج المحتملة لأي مواجهة بين إيران و أمريكا ستكون مدمرة لإيران حتما.
وعندما هجم الصرب على المسلمين في البوسنة و الهرسك طلع الناطق باسم الحكومة المصرية على الصحافة العالمية ليعلن بأن مصر لا تستطيع أن تقف أي موقف رسمي مما يدور من أحوال للمسلمين في يوغسلافيا.
وعندما منعت الحجاج من العودة إلى غزة عن طريق معبر رفح و تركتهم في البحر الأحمر على متن عبارتين وهاج العالم و ماج... قال مبارك "دي جعجعة إعلامية."
وقال أبو الغيط أنه يريد أن يكسر أرجل أي "أخ" فلسطيني يتجاوز الحدود المصرية. و قال أحد التافهين إن مصر لن تسمح بقيام إمارة إسلامية في غزة... لكننا نقبل بدولة يهودية فقط و هذه الأيام قال مبارك للأوروبيين أنه لن يسمح لحماس أن تهزم الجيش الإسرائيلي في غزة.
واليوم يقول أبو الغيط أن مصر تدعم السلام و أن فتح المعبر في رفح لمرور السلاح فهذا هو الشيخ نصر الله و نحن لن نساير الشيخ نصر الله مع أن مصر أرسلت سلاحا إلى قطاع غزة أثناء القتال بين حماس.
وطغمة حرس الرئاسة ثم اعتذرت بعد ذلك قائلة:"كنا نظن أن ذلك يصب في مصلحة القضية الفلسطينية."
ولا ننسى موقفهم من الحرب التي أعلنتها إسرائيل على لبنان ضد حزب الله.فهم لا يعترفون بأي انتصار لحزب الله و كذلك فإنهم لن يعترفوا بأي انتصار لحماس حتى و لو أعلنت عن استعادة المجدل.. لأنهم لا يريدون ذلك.
إن الذي يحدث في غزة على يد اليهود هو ما كان على حرس رئاسة عباس أن يقوموا به ضد حماس بمساعدة:"إسرائيل و مصر و الأردن ." الذين أرسلوا كميات هائلة من السلاح بشكل رسمي لأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية..
لكن الله أبطل كيدهم و استولت حماس على أسلحة ما كانت تحلم في امتلاكها أبدا..في الواقع كل الدول و الهيئات و الجماعات المقاومة لأمريكا هي نظر فراعنة مصر مجرد "هلافيت" حتى إن هذه المومياءات الفرعونية لم تعد تعتبر حقيقة الغزو الفرنسي لمصر أيام نابليون استعمارا بل تلاقحا حضاريا أفادت منه مصر أكثر من استفادتها من فتح الإسلام لها. الإسلام الذي يجب أن يبقى معلبا و مكيسا لا يغادر عتبة المسجد تماما مثل ما هو عليه في الأزهر الشريف الذي تحول بفضل بركات مبارك إلى كنيس أو كنيسة إسلامية لا دخل له بأي شيء يحدث خارج جدرانه العالية.
و يجب أن لا تعترف الدولة بأي حزب له... فحركة الإخوان تنظيم محظور و يجب منعه من الوصول للبرلمان بكل الطرق غير الشريفة.مازال خبثاء كامب ديفيد يصرون على ضرورة عودة الفلسطينيين الى طاولة الحوار مع اليهود لتوطيد و تدعيم فرص السلام... يذكرونني بالعرف السائد في كثير من الدول العربية و على رأسها مصر في تسوية وضعية جريمة الاغتصاب و ذلك بأن يجبروا المغتصبة على الزواج من المجرم الذي اغتصبها...
إن المبادرة التي تفتّق عنها مخ فرعون مصر في إلحاحها على ضمان عدم تكرار ما حدث بين حماس و إسرائيل بأن تمنع تهريب السلاح من تحت و فوق الأرض و ذلك بمساعدة قوات دولية داخل الحدود الفلسطينية ليس سوى معاقبة لأهل غزة و ذلك بتجريد المقاومة فيها من السلاح في الوقت الذي تبحر فيه كميات كبيرة من الذخيرة الأمريكية من اليونان إلى إسرائيل بعضها يتم استعماله لأول مرة ضد المسلمين في غزة... فقط لأنهم انتخبوا حماس التي لا تريد أن تعترف بدولة الجريمة و شرعية امتلاكها لأرضهم.
في الواقع نحن.. رغم جراحاتنا العميقة و خيبة أملنا في جيراننا الذين كشفت لنا الأيام أنهم يهود أيضا أو أكثر قذارة و همجية منهم , نحن فخورون أن يعتقد جنرالات إسرائيل أنهم لا يستطيعون هزيمتنا و قهرنا إلا إذا استعملوا ضدنا كل هذه الأنياب و المخالب و الطواحين من طائرات لا مثيل لها و صواريخ و قنابل و غازات منها محرم ضد الحيوانات و آخر ضد القطط و بعضها ذكي و آخر غبي... و نحن فخورون أكثر..
إننا نغيظهم بأننا مازلنا نخيب آمالهم ...يقتلوننا بكل أدوات القتل... لكننا و يا للعجب... لا نموت بل و أكثر من ذلك... إننا نصيبهم إصابات على قدنا و نطمع بأن ينصرنا الله عليهم..
إن مبارك عندما يستدعي عباس فذلك لكي يضيف البهارات الفلسطينية على الطبخة المصرية الفرنسية... عباس الذي لم يعد يمثل إلا نفسه بعد نهاية مدة رئاسته دستوريا, و لم يعترف أحد به إلا هو و المصيبة أن اعترافه بنفسه يعتبر كافيا عند أمريكا و باقي الدول الديمقراطية. و طبعا كل دول البقر و الغنم و البط و الوز في وطننا العربي المدهون بألوان بيت الشعر الخالد :"بيض صنائعنا سود وقائعنا خضر مرابعنا حمر مواضينا"
المهم... قال عباس... يجب قبول للمبادرة المصرية... و إذا كانت المقاومة تقتل شعبنا فنحن لا نريدها.
على أي حال إن ما يحدث للفلسطينيين هو بالضبط ما يشفي غليله من حماس و الناس الذين انتخبوا حماس.. إن المتعوس و خايب الرجا قد أجمعا في قمتهم على الخطأ التاريخي الذي ارتكبه صلاح الدين الذي تسبب في قتل عشرات الآلاف من المسلمين في معاركه ضد الصليبيين في سبيل استنقاذ المسجد الأقصى تماما في نفس الحماقة التي ارتكبها البطل محمود قطز الذي تسبب هو الآخر في قتل مسلمي مصر في معركة عين جالوت ضد المغول.
أما مهرج البلاط الفرعوني فقبلاته "لكندو خيشة رايس" تكفي لاستعادة ليس فقط المسجد الأقصى بل حتى الأندلس.