لا جدوى بدون عقاب مكلف

لا جدوى بدون عقاب مكلف

كلوفيس مقصود

تشكل مجزرة غزة لحظة اختبار للارادة العربية على مستوى القرار. لذلك يجب أن يتخذ الاجتماع العربي – والأفضل أن يكون على مستوى القمة – قراراً بقطع أي علاقة مباشرة ديبلوماسية او غير ديبلوماسية مع اسرائيل فوراً.  فاذا لم تكن ثمة كلفة واضحة تتحملها اسرائيل فان اجترار الإدانات يعمّق فجوة الثقة او ما تبقى منها بين النظام العربي القائم وجماهير الامة المحبطة حالياً. فمسؤولية النظام العربي ألا يدفع هذه الجماهير الى حافة اليأس، وهذا هو الخطر الأكبر والذي يشكل تداركه أولوية مطلقة.

واذا اتخذ اجتماع دول الجامعة العربية قراراً بدعوة مجلس الأمن الى اصدار قرار فيجب أن يكون بموجب الفصل السابع والا فالأفضل ألا تلجأ الى مجلس الأمن. واذا ذهب العرب الى المجلس بدون التزام نهائي لفرض عقوبات على اسرائيل فان أي قرار آخر ينتقص من صدقية الأمم المتحدة، وبدل أن يمارس ضغطا حقيقياً على اسرائيل يكون القرار الصادر مائعاً بالنسبة الى المطلوب ويكون العرب هم المضغوط عليهم.

وفي كل الحالات اذا لم تقطع العلاقات مع اسرائيل فهذا يعني ان اي قرار دون الحد الادنى المشار اليه سيكون المدخل الى فقدان احترام الغير لنا، وان إداناتنا للعدوان مرشحة للاستيعاب، وان ما تقوم به لن يؤخذ على محمل الجد.

اما ان يقال لنا ان قطع العلاقات الديبلوماسية او غيرها من العلاقات سيؤول الى صعاب لقطاعات كثيرة من المجتمع الدولي، فجوابي عنه ان مجزرة غزة بدون كلفة لمرتكبيها ستستولد كوارث اخرى. بعد مجزرة قانا عام 2006 طالبنا بتعليق العلاقات... ولم تتم الاستجابة بذريعة "الواقعية"! واستولد التهاون بعد مجزرة قانا مجازر غزة وفلسطين

بعد ثلاثة ايام يكون قد مر على تأسيس حركة "فتح" اربعة واربعون سنة. وفي هذه المناسبة يجب ان تبادر هذه الحركة بتصميم عنيد الى تأكيد اولوية الوحدة الوطنية لأن اسرائيل تمارس المجازر على الشعب الفلسطيني بالتقسيط. واذا لم تسترجع فتح "ثوريتها" وتقفل باب المحادثات مع اسرائيل فستكون الكلفة حاسمة بما يؤدي الى فرض اعتراف اسرائيل بكونها محتلة وليست مالكة تدّعي حقها في الاستيطان وتهويد القدس مع استباحة دماء الشعب الفلسطيني وحرماته.

الوحدة الفلسطينية هي التي تعيد المناعة الى المقاومة فتصبح بدورها طليعة شعب فلسطين مثلما عرّفت "فتح" عن نفسها في اول كانون الثاني عام 1965. والمهم ان يدرك العالم في هذه اللحظة المفصلية ان الكلفة التي يلحقها العرب مجتمعين باسرائيل هي العقاب المطلوب لردعها عن التمادي في استباحة دماء شعب فلسطين اضافة الى خرقها المتواصل لحقوقه الوطنية  والانسانية.

قد تكون هذه فرصة لاستعادة احترام العالم لجدية التزاماتنا وفاعلية قراراتنا.

لقد حان الوقت لتكون الكرامة مكوناً رئيسياً لسياساتنا، وشرطاً لاستقامة علاقاتنا الدولية.