من يوقظ العملاق ؟

ـ الجزء الأول ـ

 د. محسن الجنان – حماة الأقصى

  اليوم لما استيقظت من النوم، وفي غمرة التفكير فيما يعانيه إخواننا في غزة، خطر في بالي أن أشبه الأمة الإسلامية بعملاق، فهي بالفعل أمة عظيمة بدينها وتاريخها وعدد المنتسبين إليها... لكنها للأسف كما يعلم الجميع تعاني أمراض عدة، ومن نتائج ذلك أنها عجزت لحد الآن عن تحرير فلسطين أو حتى فك حصار غزة الذي فرض عليها منذ سنتين، أو على الأقل التصدي للعدوان الصهيوني الأخير. لذلك فهذا العملاق عليل يكاد يعجز حتى عن الحركة، فتبادر إلى ذهني سؤال : من يعيد الحياة إلى هذا العملاق ليسترجع قوته وهيبته ؟

 لقد أثار انتبهاي وأنا أمر في الشارع، وعند دخولي لمقهى الأنترنت، وفي مروري في أماكن عديدة، أن التلاميذ الذين يدرسون بمدينتي الصغيرة يدندنون بشعارات تضامنية مع غزة، استغربت كثيرا، وطبعا لم أتردد بعد ذلك في سؤال أحدهم عن السبب، فكان الجواب أنهم لليوم الثالث أو الرابع على التوالي يقومون بوقفات ومسيرات تضامنا مع غزة، حتى أنهم هذا اليوم لم يدرسوا لا في الصباح ولا المساء، كل ذلك من أجل غزة !!

لقد سألت نفسي في البداية : ألا يمكن أن يكون مثل هؤلاء التلاميذ الذين بدل أن يذهبوا للمدرسة لطلب العلم فيها، صاروا يتوجهون إليها لحفظ الشعارات "لأجل غزة"، ألا يمكن أن يكونوا هم من سيصنع الحياة في العملاق بصراخهم وشجبهم؟ هل هذه هي الطريقة ؟ فإذا بي وجدت نفسي أستبعد ذلك، فالأمة الإسلامية نهضت على مر التاريخ بالعلم، وتراجعت للوراء بسبب الجهل، وحتى أعداؤنا اليوم لقد تفوقوا في العلوم فكان لهم شأن كبير، فكما قال عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة : "الآن دخلنا في عصر انتقلنا فيه من مجتمع مبني على الإنتاج، إلى مجتمع مبني على المعرفة"، ويقصد بذلك أن المجتمع الأقوى في العصر الحالي هو الذي يهتم أكثر بالمعرفة والبحث العلمي...

إن نصرتنا لغزة على هذا الأساس ستكون أكثر جدوى إذا زدنا في اجتهادنا في دراستنا بدل أن نقاطعها طول هذا الوقت، مع العلم أن هذا الخيار الأخير يجد فيه الكثير من التلاميذ راحتهم ويشعرون فيه بالحماس، في مقابل أن طلب العلم يحتاج إلى همة عالية وإلى جد وعمل.

فعاد السؤال الاول من جديد : من يعيد إذن الحياة للعملاق؟ من هم يا ترى ؟

يتبع..