مكاسب النظام السوري

عبد الله القحطاني

مكاسب النظام السوري ،

من التناقض بين أقواله وأفعاله !

عبد الله القحطاني

·        يحسن آل أسد الظنّ بذكائهم ، إلى حدّ الهوَس ! فلا يرون في الكون ذكياً واحداً ، يمكن أن يكشف أساليبهم الماكرة ، بلْـهَ أن يكون هذا الذكي الواحد ، أذكى منهم !

·        ولوكان حسن ظنّهم هذا ، بذكائهم الشديد ، متعلقاً بهم وحدهم ، لكنّا ـ نحن أبناء سورية المبتـلَين بحكمهم ـ أقلّ الناس اكتراثاً بهم ، وبذكائهم ، وبمكرهم ، وبعبقريتهم ! إلاّ أن تذاكيهم يسبّب لنا ، ولبلادنا ، كوارث لايعلمها إلاّ الله ! والكثير منها ظاهر للعيان ، والمخفي أعظم ! وبناء على هذا ، نجد أنفسنا مضطرّين ، للحديث عن بعض التجلّيات العبقرية ، في ذكائهم النادر ، ومكاسبهم منه ، وانعكاساته على بلادنا وشعبنا .. فنقول :

 إن مكاسبهم من التذاكي ـ وأهمّ عنصر فيه ، هو التناقض بين الأقوال والأفعال .. أيْ ، بالعربي الفصيح ، وبلا دبلوماسية : الكذب الصرف الصراح ـ إن مكاسبهم من هذا التناقض ، واضحة لديهم بنسبة ما ، وواضحة لدى عقلاء سورية ، بنسبة أكبر بكثير، من وضوحها لدى أصحابها ! ومن مكاسبهم التي يرونها لأنفسهم ، ما يلي :

ـ إنهم يجلبون لأنفسهم الخير ، من سائر أطرافه ، ومن سائر الأطراف التي يتعاملون معها ، في الساحتين الداخلية والخارجية ! وعلى سبيل المثال : إذا كانت بعض الحكومات العربية ، قد أبرمت اتّفاقات صلح مع إسرائيل ، واستعادت أراضيها المحتلّة ، وتحمّلت نقداً من بعض الأفراد والأحزاب في دولها ، وبيّنت ، هي ، للناس ، فوائد بلدانها من هذه الاتفاقيات ، والظروفَ الملجئة إليها ، على ضوء معادلة القوّة والضعف ، السائدة في المنطقة.. وتركت الأبواب مشرعة للمستقبل ، بظروفه وأجياله ، لتفعل ماتستطيع تحقيفه ، لأنفسها وبلدانها ؛ كما أشار السادات ، ذات يوم ، بعد توقيع اتّفاقية كامب ديفيد .. إذا كانت هذه الحكومات ، فعلت هذا بوضوح ، وتحت الشمس .. فصدقت مع أنفسها ، ومع  شعوبها ، ومع العالم .. وكسبت ـ بالانسجام بين أقوالها وأفعالها ـ أراضيها المحتلّة ، ومعها ثقة شرائح معيّنة من شعوبها .. فإن النظام الأسدي الذكيّ جداً ، لجأ ، منذ البداية ، وما يزال ، إلى الفصل ، التامّ ، بين أقواله وأفعاله .. وإلى الكذب الصرف ، في أقواله كلها ، في الشأن الداخلي ، والشأن الخارجي .. وذلك لتحقيق مايلي :

1) كسب الدعم والتثبيت ، لكراسي آل أسد ، من قبل إسرائيل وأمريكا ! وذلك بأفعالهم ، التي يتجسّد فيها أبشع أنواع الخيانات الوطنية ، التي عرفها البشر! ومِن أشنعها : تسليم الجولان لإسرائيل بلا حرب ، ثم حراسة حدوده لها ، من قبل الجيش السوري .. فلا يعكّر صفو الاحتلال أحد ، كائناً من كان !

2) كسب المغفّلين ، من أبناء الشعب السوري ، ومن غيرهم ، من هواة الشعارات .. كسب هؤلاء وأولئك ، بالشعارات البرّاقة ، عن الصمود والتصدّي .. ثم عن الممانعة ، والوقوف في وجه المخططات ، الصهيونية والأمريكية التوسّعية ، في المنطقة العربية كلها ..! فيكون آل أسد ، الأذكياء العباقرة ، قد جمعوا الخير من أطرافه ، دون أن يخسروا شيئاً ، ودون أن يوجّه إليهم نقد ، أو لوم ، من شعوبهم .. ودون أن تهدّد كراسي حكمهم ، من قبل أطراف خارجية ، في المنطقة ، أو من خارجها !

3) كسب بقاء الجولان ، سلعة سياسية في أيديهم ، يتاجرون بها ، ويقمعون أصوات شعبهم ، بحجّة الصراع مع إسرائيل ، لاسترداد الأرض السليبة .. ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة !

4) إبقاء الذريعة الفجّة ، بين أيدي آل أسد ، لذبح شعب سورية ، ونهب ثرواته وخبراته ، واستعباد أهله ، وخنق أصواتهم ، بقانون الطوارئ .. واتّهام كل مَن يحتجّ على أيّة جريمة ، من جرائم النظام الحاكم ، بأنه خائن ، يريد ( توهين نفسية الأمّة !) وقانون الطوارئ بانتظاره ! وإذا أحيل هذا المواطن ، إلى محكمة جزائية مختصّة ، أرسِلت للقاضي ، الأحكام الواجب صدورها بحقّه ، والحجج والمسوّغات ، الدافعة إلى صدور هذا الحكم !

5) أمّا على مستوى الداخل ، وشعاراته : من وحدة وحرية واشتراكية .. وانعكاس هذه الشعارات على أرض الواقع .. فقد عرف شعب سورية ، كله ، هذه الأمور، بل حفظها عن ظهر قلب ، وعرف ماذا كسب منها ، وماذا خسر.. وماذا كسب منها (الرفاق!) وماذا خسروا ، لحاضرهم ومستقبلهم ، ومستقبل حزبهم العتيد ، الذي صار أسدياً بحتاً ، وحَمل كل مافي جعبة آل أسد ، من ( قيم نبيلة ، وشيم أصيلة ، وأخلاق رفيعة ، وطباع سامية!) وصار مؤهّلاً لحكم العالم ، كله .. لا لحكم الأمّة العربية الواحدة ! ولعلّ رفاق البعث خارج سورية ، ممّن لم يحكم حزبهم بلادَهم ، بعد .. لعلّهم يدركون هذه المعاني جيّداً ، ويستشرفون مستقبل أحزابهم في دولهم ، على ضوئها ! وإذا عجزوا ، هم ، عن الاستشراف ، فلن تعجز شعوبهم عنه !

* ماورد ، أنفاً ، هو بعض الحديث ، عن بعض مكاسب آل أسد ، من تذاكيهم ! ونرجو أن تتاح فرصة قريبة ، للحديث عن بعض خسائر هؤلاء العباقرة ، من هذا التذاكي ! وقد باتوا يعانون من ويلات تذاكيهم هذا ، عربياً ودولياً ! أمّا وطنياً ، فالأمر يحتاج إلى أمور أخرى ، يعرفها شعب سورية ، وجيشها ، وفصائلها المعارضة .. وكل مهتمّ عاقل ، بالشأن السوري !

( ونحسبنا في غنى ، بالطبع ، عن التذكير ، بأن القائد الوطني المخلص ، هو الذي يقدّم لشعبه ، المكاسب الحقيقية على الأرض ، ويناور ضدّ أعدائه ، بشعارات ، يرفعها  للاستهلاك ، أو الخداع ، أو كسب الرأي العامّ العالمي ، أو كسب الوقت ، أو نحو ذلك ! أمّا الحاكم الخائن ، فهو الذي يفعل العكس ، تماماً : يخادع شعبه بالشعارات الزائفة ، وبالكلام الفارغ المنمّق .. ويقدم لعدوّه كل مايريد من مكاسب ، على الأرض ) !