الثعلب... في بيتنا!
الثعلب... في بيتنا!
صلاح حميدة
تستضيف بعض القنوات العربية الفضائية بشكل دوري سياسيين وعسكريين وأكاديميين صهاينة، وفي ذروة العدوان المجزرة على قطاع غزة تجتهد هذه القنوات- وخاصة قناة الجزيرة الفضائية- في استضافة مجرمي الحرب الصهاينة بشكل دوري على شاشاتها، وتعطيهم الفرصة لترويج أكاذيبهم، والقيام بترويج حرب نفسية مضادة، تمنحهم الفرصة لقول ما يريدون، وتدخلهم عنوة إلى بيوتنا عبر الشاشات، وفي ساعات ذروة المشاهدة.
أكثر ما لفت نظري في هذه المقابلات مع مجرمي الحرب الصهاينة هو اللقاء مع مجرم الحرب شمعون بيريس، ومجرم الحرب آفي ديختر، ومنح الفرصة للمؤتمرات الصحفية لمجرمي الحرب من رؤوس الكيان الغاصب، ولي على ذلك ملاحظات :-
*منذ قيام دولة الصهاينة على أرض فلسطين، ثبتت هذه المؤسسة الاستعمارية أساسيات في إدارتها للملف الاعلامي الداخلي، فهي لا تستضيف أحداً من الاعلاميين والسياسيين العرب، أو أي من الطرف المعادي لهم، وكان من أبرز استنتاجات حرب تموز مع حزب الله، أنهم قالوا من المحظور منح أي فرصة لعدوهم ليأخذ منصة إعلامية لهم ليخاطب جمهورهم منها، وهم لا يستضيفون إلا خبراء أمنيين وإعلاميين مختصين في الحرب النفسية، ليقولوا ما يرفع معنويات مجتمعهم الاستيطاني، وكل متابع لإعلامهم، يلحظ أن هذا الاعلام إعلام دعائي، وليس إعلام موضوعي، ففي الحرب حتى ولو كنت موضوعياً وتريد عرض كل وجهات النظر، فلا يجوز إطلاقاً منح منبرك الإعلامي لعرض وجهة نظر عدوك، وتحاوره، بل يجب عرض بعض تصريحاتهم في تقارير إعلامية والكتابة تحت صورتهم مجرم الحرب فلان.
* على وسائلنا الإعلامية أن تعلم أن هؤلاء المجرمين، يخاطبوننا عبر خطة معدة مسبقاً لتفتيت جبهتنا الداخلية، وبث الفرقة بيننا، ومن المعيب إعطائهم الفرصة لتبرير جرائمهم ومجازرهم في قطاع غزة، فهم يحاولون إقامة شرخ عميق بين الجمهور والمقاومة، من خلال دعايتهم، ومحاولتهم استفزاز واستدراج المقاومة، ومحاولة تشويه صورتها أمام جمهوها وحاضنتها الشعبية، والغريب أن أحد مذيعي الجزيرة(محمد كريشان) كان يحاور مجرم الحرب بيريس(الثعلب) جزار قانا، وكأن هذا الثعلب أستاذه، ولم يرتق في حواره معه إلى المستوى الذي نلاحظه في جرأته عندما يحاور قائدأ في المقاومة، أو سياسي فلسطيني.
كما أن وسائل الإعلام العربية مطالبة باستضافة خبراء فلسطينيين في الشؤون الصهيونية، كعزمي بشارة، ووديع العواودة، ومحمد الطيبي، ومحمد بركة، وغيرهم.
*أعاد مجرم الحرب بيريس، سؤلاً جوهرياً وهو(لماذا تطلق حماس علينا النار؟)، والغريب أن مذيعاً محترفاً كمحمد كريشان لم يستطع أن( يقلع عينه) بجواب دامغ، فمجرم الحرب هذا، يسكن في بيت زميل محمد كريشان في قناة الجزيرة جمال ريان، بعد أن اغتصب بيته وطرد أبويه منه، فهذا كان أقرب مثال أمامه ليقوله له، فالشعب الفلسطيني له حقوق اغتصبها هؤلاء المجرمون، حتى أن الدكتور حمامي،أطلق على صواريخ المقاومة(صواريخ العودة)فمن يسكن قطاع غزة أغلبهم من المناطق التي يقصفونها الآن، بعد أن اغتصبها هؤلاء المجرمون.
*عندما تسمع مجرم الحرب آفي ديختر، ومجرم الحرب (الثعلب) شمعون بيريس وهم يدافعون عن الجامعة العربية، ويدافعون عن المواقف المخزية لأنظمة عربية، وأطراف فلسطينية بعينها، ويقول علانية أنه يحارب حركة حماس نيابة عن هذه الأطراف، وأنه حصل على مباركتها لارتكاب المجازر في غزة، وأن هدفه وقف ما أسماه (انقلاب حماس على الشرعية)، وأنه يريد (إعادة الشرعية إلى غزة )، ويطرح نفسه محامياً عن هذه الأطراف.
هذا الطرح يزيد ويعمق الشرخ الفلسطيني والعربي الداخلي، ومجرد تبني مجرمي الحرب للخطاب الإعلامي لتلك الأطراف العربية والفلسطيني، سيحرق هذه الأطراف إلى الأبد، ومجرد صمت هذه الأطراف،إضافة إلى بعض ممارساتها الميدانية والإعلامية، سيجعل الجماهير تعتقد بما يقوله هؤلاء المجرمون، فلذلك هذه الأطراف إن لم تكن حقيقة مشاركة ومؤيدة للمجزرة في قطاع غزة، فعليها الكثير لتفعلها ميدانياً وإعلامياً.
* على وسائل الإعلام العربية والفلسطينية أن تحذر مما يروجه هؤلاء المجرمون، فهم يضعون المبررات لجرائم جديدة، فقولهم مثلاً أن قيادة حماس تحتمي بالمستشفيات، وأن المساجد تستعمل لتخزين المتفجرات، وكذلك البيوت الآمنة،يعد تمهيداً وتبريراً لهذا القصف، أو لقصف جديد، فعلى وسائل الإعلام العربية أن تلجأ لإعداد تقارير مصورة عن كل بيت، وكل مسجد، وكل مستشفى، وكل مؤسسة خيرية تم قصفها، وتبرز للعالم ما يتم من جرائم، وكذب روايات مجرمي الحرب، فكم واحداً من قادة حماس قتل في قصف المستشفيات والمؤسسات والبيوت؟ وكم مخزناً للأسلحة قصف؟ وعلى وسائل الإعلام تركيز تقاريرها على المجازر التي تقوم بها هذه القوات بحق المدنيين الآمنين، وقتلهم بدم بارد، وما بدأ يرشح من إخبار حول مجازر على نمط مجازر دير ياسين في منطقة العطاطرة، ومنطقة الزيتون، يجب أن يسلط عليه الضوء وبتوسع، وبتقارير مصورة ومفصلة عن كل عائلة، وعن كل مجزرة.
* من المهم أن تنتبه وسائل الإعلام العربية، إلى المصطلحات التي تستخدمه، فيجب تغيير مصطلحات (الهجوم على غزة) ب(العدوان على غزة)و(السيد شمعون بيريس) ب(مجرم الحرب شمعون بيريس)، و(الجيش الإسرائيلي) ب(قتلة الأطفال في غزة)...الخ.
من المهم لوسائل الإعلام العربية والفلسطينية أن تنقح أي خبر منقول عن وسائل الإعلام الصهيونية، وعليها أن تأخذ الملاحظات السابقة بعين الإعتبار، فلا موضوعية وحيادية في الحرب،ففي المعركة يوجد مفاصلة (إما معي، وإما ضدي)، ففي الحرب يتجند الجميع للمعركة وأوله سلاح الإعلام، ولذلك يجب عدم منح مجرمي الحرب(الثعالب)، فرصة التهام عقولنا واجسادنا، بإدخالهم إلى كل بيت من بيوتنا.